ملحمة.. نعم ملحمة تاريخية بالمعنى الكامل للكلمة، ووصفا عادلا وليس تحيزا لتحرك قام به أبناء هذا الشعب – كنت واحدا منهم – وإنما تحيز وانحياز لفكرة جليلة ومقدسة تولد فى كل مصري، تسكن فيه ويعيش بها ، فكرة "الانتماء للوطن والولاء للأرض"، هذه الفكرة التى سكنتنا جميعا وكانت المحرك الأساسي ووقود الزحف المقدس نحو الخلاص من ذلك السواد، الذي جثم فوق صدر الوطن منذ 2011 وحتى 2013.
إنها " ملحمة 30 يونيو "، التى أثبت خلالها الشعب المصري للعالم كله أنه الأكثر ثقة فى نفسه والأشد يقينا بدولته ومؤسساتها، وأنه كان على حق عندما وثق فى وطنية جيشه، فكان بطلا للحظة عابرة وفارقة فى تاريخ الأمة المصرية، هزم خلالها التحدي الأكبر وصنع بعدها المستحيل ولا يزال.
لقد عشنا منذ عام 2011 وعلى مدار عامين تقريبا، وبسبب ما بثته رياح الخريف العربي المسموة، حالة من التوهان والاضطراب والانفلات والضعف لم نرها أو نعشها من قبل، وفى 2013 بدأت حالة من الأخونة والاستقطاب الحاد تفت فى عضد الوطن، حالة كادت تتمزق فيها أوصاله، وتتوه معها ملامح شعبه وهويته، فقد تقسمنا رغما عنا بين مؤيد لـ "المشروع الإسلامي"، وبين مناهض له يوصف أحيانا بـ "العلماني" ، وأحيانا أخرى بـ " الكافر "، وبين التأييد والرفض تناحرنا وتعاركنا واندفعنا دفعنا نحو "حرب أهلية".
كادت الرياح تخلع أوتاد خيام الوطن وتلقي بها فى غياهب مجهول وقف على نواصيه إرهابيون وسجناء جهاديون من ذوي الفكر المتطرف خرجوا بأوامر رئاسية، تسللوا بين المصريين فى طول البلاد وعرضها، واستوطن أخطرهم سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة متطرفة تستمد العون من أنفاق التهريب مع قطاع غزة، التي حظيت بكل الدعم والحماية من رئيس الدولة نفسه؛ لتكون له ولجماعته بعد ذلك العون والسند فى الحرب الأهلية، التى كنا نقترب منها يوما بعد الآخر، لولا أن يد الله كانت ممدودة لهذه الأرض وسخرت له جيشا وطنيا غيورا فكان العون والسند ، والمشعل لفكرة " الانتماء والولاء" داخل المصريين الشرفاء، لضاع وما بقي منه سوى ما بقي من أوطان كثيرة حولنا.
تحركنا فى 30 يونيو أمواجا وراء أمواج، فى زحف مقدس تحت مظلة دفاع من جيشنا العظيم.. بهرنا العالم وألهمنا الشعوب والأمم وأثبتنا للجميع صحة اختيارنا وإصرارنا على مواصلة التحدى وبناء جمهورية جديدة فى الماضي كانت أم الدنيا وفى المستقبل ستكون إن شاء الله" أد الدنيا ".
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن