أشاد منظمو الرحلات الإيطاليين المتعاملين مع المقصد السياحي المصري بحب وشغف الإيطاليين بمصر باعتبارها أحد أهم المقاصد السياحية المفضلة لديهم.
جاء ذلك فى إطار الجهود المتواصلة لوزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني لدفع مزيد من الحركة السياحية الوافدة من إيطاليا إلى المقاصد السياحية المصرية.
وفى ضوء هذا يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، الروابط الحضارية بين مصر وإيطاليا المتمثلة فى العلاقات التجارية التاريخية بين ميناء طور سيناء وميناء البندقية "فينيسيا حاليًا" بإيطاليا حيث اشتد طلب أوروبا على التوابل من الشرق بعد اتصال أوروبا بالحياة فى الشرق نتيجة الحروب الصليبية وإدراكهم لخصائصها المتنوعة وفوائدها المختلفة بعد تطور الطب فى أوروبا نتيجة اتصالها بمراكز الحضارة الإسلامية فى الأندلس والشمال الأفريقى، كما ساهمت المراكز الطبية والصيدليات والعطارين فى العالم الإسلامى على شدة الطلب على التوابل مما أدى لتنمية المبادلات التجارية وظهور أنماط جديدة من العادات
ودخلت التوابل فى صناعة العقاقير الطبية وحفظ الأطعمة وتحسين مذاقها، وكذلك أصبحت التوابل والبخور ضرورية للكنائس والأديرة وكانت مصر تصدر لأفريقيا كثيرًا من المنسوجات المتنوعة بالإضافة للمنسوجات القطنية أو الكتانية، وتعتبر البندقية (فينيسيا) فى مقدمة المدن الإيطالية التى أقامت علاقات تجارية مع مصر والشام، ولقد أعطى السلطان المملوكى الأشرف صلاح الدين خليل (689 – 693هـ /1290 – 1293م ) أمان عام يسمى (أمان شريف) يمنح التجار البنادقة حرية المتاجرة فى مصر والشام والتردد على الثغور الإسلامية آمنين مطمئنين وفى عام (702هـ / 1302م) تم توقيع معاهدة تجارية مع الناصر محمد بن قلاوون فى خلافته الثانية (698 – 708هـ / 1299- 1309م) اشتملت على تجديد الامتيازات التجارية التى كانت قد حصلت عليها البندقية من مصر فى عهد السلاطين السابقين وحصلت البندقية بموجب هذه المعاهدة على إعفاء من نصف الرسوم الجمركية المقررة على تجارتها فى مصر والتعهد بحماية التجار البنادقة ومتاجرهم وأموالهم وممتلكاتهم فى الديار المصرية وكذلك امتيازات تتعلق بالاستقلال القضائى للبنادقة فى مصر وحرية ممارسة عبادتهم وطقوسهم الدينية، وأصبح فرانسيسكو دى كانالى قنصلًا للبندقية بالإسكندرية لرعاية مصالح التجار البنادقة فى الإسكندرية
وينوه الدكتور ريحان إلى اهتمام سلاطين المماليك بسيناء التى كانت الشريان الحيوى للتجارة مع الهند وكانت مصر تحصّل رسومًا ضخمة من مرور البضائع من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط وبدأت العلاقات تتوطد بين مصر وجمهورية البندقية واستمر التعاون قائمًا طوال العصر المملوكى، فقد كانت الدولة المصرية لا تضمر أية نيات توسعية بعد أن شملت مصر والحجاز والشام وفلسطين
لذلك لم يخش تجار البندقية بأسها فأصبحت الإسكندرية ودمياط وبيروت والقاهرة ودمشق وحلب تستورد من أوروبا الأخشاب والمعادن والزيوت والجلود والأصواف والمنسوجات والفضة والبللور كما كانت دولة المماليك تصدر من جانبها الشبة المنتجة فى حلب والعنبر من المحيط الهندى والبلسم من مصر ومختلف السلع من أشجار الصندل والنشادر والقرفة والقطن الذى كان يزرع فى الهند وحلب والإسكندرية علاوة على البخور والجنزبيل والعاج إلا أن أهم تجارة كانت تجارة البهارات ولا سيما الفلفل الوارد من الهند والحرير الوارد من الصين
وكانت البندقية تتبادل مع مصر السفراء، وكان لها مقر ثابت لقنصليات فى الإسكندرية ودمياط ورشيد وكانت البلاد الأوروبية لا تستطيع تغطية كل وارداتها عن طريق تصدير بضائعها لذلك كانت تغطى الفرق نقدًا من الذهب فتدفقت الرفاهية على مصر والشام، وكانت عدن مركزًا للمنتجات الآتية من الشرق الأقصى، ومن هنا تأخذ البضائع طريق البحر الأحمر وكانت ترسو أول الأمر فى القصير أو عيذاب ومن هناك إلى قوص ومنها عن طريق النيل للإسكندرية، وكان تجار الهند لا يتعدون عدن حيث يبيعون منتجاتهم إلى تجار غالبيتهم من المصريين وباقى الدول العربية، ومن عدن كانت تنقل البضائع على سفن مصرية وكانت محتويات السفينة تعتبر ملكاً للتجار المصريين .
ولفت الدكتور ريحان إلى أهمية ميناء الطور حين حلت محل القصير كما حلت جدة محل عدن وقد كانت الحجاز ضمن الإمبراطورية المصرية، وأصبحت مدينة الطور بمينائها مركزًا لتجميع البضائع وبها دائرة جمركية تحصل فيها الرسوم، وكانت تصل قوافل السفن إلى الطور مرتين فى السنة فى أوائل سبتمبر وفى شهر مارس
وكانت سفن أوروبا ولاسيما سفن البندقية ترتب سفر قوافلها البحرية إلى الموانئ المصرية وفقاً لبرنامج دخول القوافل البحرية المصرية إلى ميناء الطور، فكانت تصل الإسكندرية أو دمياط أو رشيد فى النصف الثانى من شهر سبتمبر وتسافر محملة فى منتصف أكتوبر وكذلك فى شهر مارس، وكانت الطور فى العصر المملوكى محور التجارة العالمية ولذلك اهتم بها سلاطين المماليك اهتمامًا شديدًا فأسسوا فيها المبانى لموظفى الجمارك والأماكن لإسكان الحامية