مفتي الجمهورية يوضح بداية جمع الصلاة وقصرها للمسافر

مفتي الجمهورية يوضح بداية جمع الصلاة وقصرها للمسافرمفتى الجمهورية

الدين والحياة24-7-2022 | 14:32

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه: "هل يجوز الجمع بين الصلوات جمع تقديم مع قصر الرباعية منها قبل الخروج من أسوار البيت أو المكان الذي سأخْرُج منه وأرحل عند السفر؟ وهل يجوز الجمع في الحضر من غير قصر بسبب حاجة؟"، ومن جانبه أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:

قال فضيلة مفتى الجمهورية: إن الإسلام دين يسر ورحمة للعالمين؛ حيث تضمَّنت شريعته السمحاء الكثير من الرُّخَص والتخفيفات على المكلفين لرفع الحرج عنهم، وكان من القواعد الخمس الكبرى التي عليها مدار الفقه الإسلامي: أنّ "المشقة تجلب التيسير"، و"السفر مَظنَّةٌ للتخفيف"؛ ولذا جاز قَصْرُ الصلوات المكتوبة وجَمْعُها للمسافر؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» متفقٌ عليه.

ويُشْتَرَط في السفر الذي تترتَّب عليه رخصة الجمع والقصر أن يكون سَفَرًا طويلًا بحيث لا يقلّ عن مرحلتين، وتُقَدَّران بنحو (ثلاثة وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر تقريبًا)؛ وذلك على المفتى به.

وتُحسَب مسافة السفر الذي يجوز التَّرخُّص بسببه من حدود المدينة؛ كبوَّابتها، أو ما يُعرَف بـ"الكارتة" عند مَدْخل المدينة ومَخْرَجِها، وما شابه ذلك مما يُعْرَف به الحدود الجغرافية للبلاد والمُدُن، وهو ما عبَّر عنه الفقهاء السابقون بـ"مجاوزة العمران"، أو "مجاوزة سور البلدة"، ولا تحسب المسافة بدايةً من بيت المسافر كما قد يَظُنُّ بعض الناس.

ومناط ذلك: تَحقُّق معنى السَّفَر الذي بُنِيَت الأحكام الشرعية عليه، أي إنَّ هاهنا أمرين: إرادة السفر، وتحقق المكلَّف بكونه مسافرًا بالفعل، والأخير هو مناط تطبيق أحكام السفر عليه، ومنها بدء حساب مسافة السفر.

وقد نَقَلَ الإمام ابن المنذر الإجماع على ذلك، فقال في "الإشراف على مذاهب العلماء" (2/ 204، ط. مكتبة مكة الثقافية): [أجمع أهل العلم مِن كُلِّ مَن نحفظ عنه على أنَّ الذي يريد السفر أن يَقصُر الصلاة إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي منها يخرج] اهـ.

وقال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 93، ط. دار الكتب العلمية): [وأمَّا بيان ما يصير به المقيم مسافرًا: فالذي يصير المقيم به مسافرًا: نية مدة السفر، والخروج من عمران المصر] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 347، ط. دار الفكر): [فإذا فارق السور ترخص بالقصر وغيره بمجرد مفارقته] اهـ.

ونُقل عن بعض السلف من الكوفيين جواز التَّرخُّص في السفر قبل الشروع فيه ولو من منزله.

قال شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 569، ط. دار المعرفة): [قال ابن المنذر: أجمعوا على أنَّ لمن يريد السفر أن يَقصُرَ إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي يخرج منها. واختلفوا فيما قبل الخروج عن البيوت، فذهب الجمهور إلى أنَّه لا بد من مفارقة جميع البيوت، وذهب بعض الكوفيين إلى أنَّه إذا أراد السفر يصلي ركعتين ولو كان في منزله، ومنهم مَن قال: إذا ركب قصر إن شاء، ورجَّح ابنُ المنذر الأولَ بأنهم اتفقوا على أنَّه يَقصُرُ إذا فارق البيوت واختلفوا فيما قبل ذلك؛ فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يَثبُتَ أنّ له القصر. قال -أي ابن المنذر-: ولا أعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه عن المدينة] اهـ.

أضف تعليق