أتفق مع ما قاله د. طارق شوقى وزير التربية والتعليم فى إحدى الفضائيات "بأن مفيش حاجة اسمها امتحان فى مستوى الطالب العادى".. وطبعًا عنده حق لأن الامتحان لم يوضع لإرضاء الطلبة والمجتمع وإنما وضع بمواصفات ومعايير "لفلترة الطلبة" والتمييز بين الطالب العادى والمتميز.. وإلا لن يكون له أى "لازمة".
فللأسف.. أصبحت من الظواهر المصاحبة لامتحانات الثانوية العامة هو الاعتراض على الامتحان من جانب الطلبة وأولياء الأمور إذا لم يأتى سهلاً.. أو على هواهم ووصف أسئلته بأنها صعبة وتعجيزية.. ومن خارج المقرر.. وأطول من الوقت الزمنى المخصص للإجابة وغيرها.
وهى ظاهرة خطيرة لأنه لا يصح للذين يتم تقييمهم ومعهم أولياء الأمور التدخل فى شئون الامتحانات، فتقييم الامتحان من اختصاص الخبراء وليس من اختصاص الذين يتم تقييمهم.
والحقيقة أن ظاهرة الاعتراض على الامتحانات قد تفشت فى الـ40 سنة الأخيرة.. وأصبحنا نشاهد الصراخ والعويل من الطلبة إذا لم تأتى الأسئلة على هواهم حتى أصبحت حقا مكتسبا لهم.
فعلى أيامنا عندما كنا طلبة فى الثانوية العامة فى السبعينيات لم نسمع أو نشاهد مثل هذا الكلام.. ولم نسمع صوتًا واحدًا يعترض على الامتحانات أو يصفها بأنها سهلة أو صعبة وإنما كنا نتعامل على أنه امتحان معمم على الجميع لا فصال فيه.
ولكن الأمور اختلفت هذه الأيام وأصبحت أصوات الطلبة وأولياء أمورهم تعلو إذا جاءت بعض الأسئلة بالورقة الامتحانية غير مباشرة أو فيها "لف ودوران" لتقيس القدرات والتفريق بين الطالب العادى والمتميز.. وبين الطالب "الحافظ" و"الفاهم".
وقد ساعد على تفشى هذه الظاهرة المرضية بأن الوزارة هى الأخرى تعاملت مع هذه الظاهرة بأسلوب "الأيدى المرتعشة" بأن رضخت واستجابت لهذه الشكوى بحذف الأسئلة الصعبة وتوزيع درجاتها على الأسئلة الأخرى إرضاءًا للطلبة مما أدى إلى تفريغ الامتحان من مضمونه.. ومن الهدف منه وهو قياس قدرات الطلاب.
وكأن المفروض أن تأتى الامتحانات على طريقة "ما يطلبه المستمعون" بأن نسأل الطلبة عن نوعية الأسئلة التى يحبون أن تأتى فى الامتحانات (!!).. وإذا كان الأمر كذلك.. فما هى "لازمة" الامتحانات إذًا؟
فالامتحانات لم توضع اعتباطًا وإنما وضعها خبراء وفق معايير.. ومستويات صعوبة معينة ومدروسة للتفريق بين الطاب العادى والمتميز.
إننى أعتبر الامتحانات بمثابة حكم المحكمة الذى لا ينفع فيه التعقيب أو الاعتراض.. فهل يمكن لجانى أو مرتكب جريمة أن يعترض على حُكم المحكمة.. بالطبع لا.
عمومًا إذا كنا نريد إصلاح حال التعليم والمنظومة الامتحانية فإن علينا أن نودع موضة الاعتراض على الامتحانات.