- 10 من ذي الحجة 18 هجرية وصول جيش عمرو بن العاص وفتح مصر
- الفاطميون وزعوا العيدية مع ملابس العيد
- "الجامكية" عيدية السلطان المملوكي للأمراء وكبار رجال الجيش
ارتبط عيد الأضحى لدى المسلمين بالأضحية و مناسك الحج والتي تشمل زيارة بيت الله الحرام والطواف والسعي ورمي الجمرات والوقوف بعرفات، أما في مصر إلى جانب كل ذلك ارتبط عيد الأضحى ب ميلاد مصر الإسلامية حيث كانت بداية الفتح الإسلامي لمصر، كما ارتبط العيد بكسوة الكعبة الشريفة التي كانت تصنعها مصر كل عام منذ الفتح الإسلامي.
وعن ميلاد مصر الإسلامية قال المؤرخ إبراهيم العناني، عضو اتحاد المؤرخين العرب، في صباح يوم العاشر من شهر ذي الحجة سنة 18هـ الموافق 12 ديسمبر 639م انطلق أربعة آلاف من جند المسلمين إلى مصر، وعبرت قوات "عمرو بن العاص" صحراء سيناء حتى بلغت رفح وواصلت سيرها حتى بلغت حصون العريش فدخلتها مكبرة مهللة "الله أكبر دخلنا مصر على بركة الله" فرد "عمرو بن العاص" النصر لكم وعون الله معكم "وما النصر إلا من عند الله" وفى نفس اليوم الذي دخل فيه جنود الفتح الإسلامي إلى العريش، أقام "عمرو بن العاص" صلاة عيد الأضحى المبارك، وأخذت قوات "عمرو" تفتح باقي المدن المصرية، وحين اتجه إلى بلبيس كانت "أرمنوسة" ابنة "المقوقس" تستعد لتزف إلى "قسطنطين" ابن الإمبراطور "هرقل" فلما جاءها نبأ الفتح الإسلامي لمصر حاولت الهرب مع من كان معها من الخدم والحشم والمال، إلا أن "عمرو بن العاص" أمر بإكرامها وإعادتها إلى أبيها.. ولقد أثارت حكاية "أرمنوسة" خيال كتاب الغرب فتناول "القس بوتشر" قصتها في روايته التاريخية "أرمنوس المصرية".
تأثر "المقوقس" عظيم القبط في ذلك الوقت لموقف "عمرو" من ابنته التي أعادها إليه معززة مكرمة فأرسل إليه "القس أبو مريام"، و"القس أبو مريم" لمفاوضته فذكرهما "عمرو" بالسيدة "هاجر المصرية" التي تزوجها إبراهيم الخليل عليه السلام، وبالسيدة "ماريا القبطية" التي تشرفت بالزواج من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وهكذا استمر الفتح إلى أن تم فتح الإسكندرية، وعندما قام "عمرو بن العاص" بإبلاغ "عمر بن الخطاب" بالمدينة المنورة عن فتح الإسكندرية صلى "عمر بن الخطاب" ركعتين شكر لله.
وواصلوا حتى تم الفتح ورحب أقباط مصر بالفاتحين لتخليصهم من ظلم الرومان وكان حماس الفاتحين لتحقيقهم بشارة الرسول "ص" حين قال "ستفتحون مصر".
وكما تم إنشاء جامع "عمرو بن العاص" في القاهرة تم أيضًا إنشاء جوامع أخرى ومساجد بالإسكندرية وأشهرها مسجد "موسى عليه السلام" عند المنار ومسجد "سليمان" عند القيسارية، ومسجد "ذي القرنين" بجوار قبر الإسكندر الأكبر، ومسجد "عمرو بن العاص" الذي عرف في التاريخ بمسجد الرحمة.
وظلت الإسكندرية عاصمة لمصر حوالي 1000 عام ثم انتقلت بعد ذلك إلى الفسطاط بعد الفتح الإسلامي، ولذلك كان للإسكندرية أهمية كبيرة عند الفتح الإسلامي لمصر باعتبارها كانت العاصمة وكانت أجمل المدن المصرية وبها المتاحف والمكتبات والآثار العظيمة.
وكلمة عيد وردت في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة المائدة.. ولقد جاءت الآية الكريمة رقم 114 في قوله تعالى "قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدًا" صدق الله العظيم.
وترجع كلمة عيد إلى كثرة عوائد الله على عباده من غفران للذنوب فتكثر العبادات في الليالي العشر من ذي الحجة، ثم يكون النحر في عيد الأضحى وما يعقب ذلك من أداء الحج وهذه العبادات من أجل وجه الله فيها غفران للذنوب.
أصل العيدية
وعن أصل العيدية قال العناني: هي لفظ اصطلاحي أطلقه الناس على كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود في موسمي "عيد الفطر وعيد الأضحى" كتوسعة على أرباب الوظائف وكانت العيدية تعرف "بالرسوم" في أضابير الدواوين ويطلق عليها التوسعة في وثائق الوقف.
وقد حرص الفاطميون على توزيع العيدية مع كسوة العيد، وعندما كان الرعية يذهبون إلى قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من أعلى أحد أبواب قصر الخلافة.
وقد أخذت "العيدية" الشكل الرسمي في العصر المملوكي، وأطلقوا عليها "الجامكية" وكانت تقدم "العيدية" على شكل طبق تتوسطه الدنانير الذهبية ويحيط به الحلوى، وتقدم العيدية من السلطان إلى الأمراء وكبار رجال الجيش وتقدر العيدية حسب الرتبة التي تقدم لها.
ملابس العيد
وفي العصر الفاطمي كان الوزراء والخليفة ينطلقون في موكب رسمي في شوارع مصر، وبمجرد الإعلان عن أول أيام العيد كان يتم ذبح الجمال والخراف وتوزيع لحومها على الفقراء وإقامة الموائد، بالإضافة إلى توزيع أكياس مزركشة تحوى بداخلها عددًا من الدراهم والدنانير كما كان يتم صرف الكسوة من الأقمشة والملابس للمحتاجين وهو ما فعله المماليك أيضًا واستمر ذلك في العصور الإسلامية كمظاهر للاحتفال بالعيد وتوزيع اللحوم على الفقراء، وكان الوزير الفاطمي في هذا اليوم يسير من منزله ومعه كبار رجال الدولة في ملابسهم الجديدة إلى القصر، وكان الخليفة يرتدى في العيد ملابس بيضاء موشحة بالفضة والذهب ومظلته كذلك ويخرج من باب العيد على عادته في ركوب المواكب إلا أن عساكره في هذا اليوم من الأمراء والأجناد والركبان والمشاة تكون أكثر وينتظم الجند له في صفين من باب القصر (الذي كان يقع مكان الصاغة الحالية) إلى المصلى "خارج باب القصر" فيركب الخليفة إلى المصلى فيدخل من شرفتها إلى مكان يستريح فيه فترة ثم يخرج محفوفاً بحاشيته قاصدًا المحراب والوزير والقاضي وراءه فيصلى العيد ويقرأ في الركعة الأولى ما هو مكتوب في الستر الذي يساره فإذا انتهت الصلاة وسلم صعد المنبر لخطبة العيد فإذا انتهى إلى ذروة المنبر جلس على الطراحة الحريرية بحيث يراه الناس ويقف أسفل المنبر الوزير والقاضي والحاشية ثم يشير الخليفة إلى الوزير بالصعود فيصعد حتى ينتهي إلى سابع درجة مقدمًا إلى الخليفة نص الخطبة التي أعدها ديوان الإنشاء وسبق عرضها على الخليفة وبعد مقدمات وإشارات يستر الخليفة باللواءين المركزين في جانبي المصلى وينادى على الناس بالإنصات فيخطب الخليفة من النص الذي قدم له.
فإذا فرغ من الخطبة أخلى المنبر للخليفة فيهبط ويدخل المكان الذي خرج منه فيلبث قليلاً ثم يركب بالهيئة التي قدم بها إلى المصلى فإذا قرب من باب القصر تقدمه الوزير ثم يدخل من باب العيد، وكان الخليفة يتوجه إلى المنحر القريب من القصر ويرتدى ملابس حمراء ويحمل مظلة حمراء رمزًا للون دم الأضاحى، حيث يقوم قاضى القضاة بالإمساك بالذبيحة ويقوم الخليفة بنفسه بذبحها وخلفه مؤذنون يكبرون على كل ذبيحة عند ذبحها، وتستمر عملية النحر لمدة ثلاثة أيام ويتم توزيع اللحوم خلال أيام العيد، كما تقام الأسمطة والموائد في القصر فيجلس الخليفة في الديوان الكبير وقد مد فيه أنواع الحلوى ومطهيات اللحوم فيأكل وينقل من ينقل بلا حرج ولا مانع ثم يقوم الخليفة من الإيوان فيركب إلى قاعة الذهب وبها سرير الملك وبوسطها مائدة ويستدعى الوزير فيجلس معه ويجلس الأمراء على السماط ولا يزال كذلك حتى ينفد ما على السماط من ذبائح اللحوم حتى تقترب صلاة الظهر ثم يقوم وينصرف الوزير إلى الدار، ويبدأ الدعاء للخليفة ثم يبين كيف قام بصلاة العيد على عادة آبائه وأجداده.