أفادت أحدث بيانات البنك الوطني الأوكراني بأن الأجور شهدت انخفاضا في البلاد لتصل إلى 14.577 هريفنا أوكرانية شهريًا في يناير الماضي من 17.453 هريفنا في ديسمبر من عام 2021.
ووفقا لتقرير نشرته شبكة البلقان الإخبارية المتخصصة في شئون شرق أوروبا وأوراسيا، ارتفعت الأجور في أوكرانيا بشكل أسرع من نظيرتها الروسية خلال السنوات الأخيرة، إلا أن قيمة الهريفنيا انخفضت كثيرا خلال الأشهر الماضية مما جعل أوكرانيا مرة أخرى أفقر دولة في أوروبا، بأجور تقل بـ 150 دولارًا من نظيرتها في مولدوفا بالدولار، بصرف النظر عن المشاكل التي تعاني منها الأعمال التجارية التي تسببت فيها الهجمات العسكرية الروسية عليها.
ولا تعتبر تلك هي المرة الأولى التي تصل فيها أوكرانيا لقمة هذا التصنيف في تلك القائمة البعيدة عن التميز، ففي عام 2018، صنف صندوق النقد الدولي أوكرانيا لفترة وجيزة على أنها أفقر دولة في تقريره حول آفاق الاقتصاد العالمي، عندما قدر دخل الفرد بالأسعار الحالية بالدولار الأمريكي عند 2964.193 دولارًا أمريكيًا، أي أقل من مولدوفا التي بلغت الأجور فيها 3226.717 دولارًا أمريكيًا. إلا أنه تلك المرتبة بدأت في الارتفاع لتتجاوز أوكرانيا جارتها مولدوفا وتبدأ في النمو وذلم بعد الانتخابات الأوكرانية لعام 2019 التي فاز فيها الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وفي ظل معاناة ما لا يقل عن ثلث أعمال أوكرانيا من مأزق اقتصادي بسبب العمليات العسكرية المستمرة، من المرجح أن يكون متوسط الأجور قد انخفض، إلا أن ومع ذلك ، لم تصدر لجنة الإحصاءات الحكومية الأوكرانية أي بيانات جديدة حول الدخل منذ يناير الماضي.
ووصل متوسط الأجر بالدولار 521 دولارًا في يناير الفائت ارتفاعًا من 445 دولارًا في العام السابق، إذ أدت إصلاحات زيلينسكي إلى سد أوكرانيا سريعًا للفجوة مع روسيا بحلول عام 2021، بعدما ظلت الدخول الحقيقية راكدة منذ عام 2014. وكان متوسط الأجور في روسيا في يناير 727 دولارًا، أي بزيادة طفيفة عن 666 دولارًا عن العام السابق.
وفي أعقاب غزو أوكرانيا في نهاية فبراير الماضي، أثر الانخفاض الحاد في قيمة الروبل على الأجور الروسية، التي تراجعت إلى 601 دولارًا في مارس الماضي، إلا أن الإجراءات السريعة التي نفذها البنك المركزي الروسي أدت إلى تعافي سريع للروبل، وبالتالي رفع متوسط الدخل الروسي بالدولار مرة أخرى إلى 943 دولارًا اعتبارًا من مايو الماضي، بحسب أحدث البيانات.
ويدرك سكان دول أوروبا الشرقية تمامًا قيمة دخلهم بالدولار، حيث يحتفظ معظم المواطنين الذين يمتلكون مدخرات بنسبة كبيرة من العملات الأجنبية لحمايتها من التقلب المستمر في العملة. كما تؤدي تخفيضات قيمة العملة إلى ارتفاع كبير في تكلفة الواردات على نطاق واسع.
وقد عانى الأوكرانيون من مشاكل مشابهة، حيث تعاني أوكرانيا من أزمة مالية طاحنة ولم يتمكن البنك المركزي من الحفاظ على قيمة الهريفنيا. وقد زاد الوضع سوءًا بسبب سحب ما يقرب من 4 ملايين لاجئ يعيشون في دول أوروبية أخرى العملات الأجنبية باستخدام البطاقات المصرفية لدفع تكاليف معيشتهم خارج بلادهم، مما أدى في الواقع إلى تأجيج هروب رأس المال.
وقد تضاعفت الأزمة الناجمة عن انخفاض قيمة الدخل بالدولار، فحتى لو لم تنخفض الرواتب، فقد تآكلت القوة الشرائية للعملة المحلية الأوكرانية بسبب انخفاض قيمتها الناجم عن ارتفاع معدلات التضخم بشكل مفرط، حيث وصل في الشهر الماضي إلى 21.5 في المئة على أساس سنوي، مما دفع البنك الأهلي الأوكراني إلى رفع أسعار الفائدة الأساسية إلى 25 في المئة في 2 يونيو الماضي في محاولة للحد من ارتفاع الأسعار، حيث يعادل مستوى التضخم الحالي انخفاضًا بنسبة 20 في المئة في الأجور حتى لو ظلت القيمة الاسمية للأجور كما هي.
وفقًا لأحدث التقارير الواردة من كييف، لم تتوقف الهريفنيا عن الهبوط، وانخفض معدل النقد بشكل أكبر في الأسبوع الماضي إلى 41 هريفنيا مقابل الدولار، مما أدى إلى خفض قيمة الأجور بالدولار إلى 355 دولارًا في الشهر ، أو ما يقرب من 150 دولارًا أقل من متوسط الأجر في مولدوفا.