أعتقد أنه يجب إدراج "الموازنة العامة" كبند أساسى فى أجندة الحوار الوطنى، الذى دعا إليه الرئيس السيسي..
فإذا كانت الموازنة - ببساطة - عبــــارة عن ما تتوقعه الحكومة من موارد، وكيفية استخدامها، فمن الملاحظ أن لدينا "مشكلة" وطبقا لما شرحه وزير المالية ذات نفسه، أو ما كشفت عنه مناقشات البرلمان قبل إقرارها.
فالموارد المتوقعة حوالى تريليون و517 مليار جنيه، نسبة 90% منها متحصلات ضريبية، و912 منح، و373 متحصلات أخرى.
هذا بينما تبلغ النفقات 2 تريليون و70 مليارًا، أى لدينا عجز نقدى مبدئى 553 مليارًا، أضف إليه أقساط القروض المستحقة 965.5 مليار، وأيضا عجز الهيئات الاقتصادية 5.2 مليار، إذًا إجمالى العجز 1523.7 مليار جنيه.
وهو ما وعد وزير المالية بتدبيره من خلال القروض، وهى عبارة عن أوراق مالية وأذون خزانة وسندات، وهو ما يعنى زيادة جديدة فى حجم الدين العام.
وهل يمكن ترشيد بعض هذه النفقات؟
الإجابة المباشرة بالنفى؛ لأن أغلب بنود النفقات ضرورية جدًا، فمنها الأجور والتعويضات، ثم شراء السلع والخدمات، والدعم والمنح، والاستثمارات العامة، ثم أخيرًا فوائد الديون، وهذا البند وحده يبلغ 690 مليار جنيه.
هذا مع العلم أن وزارة المالية فصلت "أقساط الديون"، التى تبلغ 965.5 مليار جنيه، عن استخدامات الموازنة وادعت – فى جملة خادعة – أن هذه الأقساط لا تمثل عبئا على الموازنة؛ لأنها إهلاك للدين العام، ولا تدخل فى العجز النقدى أو الكلى أو الفائض الأولى!
وقد يكون صحيحا أن العجز النقدى بالموازنة (553) مليارا، الذي يمثل حوالى 6% فقط من الناتج المحلى الإجمالى والبالغ 7.5 تريليون جنيه، ولكنه أيضا يمثل أكثر من 25% من إيرادات الموازنة!
ولكن المشكلة الأكبر فيما سمى بـ "موازنات الهيئات الاقتصادية"، التى بلغت أكثر من 2 تريليون و676 مليار جنيه، حيث تكاد تقترب فى حجمها من الموازنة العامة للدولة.
والمعنى.. أن لدينا "موازنتان" فى مصر، هذا بخلاف الصندوق السيادى، الذى يجب أن تقدم الوزارة المسئولة عنه تقريرا دوريا عن نشاطه للبرلمان والرأى العام.
والغريب أن الهيئات الاقتصادية تحصل من الموازنة العامة للدولة على أكثر من 355 مليار جنيه فى صورة قروض ومساهمات، بينما إجمالى ما يـــؤول للموازنة منها لا يزيد عن 185 مليارا فى صورة فائض أو ضرائب أو أدوات وأغلبها يأتى من البترول وقناة السويس!
والخلاصة لابد من تعميق التصنيع المحلى و التوسع الزراعى مع تصدير المنتجات المصنعة وليست الخام فقط مع زيادة الصادرات سنويا وبنسب معقولة للوصول إلى الرقم المستهدف (100 مليار دولار) إن شاء الله.