كشفت دار الإفتاء عن سؤال يحير الأذهان فى كل ذكرى لـ الهجرة النبوية المشرفة.
السؤال يتعلق بموعد هجرة النبى الكريم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وهل كان فعلا فى شهر المحرم، أم كان فى شهر ربيع الأول؟
وقالت الإفتاء على موقعها الإلكترونى ردا على هذا السؤال: "وصل النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة في شهر ربيع الأول، لكن جُعِل شهر المحرم بداية العام الهجرى، لأنه كان بداية العزم على الهجرة".
وأضافت: "يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ -أي التأريخ بالهجرة، مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ، إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْهِجْرَةِ، فَكَانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً. وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّمِ".
الهجرة النبوية 1444
وكان الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، قد أكد فى كلمة سابقة له، على أن الهجرة النبوية الشريفة تمثل حدثًا تاريخيًّا فارقًا فى تاريخ الإسلام، ونقلة مهمة انتقل بها المسلمون من الضعف إلى القوة، ومن الظلم والاستبداد إلى العدل والمساواة، وانطلقت بموجبها الدعوة إلى رحاب واسعة يذكر فيها اسم الله تعالى.
وقال مفتى الجمهورية، إن الهجرة كانت البداية لوضع حجر الأساس لدولة الإسلام التى ترسخ مبادئ الوسطية والتسامح وسيادة القانون والارتقاء بالمعانى الإنسانية والقيم الروحية، ووضعت الإنسان فى مقدمة الاهتمامات.
وأضاف المفتى أن رحلة الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لم تكن تركًا للوطن وتضييعًا له، إنما كانت فى واقع الأمر حفاظًا عليه وضمانًا له، حتى وإن بدا الأمر فى صورة الترك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد إليها بعد بضع سنين عزيزًا منيع القوة دون أن يستطيع أحد ممن تربص به ولاحقه أن يدنو إليه بسوء، بل إنها كانت ميلادًا لدولة الإسلام ونصرًا لدعوة النبى صلى الله عليه وسلم.
وأشار المفتى إلى أنه ينبغى علينا أن نجعل العام الهجرى الجديد بدايةً جديدة لمرحلة جديدة فى حياتنا، نبدؤها كما بدأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة بعد الهجرة، بعيدًا عن الخلافات وأهلها فى مكة، وأن نوحد صفوفنا فى مواجهة الجماعات والتيارات الإرهابية.
وقال المفتى: "لتكن لنا فى ذكرى هجرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة موعظة حسنة، من المؤاخاة التى عقدها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار فى المدينة المنورة، إذ آخى بينهم حتى اقتسموا المهنة والمسكن ولقمة العيش معًا، وعاشوا متعاونين مع الأنصار من أهل المدينة".