لا أتذكر من قال هذا التعبير الصادم: (لدينا إدارة ولكن ليس لدينا مديرون)!
وأعتقد أن التعميم قد يتسبب فى «حالة» من الإحباط لدى البعض ممن يحاولون الاجتهاد فى إدارة مواقعهم.
ثم أن "الواقع" يكشف عن أن مصر ولاّدة وبها مواهب فذة فى كافة المجالات، وبشرط توسيع دائرة الاختيار، وأن يتم ذلك من خلال مسابقات علنية بمعايير منضبطة، مع تفضيل الخبرة والكفاءة.
أقول ذلك بمناسبة متابعتى المستمرة لأنشطة متحف الحضارة بمنطقة الفسطاط، الذى يحتوى على أكثر من 50 ألف قطعة أثرية تحكى مراحل الحضارة المصرية، بداية من الفراعنة وانتهاء بالعصر الحديث.
فقد اختير منذ أقل من عامين لرئاسته أستاذ اقتصاد بجامعة القاهرة، هو د. أحمد غنيم والذى عمل من قبل مستشارًا ثقافيًا وتعليميًا لمصر فى ألمانيا والنمسا، ومستشارًا للعديد من المنظمات الدولية.
واستطاع د. غنيم فى هذه الفترة القليلة؛ وضع هذا المتحف الجديد على "خريطة" الثقافة والسياحة والآثار المصرية والعالمية؛ على الرغم من انتشار وباء كورونا بآثاره السلبية فى تلك الفترة، حيث نجح وبدعم من وزارة السياحة والآثار وبعض الجهات المعنية فى صنع "خلطة" جديدة مما تقدمه كل من الأوبرا المصرية ومكتبة الإسكندرية ولكن بغلاف تراثى وحضارى أعجب المتابعين لأنشطة المتحف وكان سببا فى زيادة عدد زواره بما لا يقل عن عشرة آلاف يوميا، خاصة بعد أن استقبل المتحف "مومياوات" عشرين ملكًا وملكة مصرية فى احتفال مهيب شاهده العالم وأشعر المصريين بالفخر التليد!
ويتميز المتحف بتنوع أنشطته الثقافية، واحتوائه على بحيرة طبيعية ساحرة، ودور عرض متعددة للسينما والمسرح والحرف والصناعات المصرية المختلفة.
ويحاول القائمون عليه إحياء الموروث الثقافى المصرى من خلال تنظيم محاضرات فى الآثار والتراث، وحفلات غنائية، وعروض فنية متنوعة، حيث استضاف حفلات لأشهر الموسيقيين المصريين مثل عمر خيرت ومنال محيى الدين، ونسمة، وكذلك المطربين المصريين العالميين مثل فرح ديبانى وأحمد حرفوش.
كما نظم عددًا من معارض الفن التشكيلى، أحدها شارك فيه 150 فنانًا من 35 دولة، إلى جانب ورش عمل للأطفال من أصحاب الهمم يومى الجمعة والسبت من كل أسبوع.
ومؤخرًا استضاف المتحف فنانى مسرح العرائس حيث قدموا عرضهم الأشهر «الليلة الكبيرة»، كما شهد الحفل أيضا عزف سفير كوريا الجنوبية فى مصر على آلة الساكسفون لأغنية الفنانة يسرا "ثلاث دقات" والنشيد الوطنى المصرى.
والطريف أن كل هذه الأنشطة المختلفة لم تحمل المتحف أية أعباء إضافية، حيث نجح د. غنيم فى توفير رعاة جادين من المؤسسات الوطنية لتوفير التمويل المطلوب لتلك الأنشطة.
لقد أصبح المتحف «محطة» مهمة فى جدول زيارات الشخصيات البارزة لمصر، وقد زاره مؤخرًا كل من رئيس تونس ورئيس كوريا الجنوبية و ولى عهد الأردن وآخرين.
ويسعى د. أحمد غنيم حاليا لتأسيس «جمعية أصدقاء متحف الحضارة» للإسهام فى توفير احتياجات المتحف وعمليات الترميم والتطوير المستمرة.