السر وراء اللامبالاة إزاء مآسي ضحايا القتل

السر وراء اللامبالاة إزاء مآسي ضحايا القتلحسين خيرى

الرأى29-7-2022 | 17:06

لا تعليق.. سيدة تبلغ من العمر 59 عامًا تقتحم ثلاجة الموتى بالمنصورة، لتضع بصمة شقيقتها على ثلاثة عقود بيع ابتدائي، وكلما أقرأ أو أسمع عن مثل هذه الجرائم الوحشية ازداد يقينا أن الشيطان يتضاءل أمام شر الإنسان اللامحدود.

وآخر يقتل ضحيته، وقبل أن يواريها التراب يمثل بجثتها، ليس على سبيل إخفاء معالمها، إنما من أجل التنكيل بها، وهو ما لا تستسيغه النفس البشرية السوية.

وفى قرية الحسينية ابن يضرب أمه، ويحلق شعرها، ويطردها من المنزل بسبب موقفها مع شقيقته لإصرارها على الطلاق من زوجها لسوء معاملته لها، وفى نفس الوقت يعد صديقا له، وفى النهاية تتنازل الأم عن المحضر، وتخلي سبيله، وأبلغ وصف لهؤلاء الجناة، أن فى صدورهم قلوبًا تحجرت بداخلها الرحمة، ويجري فى عروقهم سموم الحقد والكراهية.

ولذا كانت أول نبوءة الملائكة قولهم لرب العالمين: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ"، لكنه علم الله ومشيئته أن يكون فى المقابل من يصلح فيها، ويقيم العدل، ويداوي أنفس أوشكت على الموت، ويزرع ابتسامة فى أنفس بلغ فيها اليأس منتهاه.

وتكمن الخطورة فى تفشي مشاعر اللامبالاة إزاء ارتفاع أعداد الضحايا سواء فى حوادث سير أو بفعل فاعل، أن تتكبل يد العون فى مساعدة ذوي العسرة، وتضيق ذرعا عن لهفة الجريح، ومشاعر اللامبالاة ناتجة عن تخدير نفسي بطريقة خارجة عن إرادتها.

وبمعنى آخر حين ترتفع أعداد القتلى يقل التعاطف معها، وتتحول إلى مجرد أرقام، وهو على النقيض مما اتفقت عليه آراء علماء النفس حول تعاظم التأثير النفسي تجاه موت شخص واحد.

وأجرى عالم النفس "بول سلوفيك" بجامعة أوريجون دراسة فى السويد تخص ظاهرة التخدير النفسي أو ما يسمى باللامبالاة، وبدأها بتجربة وساعده زملاؤه، وعرضوا صورة لطفل بائس وصورة ثانية لطفلين فقيرين، وراقبوا المشتركين فى التجربة عن مدى مبادرتهم للتبرع لكل حالة، وكانت الصدمة أنهم تبرعوا بنسبة أكبر للطفل وبشكل ضئيل للطفلين.

ويبقى الوجه القبيح لشقيقة المتوفاة بمستشفى المنصورة، وهي تغتصب بصمتها من ثلاجة الموتى، وبرغم أنني سمعت عن نظائرها كثيرًا وبطرق متنوعة، لم أستطع تصور أن رهبة الموت لا تقدر على ردع الجاني، فقد غيبت شقيقتها عقلها كالبهائم، ولم تتأمل للحظة أنها ستلحق بها عاجلاً أو آجلاً.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2