أعرب كير جيلز، الكاتب البريطاني والخبير في القضايا الأمنية التي تؤثر على روسيا، عن اعتقاده أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبذل كل طاقته لكي يطيل أمد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وأشار الخبير الأمني في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى أن مواقف الدول الغربية المتخاذلة إزاء الحرب في أوكرانيا تصب في مصلحة الرئيس بوتين حيث إنها تمكنه من تحقيق هذا الهدف.
وأوضح جيلز أن الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي والدول الغربية يحدوهم الأمل أن تضع الحرب أوزارها في أوكرانيا قبل الشتاء المقبل في ظل التفوق في ميزان القوي الذي تتمتع به روسيا في ميدان القتال.
ويشير الكاتب إلى أن استهداف روسيا لمركز تجاري في أوكرانيا والذي أدى إلى مصرع ما لا يقل عن 18 شخصاً أول أمس يمكن تفسيره على أنه رسالة شديدة اللهجة لقادة مجموعة الدول الصناعية السبع وقادة حلف شمال الأطلسي بعدم اكتراث موسكو بتصريحات الشجب والإدانة التي يطلقها الغرب ضد روسيا بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا وأن روسيا لن تتراجع عن موقفها ولن تنهي العملية العسكرية حتي تحقق الأهداف المرجوة منها وهو ما قد يعد مؤشرًا عن ثقة موسكو، سواء كانت محقة في ذلك أم لا، في أن الحرب سوف تسير وفق ما تراه هي وليس الغرب.
ويرى الكاتب أن القوات الروسية بالفعل تحقق مكاسب على الأرض ولاسيما في شرق أوكرانيا في ظل إدراك متزايد من جانب الدول الغربية أن الصراع في أوكرانيا لن ينتهي في المستقبل القريب.
إلا أن الملفت للنظر، كما يرى الكاتب، أن الحرب في أوكرانيا بالفعل ممتدة ولا يوجد أي مؤشرات على قرب نهايتها وهو الأمر الذي يعوق الدول الغربية المساندة لأوكرانيا عن تقديم المساعدات العسكرية اللازمة التي تحتاجها كييف من الذخيرة والطائرات المسيرة وأجهزة الرادار ووسائل اعتراض الصواريخ الروسية طويلة المدى إلى جانب أجهزة التشويش.
ويقول الكاتب إنه على الرغم من الدعم المتزايد لأوكرانيا الذي تقدمه الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخري إلا أن العقبة الكبرى التي تواجه توفير معدات عسكرية لتمكين أوكرانيا من تحقيق انتصار في حربها ضد روسيا تتمثل في المخاوف التي تنتاب الغرب من رد الفعل الروسي خشية استفزاز موسكو ودفعها إلى تصعيد الصراع المسلح في أوكرانيا.
ويرى الكاتب أن الفكرة التي تسيطر حالياً على الغرب أن استفزاز روسيا قد يكون له عواقب وخيمة تمثل في حد ذاتها انتصاراً لموسكو حيث إن تلك المخاوف دفعت الدول الغربية إلى العدول عن تقديم الدعم اللازم والكافي لأوكرانيا لكي تتمكن من مواجهة الآلة العسكرية الروسية.
ويعرب الكاتب عن اعتقاده أن مخاوف الغرب من التصعيد العسكري الروسي أثبتت لموسكو بما لا يدع مجالاً للشك أن أسلوب التهديد والوعيد الذي تمارسه ضد الدول الغربية أثبت نجاحه بغض النظر عما إذا كان هذا التهديد حقيقي وقابل للتنفيذ أم لا.
ويضيف الكاتب أن قادة الدول الصناعية السبع أطلقوا تصريحات نارية حول دعمهم المطلق لأوكرانيا والمستمر مهما كلفهم الأمر إلا أن التحدي الحقيقي الذي يواجه أوكرانيا هو إقناع المجتمع الدول أن يرقي بمستوى أفعاله إلى مستوى أقواله.
ويقول الكاتب إن المقاومة الأوكرانية مازالت صامدة في مواجهة القوات الروسية ولكن ذلك الصمود لن يطول إذا لم تتولد لدي الجنود الأوكرانيين القناعة أن هناك فرصة سانحة لتحقيق النصر بينما يؤدي رفض الدول الغربية لتقديم الدعم الكافي لأوكرانيا لكي تسترد الأراضي التي باتت تحت السيطرة الروسية إلي فقدان الجنود الأوكرانيين الأمل في تحقيق النصر.
ويختتم الكاتب مقاله بالإعراب عن اعتقاده أنه طالما الدول الأوروبية والولايات المتحدة مترددة في تقديم المؤازرة العسكرية اللازمة لأوكرانيا لإنهاء الصراع المسلح هناك أو على أقل تقدير لتكبيد القوات الروسية أكبر خسائر ممكنة فمن الصعوبة بمكان الحديث عن نهاية قريبة تلوح في الأفق للحرب في أوكرانيا أو الحديث عن تحقيق أوكرانيا لأي انتصار في هذه الحرب.