كشفت دار الإفتاء عن حكم التهنئة بدخول العام الهجرى الجديد 1444.
جاء ذلك ردا على سؤال على موقعها الإلكترونى، كشف فيه السائل أن هناك من يقول إن هذه التهنئة بدعة ولا تجوز.
وقالت الإفتاء: "التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا، لما فيها من إحياء ذكرى هجرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضى الله عنهم، وما فيها من معان سامية وعبر نافعة، وقد حث الشرع على تذكر أيام الله وما فيها من عبر ونعم، كما أنه بداية لعام جديد، وتجدد الأعوام على الناس من نعم الله عليهم التى تستحب التهنئة عليها".
وتابعت: "الهجرة حدث عظيم فى تاريخ الأمة الإسلامية، استحقت أن تكون بداية للتقويم الإسلامى، لما مثلته من معانٍ سامية ورفيعة، إذ كانت دليلًا جليًّا على تمسك المؤمنين بدينهم الذين هاجروا إلى المدينة تاركين وطنهم وأهلهم وبيوتهم وأموالهم، لا يرغبون فى شيء إلا فى العيش مسلمين لله تعالى، ولذلك مدحهم سبحانه وأشاد بهم، فقال تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ".
وأشارت الإفتاء إلى أن بداية العام الهجرى فى أول شهر المحرم ليس هو يوم هجرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم كما قد يُظَنُّ، بل كانت هجرته صلى الله عليه وآله وسلم فى ربيع الأول، وإنما كان العزمُ على الهجرة والاستعداد لها فى استهلال المحرم بعد الفراغ من موسم الحج الذى وقعت فيه بيعة الأنصار.
ولفتت دار الإفتاء إلى أنه فى التهنئة بـ رأس العام الهجرى الجديد استحضار لعديد من المعانى التى يجوز شرعًا التهنئة عليها، ومنها: الامتثال للأمر القرآنى بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعم وعبر وآيات؛ قال تعالى: "وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ".
وكذلك تذكر نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فى الهجرة على مشركى مكة، بأن يسر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة.. كما أن رأس السنة الهجرية بداية لعام جديد، وتجدد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التى تستلزم الشكر عليها، لأن الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، والتهنئة عند حصول النعم مأمور بها.
واستطردت: "وصنف جماعة من العلماء فى استحباب التهنئة عند حصول النعم، كالحافظ ابن حجر العسقلانى فى "جزء التهنئة فى الأعياد"، والحافظ الجلال السيوطى فى "وصول الأمانى بأصول التهانى"، والعلامة الزرقانى فى "رسالة فى التهنئة والتعزية والإصلاح بين الناس، فإذا اجتمعت التهنئة بالأوقات والأحداث السعيدة، مع الدعاء بعموم الخير واستمراره، والبركة فى الأحوال والأوقات كان ذلك أشد استحبابًا وأكثر أجرًا وأدعى لربط أواصر المودة بين المسلمين".
وردت الإفتاء على المتنطعين الذين يحرمون التهنئة ب العام الهجرى الجديد، قائلة: "الادعاء بأن بداية العام ليست من الأعياد فلا تصح التهنئة عليها، مردود بأن التهنئة لا تقتصر على الأعياد، فهى مشروعة عند حدوث النعم، واندفاع النقم، ولا يخفى ما فى بداية العام من تجدد نعمة الحياة على كل إنسان، ثم إن بداية العام تتكرر، فهى عيدٌ فى المعنى، وأهل اللغة يسمون كل ما يعود "عيدًا".