خناقة «الفتة أم خل وثوم»

خناقة «الفتة أم خل وثوم»بهاء زيتون

الرأى22-7-2022 | 14:06

المتابع لمواقع التواصل الاجتماعى يشعر بمدى التفاهة التى وصل إليها المجتمع.. لما تشهده من جدل ومشاحنات على أتفه الأمور.. والجدل على "الفاضية والمليانة" على أتفه الأشياء.. وآخرها كان الجدل الذى تصدر "الفيس بوك" ليلة عيد الأضحى المبارك حول "فتة العيد" هل هى بالخل و الثوم ولا بالصلصلة ؟!.. حيث انقسم المجتمع إلى فريقين متشاحنين، أحدهما يؤكد أنها بالخل و الثوم والفريق الآخر يرى أنها بالصلصة.. ولدرجة جعلتنى أشعر أنه سيتم إرجاء العيد حتى يتم حسم هذا الأمر!!

فلم أتصور أن تصل التفاهة إلى هذا الحد؟.. فحتى الأكلات المرتبطة بالمناسبات لم تسلم هى الأخرى من الجدل واللغط.. وكأن عيد الأضحى يأتى علينا لأول مرة.. وهذا ينم على أن المجتمع يعيش الفراغ والفراغ الفكرى.. فهى أمور لم نعتاد عليها من قبل.. فماذا سيحدث إذا أكلنا "الفتة بالخل و الثوم ولا بالصلصة.. هل هذا سيفسد العيد؟!!.. فالذى حدث أن مواقع التواصل قد قربت المسافات بين البشر لتكون أدق الخصوصيات محل نقاش.. الأمر الذى ساعد أن تتحول مواقع التواصل إلى ساحات للجدل حول أى شىء وحتى ولو كان تافهًا.. مما ساعد على "تضخيم" أى شىء وليجعل من "الحبّة قُبّة" كما يقول المثل الشعبى.

فحتى مباريات كرة القدم وخاصة التى طرفيها الزمالك أو الأهلى فإنها لم تسلم هى الأخرى من التعليقات والمشاحنات بين مشجعى الناديين على صفحات مواقع التواصل.. وكذلك أحكام المحاكم وآخرها قضية الطالبة "نيرة" التى ذبحها زميلها أمام باب الجامعة لم يسلم حكم المحكمة من الجدل رغم أن الأحكام القضائية لها احترامها وقدسيتها ولا يصح التعقيب عليها ومع ذلك كانت محل جدال على مواقع التواصل.. فريق يؤيد حُكم المحكمة بإعدام القاتل ويشيد به.. والفريق الآخر يرفض حُكم المحكمة ويسوق التبريرات مدافعًا عن القاتل (!!).. وحتى المشاكل الزوجية فإنها تتصدر مواقع التواصل هى الأخرى.. وغيرها.

فللأسف.. فقد أضاعت مواقع التواصل الخصوصية وجعلت أدق الخصوصيات شيئا مباحا للجميع ولتتحول هذه المواقع إلى ساحات للتدخل فيما لا يعنيهم.. ويعظم التافهات.

لابد أن نأخذ حذرنا من هذه المواقع.. وأن يكون للإعلام و الدراما والمؤسسة التعليمية (المدرسة والجامعة) والمؤسسة الشبابية دورًا فى التوعية.. وملء الفراغ الفكرى لدى المجتمع، وخاصة لدى النشء والشباب.. مع الشفافية فى إعلان الحقائق فى لحظتها حسمًا للجدل من ناحية ولمواجهة ما تحمله هذه المواقع من نوايا مسمومة.

أضف تعليق