بعد زيادة الفائدة ومخاوف الركود.. أسهم البنوك الأوروبية تعود إلى الأضواء

بعد زيادة الفائدة ومخاوف الركود.. أسهم البنوك الأوروبية تعود إلى الأضواءصورة ارشيفية

اقتصاد وبنوك27-6-2022 | 06:28

قلبت مخاوف التضخم و الركود المتصاعدة، رأساً على عقب، ما كان يبدو عاماً بارزاً لأسهم البنوك الأوروبية، ومع ذلك أصبح بعض المستثمرين، مثل "بلاك روك" و"أموندي"، أكثر تفاؤلاً بشأن آفاق قطاع يُنظر إليه على أنه يتمتع برأس مال جيد، ويتم تداوله بالقرب من أرخص المستويات منذ عقد -وفق ما نشرته الشرق بلومبرج-.

بدأ العام، الذي شهد بداية جيدة للغاية للبنوك في المنطقة، في الانحراف بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى مخاوف بشأن التأثير على النمو الاقتصادي، وبعد تحقيقها مكاسب وصلت إلى 15% في الأسابيع الأولى من العام، وتفوقها على جميع القطاعات الأخرى، عكست أسهم البنوك على مؤشر "ستوكس 600" مسار الصعود.

فرصة رائعة
يرى رئيس قسم الأسهم في "أموندي"، كاسبر إلمغرين، أن البنوك في أوروبا أقل خطورة بكثير مما كانت عليه في السابق، في ظل وجود نسب رأس مال قوية جداً، ويشعر نايجل بولتون، كبير مسؤولي الاستثمار في "بلاك روك فاندمنتال إيكويتيز"، بالتفاؤل أيضاً، قائلاً في مقابلة إنه الوقت المناسب لزيادة التعرض للقطاع باعتباره يقدم "فرصة تقييم رائعة".

حلت المخاوف من احتمال حدوث ركود محل التفاؤل بشأن مميزات ارتفاع الفائدة، ما جدد القلق بشأن قطاع كان يعاني من ضعف الأداء خلال أكثر من عقد. وتتداول البنوك حالياً بخصم نسبته 40% على مؤشر "ستوكس 600" وفقاً لنسب السعر إلى الربحية الآجلة، أي قرب قاع نطاق زمني يمتد لـ20 عاماً.

يثير الوضع الحالي استياء الرؤساء، مثل الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته لبنك "باتكو سانتاندير"، خوسيه أنطونيو ألفاريز، الذي أعرب في وقت سابق من الشهر الجاري عن "إحباطه" من سعر سهم البنك.

عائدات السندات
من شأن الارتفاع في عائدات السندات العام الجاري أن يدعم أسهم البنوك، وبينما تراجعت العائدات قليلا، لكنها لا تزال أعلى من المستويات القريبة من الصفر أو السلبية المشهودة في عام 2020 وأغلب 2022، وهو قد يعزز الأرباح.

يقدر محللو "سيتي جروب" أن كل زيادة بمقدار 25 نقطة أساس في أسعار الفائدة الأوروبية ترفع توقعات أرباح البنوك في منطقة اليورو بنسبة 4%، وقالوا إن البنوك المتوقع لها أن تحقق أكبر استفادة هي "بانكو دي ساباديل" (Banco de Sabadell SA)، و"كومرز بنك"، و"بانكنتير" (Bankinter SA)، و"سوسيتبه جنرال".

بتعبيره إما "الآن أو أبداً"، يعتقد ديفيد نافارو، مدير صندوق الأسهم في "آندبنك ويلث مانجنت" (Andbank Wealth Management) في مدريد، أن الوقت الحالي هو وقت شراء أسهم بنوك المنطقة، والمتداولة دون أكثر من 50% عما كانت عليه قبل الأزمة المالية في 2008.

وقال في مقابلة: "إذا لم ننزلق إلى ركود، فإن التقييمات المنخفضة، والفائدة المتزايدة، والبنوك ذات رأس المال القوي ومخصصات الخسائر الكافية وتوزيعات الأرباح الجيدة تصنع جميعها حجة استثمار قوية".

علاوة على ذلك، عادت صفقات الاستحواذ إلى الطاولة، ونقلت "بلومبرج" الشهر الجاري أن بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي أعرب عن رغبته في استحواذ محتمل على المنافس الهولندي "إيه بي إن أمرو بنك"، ما أحيا التوقعات بموجة من الاندماج في القطاع.

ترى كريستينا بينيتو، رئيسة الأسهم للمحافظ التقديرية في "مابفري أسيت مانجمنت" (Mapfre Asset Management)، أهمية بالغة في اتباع نهج انتقائي، وقالت في رسالة بالبريد الإلكتروني: "قد تكون هناك قيمة في البنوك الأكثر دفاعية، وذات المراكز المالية الأفضل، والتي يعد دخلها أكثر حساسية لارتفاع أسعار الفائدة".

مع ذلك، إذا استمر الهبوط المشهود في عائدات السندات الحكومية الألمانية الأسبوع الماضي لفترة طويلة، واستمرت فوارق العائد في الاتساع، فقد تواجه البنوك مشكلات أكبر.

يُرجّح محللو "جيه بي مورجان تشيس آند كو" أن يكون أداء المقرضين "ضعيفاً جداً" في حال وقوع أي ركود، لكنها ستصبح "فرص شراء ممتازة" عندما تصل مخصصات الديون المعدومة إلى ذروتها، ويوصي استراتيجيو "بنك أوف أمريكا"، بقيادة سيباستيان ريدلر، بإعطاء وزن أقل للبنوك في المحافظ الاستثمارية، ويرون أنها عرضة لأي انخفاض في عوائد السندات ناتج عن انخفاض الطلب وضعف النمو.

وفيما يلي نظرة على أداء أسعار أسهم البنوك الأوروبية حسب الدولة أو المنطقة:

إسبانيا
البنوك الإسبانية هي الأكثر استفادة من ارتفاع الفائدة، إذ أن عملها الرئيسي في الإقراض يركز في الغالب على القروض العقارية، والتي سيعاد تسعيرها مع رفع البنك المركزي الأوروبي للفائدة، ويعد "كايكسا بنك" (CaixaBank SA) و"ساباديل" صاحبا أفضل الأسهم المصرفية أداءً في أوروبا العام الجاري بمكاسب تزيد عن 35%، كما تأتي البنوك المحلية الأخرى مثل "بانكنتير" (Bankinter) و"يونيكاجا بانكو" ضمن المنطقة الخضراء.

إيطاليا
أثرت الشكوك حول قدرة البنك المركزي الأوروبي على السيطرة بشأن تجزئة الديون السيادية بالمنطقة على البنوك الإيطالية بشدة، والتي عانى بعضها أيضاً من التعرض لأوكرانيا وروسيا، وانخفضت أسهم "يونيكريديت" بنسبة 27% العام الجاري، وهبط "إنتيسا سانباولو" 19%، ورغم هدوء الوضع نسبياً على الجبهة السياسية، فإن الانتخابات العامة المقررة العام المقبل قد تأتي مباشرة في قلب ركود محتمل، وتثير مناوشات سياسية لا تبشر بالخير للبنوك.

وسط أوروبا
نتيجة لتمتعها بنماذج أعمال إقراض كلاسيكية، ستكون البنوك الهولندية والألمانية مثل "كومرز بنك" و"آي إن جي غروب" و"إيه بي إن أمرو" من أكبر المستفيدين من الفائدة المرتفعة، وفي الوقت نفسه، يعتبر "دويتشه بنك" قصة انتعاش للعديد من المستثمرين، وإن كان بزخم أقل مما كان عليه قبل عام، في حين يُنظر إلى "كوميرز بنك" و"إيه بي إن أمرو" على أنهما من بين أهداف الاستحواذ الأكثر احتمالية.

بريطانيا
في حين أن بنك إنجلترا يتقدم على البنك المركزي الأوروبي فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فإن فوائد المقرضين في المملكة المتحدة تفوقها مخاطر الرهن العقاري ومخاوف الركود المماثلة للسوق الأوسع، ورغم مرور ست سنوات على تصويت البريطانيين على مغادرة الاتحاد الأوروبي، لا تزال "بريكست" تطارد سوق الأسهم المحلية، وفي غضون ذلك، يقاوم أكبر بنك في أوروبا، "إتش إس بي سي هولدينغز"، دعوة أكبر مساهميه لتقسيم أعماله الآسيوية.

سويسرا
في ظل تعرضهما الكبير لإدارة الثروات، عادة ما يُنظر إلى "يو بي إس غروب" و"كريدي سويس" على أنهما يتمتعان بنموذج أعمال مستقر، وبينما يعد "يو بي إس" بين أفضل خيارات بعض المحللين، فقد تراجعت أسهم "كريدي سويس" بنسبة 33% العام الجاري، وسجلت مستوى قياسي منخفض في يونيو، متأثرة بسلسلة من الفضائح والصفعات بما في ذلك خسارة قدرها 5.5 مليار دولار من تصفية صندوق "أركيجوس كابيتال"، وانهيار الشريك "جرينسيل كابيتال"، وسلسلة من التحذيرات بشأن الأرباح.

شرق أوروبا
يعد "رايفسين بنك إنترناشونال" (Raiffeisen Bank International AG) هو الأسوأ أداءً بين البنوك على "ستوكس 600" العام الجاري، إذ انخفضت أسهمه بنسبة 59% بسبب تعرضه لأوكرانيا وروسيا، وفي غضون ذلك، تتعرض البنوك البولندية لضغوط لكي تلغي فوراً التكاليف المتوقعة من إعفاءات سداد الرهون العقاري التي اقترحتها الحكومة لحماية المقترضين من الارتفاع السريع في أسعار الفائدة.

أضف تعليق