مازلنا مع زميلى وصديقى الناقد المسرحى "جرجس شكرى"، والذى وصفته فى المقال السابق بـ"صاحب السبع صنايع" وإن لم يكن محظوظا مثل غيره، ولكنه يحظى بالاحترام والشهرة من قبل المتخصصين فى النقد الأدبى ومتذوقى الشعر الحديث.
ولكنى سأبدأ بجرجس الناشر؛ فمن خلال موقعه الحالى كأمين عام النشر بهيئة قصور الثقافة، تمكن وخلال سنوات قليلة من إعادة طبع وإصدار "كنوز" الأدب العربى، وطبقا لرؤية واضحة وخطة ممنهجة، حيث حرص على إصدار كل الكتب التى تناولت موضوعات "الهوية المصرية" لمؤلفين مصريين وأجانب، ثم نشر أيضا مذكرات القادة المصريين فى المراحل التاريخية المختلفة، وكذلك بعض السلاسل الأدبية القيمة.
وكثيرًا ما تعرض هذه الإصدارات فى معارض الكتب بأسعار خاصة، وفى رأيى أن هيئة قصور الثقافة سدت "ثغرة" طلت برأسها بعد تراجع دور مكتبة الأسرة!
أما جرجس الشاعر فحدَّث ولا حرج، وعلى رأى الفنان محمد عبده فى إحدى أغانيه "أبعتذر.. وكلى ندم" عن عدم المتابعة لدواوينه الشعرية، والتى ترجم بعضها لست لغات أجنبية، كما حصل أحدها، وهو "تفاحة لا تفهم شيئا"، على أفضل ديوان شعر فصحى فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2013.
ولكن المفاجأة فى هذا "الكم" من الدراسات والمقالات التى تناولت أشعاره بالعرض والنقد الأدبى والمنشورة فى أغلب الصحف العربية والأجنبية، والمفاجأة الأكبر كانت فى إصدار مؤسستى "دار المعارف"، لكتاب "المسرح والوعى والوجود فى شعر جرجس شكرى"، للناقدة المسرحية الكبيرة وأستاذ الأدب العربى
د. نجوى عانوس، والتى أصدرت من قبل ما يزيد على 20 مؤلفا فى النقد الأدبى حول المسرح المصرى.
لقد بذلت د. نجوى جهدًا كبيرًا فى تصنيف الأعمال الشعرية لجرجس شكرى، حيث اعتبرت بعضها قصائد سينمائية ومسرحيات بلا كلمات، وبعضها قصائد مونودرامية، وسريالية، وأخرى سردية.. إلخ
بل إنها اجتهدت فى تصوير أغلب القصائد إلى ما يشبه الأفلام السينمائية المصورة – مع الاستعانة بالمونتاج والموسيقى التصويرية فى محاولة لتحويل الإبداع الشعرى إلى واقع مشاهد!
وكنت أنوى عرض الكتاب مع بعض التفاصيل، ولكن ما كتبته المؤلفة على الصفحة الأخيرة دفعنى للتراجع..
حيث كتبت "استنبط جرجس شكرى مخرجات الصورة الشعرية من الإيقاع الفكرى والداخلى الشعرى، حيث تجلى خطابه المعرفى من وعيه بالجسد المعرفى.. .. .." إلى آخر هذا الكلام الصعب!!.
والسؤال للأخوة "النقاد" أنتم تكتبون لأنفسكم.. أم لمن تنتقدونهم.. أم لعموم القراء؟
وهل أنتم راغبون فى نشر "الوعى الثقافى" بين أبناء أمتكم؟.. أم هى "صحف" تسودها بالأحبار للترقية أو الشهرة أو لأسباب أخرى؟
و"أعتذر" لصديقى جرجس عن هذا الاستطراد!!