أمنحتب الرابع «أخناتون - الأسرة 18 الدولة الحديثة»

أمنحتب الرابع «أخناتون - الأسرة 18 الدولة الحديثة»مروة محمود التوني

الرأى4-7-2022 | 12:57

كان أمنحتب الرابع أبنا للملك أمنحتب الثالث والملكة تى ولم يصبح وليا للعهد إلا بعد وفاة أخيه الأكبر تحتمس قد شارك والده فى الحكم أثناء حياته وشاركه أخوه سمنخ كا رع الحكم فى آخر سنتين أو ثلاثة من حياته.

حاول أخناتون عندما تولي عرش البلاد توحيد جميع الأرباب في شكل عبادة إله واحد وهو قرص الشمس وحده والمسمى آتون، وفي العام الرابع لحكمه اختار أخناتون موقعاً لعاصمته الجديدة للابتعاد عن طيبة مركز عبادة آمون رع وكهنتها الذين قاوموا باضطهاد دينه الجديد بشدة وذلك لأن أخناتون قد حرم عبادة أى أرباب أخرى عدا آتون وقد منع الناس من التردد على المعابد مما أغضب الأرباب حتى قيل أن الأرباب لم تعد تتسمع الى دعاء الناس وما كان لجنوده إلا وأن خرَّبوا المعابد، ومحوا اسم الرب آمون أينما وُجد في المقابر النائية، وكيف أنهم كانوا يقضون على كل من يقف في طريقهم في أثناء تنفيذهم أوامر الملك، حتى إنهم تركوا المعابد خاوية على عروشها، على أن الارباب الأخرى لم تكن بأحسن حالًا، بل كذلك سارع هؤلاء الجنود لمحو أسمائهم ايضا ، كما رأى الملك ان اسمه الذى يحوي اسم الرب آمون أصبح غير متطابقا مع عقيدته فمنذ السنة السادسة غيَّر اسمه الى اخناتون، وكذلك مَحى من اسم والده لفظة آمون، وأصبح لا يسميه هو وأجداده إلا باللقب الذي كان يُطلق على كل منهم عند توليته العرش.



وقد ذكرنا فى ما سبق ان آتون لم يكن ابتكارا من امنحتب الرابع ولكن كان قارب ابيه ملقب ب تحن آتون كذلك ، وكان والده امنحتب الثالث لا يعارض ابنه في عبادته لآتون والعمل على نشرها فقد تركه يبني معبدًا لاتون في الكرنك، ويرجح أن يكون والده امنحتب ووالدته تي قد خشيا عليه تحمسه لمذهبه الجديد، فأسديا له النصح بالهجرة من طيبة والاستقرار في بلدة يتخذها مركزًا لنشر مذهبه الجديد، وإن كان اخناتون ينكر ذلك، ويدعي في نقش له على إحدى لوحات مدينة اخت اتون التي هاجر إليها، أنه ترك طيبة من تلقاء نفسه، ويقسم أغلظ الأيمان على أنه هو الذي أراد ذلك، ولم يوجهه أحد إليه، ولقد كان تعلقه شديدًا بعاصمته الجديدة، فأوصى بأن يكون مرقده الأخير فيها إن مات هو أو أحد أفراد أسرته، وإن شاءت الأقدار أن يموت خارجها فلتُحمل جثته إليها حتى يهدأ بالًا، ويرتاح في حياته الثانية.

قد كان قرص الشمس هو آتون عند المصرى القديم ، والذى كان يعبد رع بالفعل وهو الرب الشمس فى وقت الظهيرة من قديم الازل ، فانها اذا فقط عبادة الشمس مع تغير المسميات ، الا ان آتون او قرص الشمس فقد صور على هيئة قرص تخرج منه الأيادي التى تمد الغير بالخير والنماء ، ومن وجهة نظرنا الخاصة فان الرب رع كانت له صور كثيرة وكان يتمثل فى هيئات عدة تمثل كل ما له نفع فالعبرة هنا بتوحيد هيئة الرب والبعد عن تعدد اسمائه وجعله باسم واحد و فى شكل واحد وهو هيئته الواقعية مع اضافة فضله على الانسان المتمثل فى الايادى الممدودة بالخير الخارجة من قرص الشمس ، وقد قال اخناتون عن معبوده: إنه القوة الكامنة وراء هذا القرص، وإنه واحد ليس له شريك.

لم يغضب كذلك كهنة آمون رع عندما بنى اخناتون معبدًا في طيبة عاصمة الملك لربه، لأن ربهم آمون رع كان يمثل إله الشمس أيضًا فى اختفاءه وظهوره فهو الخفى الظاهر، كما ان تعدد الارباب وتنوع العبادات كان واقعا ومسموحا ، ولكن الذي اثار حفيظتهم إصرار اخناتون على عبادة آتون وحده وتحريم عبادة غيره من الارباب الأخرى وقد شرع في نشر مذهبه في طول البلاد وعرضها محاولا القضاء على المعتقدات الأخرى ، وتبعه البعض لأنهم كانوا يعتقدون أن الملك إله وابن إله.

قام ببناء معبد لآتون وقصرا كبير داخل مدينة كبيرة، وأطلق عليها اسم أخت آتون أي "أفق آتون" ونقل مركز الحكم إليها هى تل العمارنة حاليا.وعندما هاجر اخناتون إلى مدينته تبعه العديد من الأشراف وكبار رجال الدولة وحذوا حذوه اما اقتناعًا بدينه ، أو سعيا وراء مغانم التى ينتظرونها، فكثير من الناس يقتفون أثر النجم الساطع، ويولون ظهورهم للكوكب الآفل، أو هاجروا إليها فرارًا من أذى أتباع آمون إن ظلوا في طيبة على معتقدهم الجديد متعبدين للرب آتون.
وفى هذا النص نرى سعادته بانشاء مدينته :
لقد وقف جلالته أمام الأب حور آتون، وأضاء عليه آتون بالحياة وطول العمر، ومقوِّيًا جسمه كل يوم. وقال جلالته: آتوني بأصحاب الملك الوجهاء العظماء وضباط الجنود … في كل البلاد، وقد أُتي بهم إليه في الحال؛ فسجدوا على بطونهم أمام جلالته، وقبَّلوا الأرض خضوعًا لإرادته، وقال لهم جلالته: انظروا اخت اتون التي يريد آتون أن أجعلها له أثرًا باسم جلالتي أبديًّا، وإن آتون والدي الذي أتى بي إلى اخت اتون فلم يقدني إليها شريف قائلًا إنه يجدر بجلالته أن يقيم اخت اتون في هذه البقعة، لا بل إنه آتون والدي الذي أرشدني إليها لأجعلها له أفق آتون.

ظل اخناتون يحكم البلاد من عاصمته بتل العمارنة مدة طويلة بانيًا لاتون معابد مختلفة منتشرة في انحاء البلاد بالكرنك وأسيوط، ومنف والاشمونين وفي نوبيا العليا عند الشلال الثالث، وفي سوريا.
من نص انشودة آتون عن اخناتون:
تظهر في أفق السماء أيها الشمس الحية، الذي يقدر الحياة، تشرق في الأفق الشرقي في الصباح وتملأ كل البلاد بجمالك، أنت جميل وعظيم ومشرق الآن فوق جميع البلدان، وأشعتك تملك كل البلاد حتى آخر كل ما خلقت.
أنت رع عندما تصل إلى حدودهم وتجعلهم يركعون لإبنك المحبوب.
أنت بعيد ولكن أشعتك تصل إلى الأرض، وإنك في وجوههم، ولكن مسارك مجهول.

عندما تغرب تحت الأفق الغربي يبقى العالم في ظلام، في حالة كالموت، النائمون في بيوتهم يكسون أنفسهم بالغطاء، ولا ترى عين عينا أخرى، إذا سرقت أمتعتهم من تحت رؤوسهم، لا يشعرون، ويخرج كل وحش من مكمنه، والثعابين تعض.
الظلام كالقبر وتبقى الأرض ساكنة، إذ أن خالقهم قد غرب خلف أفقه.
وتشرق في الصباح على الأفق وتضيئ كالشمس أثناء النهار، وتخفي الظلام وتنشر أشعتك.
ويظل القطران (الشمالي والجنوبي) محتفلين بالنهار، ويستيقظ الناس ويقفون على أقدامهم، فقد نصبتهم على أرجلهم، أجسامهم نظيفة ويلبسون الملابس، ويرفعون أذرعتهم تقديسا لظهورك، وكل البلاد تمارس عملها.

كل الأنعام راضية بأعشابها وأشجارها ونباتاتها الخضراء، وتنطلق الطيور من أعشاشها، ترفرف أجنحتها تسبح بروحك، وتقفز كل الوحوش على أرجلها، وكل ما يطير يرفرف، ويحيون عندما تشرق لهم.
وتسير السفن الحاملة شمالا وجنوبا، وكل طريق ينفتح بظهورك، وتقفز الأسماك في النهر أمام وجهك، وتملأ أشعتك قلب البحار.
أنت الذي ينبت البويضات في النساء، وتجعل من الماء أناسا.
وتبقي على حياة الطفل في بطن أمه وتهدئه فلا يسقط له دموع.
إنك المربية في بطن الأم.
وتعطي النفس لكي تحيا جميع المخلوقات.
وعندما يولد (الطفل) من بطن أمه، فلكي يتنفس وقت ولادته، فإنك تفتح له فمه كاملا وتعطيه احتياجاته.
وتكلم الفرخ في بيضته الذي يتكلم من قشرته، تعطيه الهواء فيها لكي يعيش.
وتقدر له الوقت، ثم تكسر القشرة ويخرج منها، ويخرج من البيضة ينقنق في وقته،
ويجري على رجليه عندما يخرج منها.
كم كثرت أعمالك والخافي منها، إنك الرب الواحد، لا مثيل له.
خلقت الأرض برغبتك منفردا، فيها الناس والأنعام وكل الحيوانات، وبكل ما على الأرض، وما يسير على أرجله وكل ما يطير بجناحيه في السماء.
البلدان الغريبة في سورية والنوبة وكذلك أرض مصر، كل تعطيه مكانه وتؤمن احتياجاته، الكل يحصل على غذائه، وتقدر قدر عمره.
يتكلمون بألسنة مختلفة، وتختلف ملامحهم، وتختلف ألوانهم، فإنك تخلق الشعوب.
خلقت النيل في عالم الخفاء، وتصعده بحسب رغبتك وتحفظ حياة الناس ن لأنك أنت خالقهم. وإنك لهم، ترعاهم أنت أيها الملك على كل البلدان.
تشرق لهم، فأنت شمس اليوم، عظيم في رفعتك، وتُبقي كل البلدان الغريبة على قيد الحياة.
وخلقت نيلا في السماء لكي يهبط عليهم، يشكل أمواجا على الجبال، مثل البحر لكي يروون حقولهم، ويحصلون على ما يحتاجون.
كم أن تقديرك فعال، أنت يا سيد الأبدية.
نيل السماء تمنحه للشعوب الغريبة، ولكل حيوانات الصحراء، التي تجري على أقدام،
ولكن النيل الحقيقي يأتي من عالم الخفاء إلى مصر.
تُرضع أشعتك جميع الحقول، وعندما تشرق
يحيون ويترعرعون من أجلك.
وخلقت فصول السنة لكي تتطور جميع مخلوقاتك.
في الشتاء يبردون، وفي الصيف يحترون، لكي يشعروا بك.
وجعلت السماء بعيدة المنال، لتعلو فيها وتري كل شيء قمت أنت بخلقه.
إنك فريد عندما تشرق، وفي جميع أشكالك كآتون الحي، الذي يظهر ويضيئ، وتبتعد ثم تقترب.
وتخلق ملايين الأشكال منك أنت، مدن وقرى وحقول وطرق ونهر.
كل الأعين تنظر إليك عندما تظهر كشمس النهار فوق البلاد.
لم يكن اخناتون مولعا بالحروب والقتال ولم يكن يستجيب لرسائل طلب العون من البلاد الموالية لمصر ضد اعدائهم بل شغلته افكاره ومعتقداته عن ذلك.
انفض عامة الناس من حول اخناتون ، وقد تم التآمر على قتله، حتى اتخذ حرسا من رجال (الشرطة)، ومع هذه الحيطة فقد تمت المؤامرة عليه، واشترك فيها هؤلاء الأجانب، ولولا يقظة رئيس الشرطة (ماحو) لنجحت المؤامرة، ولقضي على اخناتون وقتها على أبشع صورة، ولقد وجدنا رسمًا مفصلًا لتلك المؤامرة في مقبرة رئيس الشرطة المذكور، فرأيناه يستدفئ ذات يوم قر، وأحد خدمه يعبث بالنار ليزيدها اشتعالًا، فسمع صياحًا، فامتطى عربته، وأخذ في ركابه أربعة من رجاله الأقوياء، فباغت المتآمرين في وكرهم، وكبَّلهم بالأغلال، وساقهم إلى قاعة الوزير للمحاكمة، ثم نرى الوزير يحف به الكبراء والأشراف في حضرة الفرعون يُقدم إليه المجرمون، وهم: مصري أصلع الرأس، وأجنبيان قد استرسل شعرهما، وقصرت لحيتهما، وعندئذٍ نزل ماحو من عربته وصاح قائلًا: أيها الأمراء، حاكموا بأنفسكم هؤلاء الأجانب المقبوض عليهم. وهنا توجه الوزير بالشكر لآتون الذي وفقهم لكشف هذه المؤامرة قبل تنفيذها.

تزوج اخناتون من نفرتيتي هي الزوجة الملكية وقد تزوجها في بداية حكمه، وأنجب منها ست بنات وقد كانت داعمة له متبعة مذهبه تسانده فى كل ما يفعل ، وربما يعرف اثنين من أولاده أبناء من زوجته الأخرى كيا وهي زوجة ثانوية لاخناتون ووالدة توت عنخ آمون .


مما يثير التفكير ما كانت عليه تماثيل اخناتون والمشاهد التى تصوره فقد كانت تماثيل اخناتون ليست فى هيئة الملك القوى مفتول العضلات قوى البنية بل كانت تماثيله تمثل ملامح جسد يكاد يكون انثوى اكثر من كونه جسد لرجل ، كذلك ذكر

العلماء وجود علاقة بين الملك واخوه سمنخ كارع كما كان حبه لابنته مريت آتون وكتابة اسم كليهما على الجدران بعد محوه لاسم زوجته نفرتيتى ومنح لقبها نفر نفرو آتون لاخيه سمنخ كارع وتصويره معه فى مشهد وهو يحتضنه ويداعب ذقنه ما يؤكد شكوك العلماء من كونه ملكا ساعيا خلف شهواته ورغباته وغرائزه وتأصل ذلك الاعتقاد بزواجه من ابنته الثالثة عنخ.س با ن آتون وقد كان ذلك امرا غير شائعا، ومن الغريب أن يكون صاحب هذه المثل العليا في الإصلاح قد كان شاذًّا في خلقه وعقله، منحدرا في بعض تصرفاته كما يراه البعض.

توفى اخناتون فى العام السابع عشر من حكمه ولم يتم العثور على مومياؤه ولا يوجد دليل على انه قد دفن فى قبره مما يوحى بان مومياؤه قد اختفاء مومياؤه متعمدا او ان جسده قد تم تدميره .

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2