الاحتفال بعاشوراء يرجع إلى أواخر عهد بناة الاهرام

الاحتفال بعاشوراء يرجع إلى أواخر عهد بناة الاهرامالاحتفال بعاشوراء يرجع إلى أواخر عهد بناة الاهرام

الدين والحياة7-8-2022 | 12:37

يحتفل المسلمون منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بيوم عاشوراء ،بصيام هذا اليوم واليوم السابق له ،ولكن قبل أن يصوم المسلمون يوم عاشوراء صامه اليهود واحتفلوا به،وقبل اليهود أيضا احتفل به المصريون القدماء وهو مايؤكده المؤرخ ابراهيم العنانى عضو اتحاد المؤرخين العرب والذي يقول يرجع الاحتفال بيوم عاشوراء إلي الدولة القديمة في أواخر عهد بناة الأهرام وكان بين أعياد "منف" الدينية وكانوا يطلقون عليه اسم {عيد طرح بذور القمح المقدس} ويقع في يوم 18 يناير في اليوم العاشر من شهر توبي "طوبه" أو شهور الفصل الثاني من فصول السنة {فصل بذر البذور} وكان المصريون القدماء يحتفلون بعيد عاشوراء بإعداد مختلف الأطعمة التقليدية الخاصة به والتي تصنع جميعها من القمح المعد للبذر وفي مقدمتها صحن عاشوراء ولا تختلف صناعته وطريقة إعداده وتقديمه عما هو متبع حالياً ثم البليلة التي كانت تصنع في قدور خاصة ولا تزال حتي الآن من الأطعمة الشعبية المتوارثة ، ثم كعك عاشوراء الخاص ويصنع من القمح وعسل النحل وكان يصنع علي شكل القمحة أو السنبلة وتوضع في وسط الكعكة قمحة رمزاً للخبز ، وقد صادف يوم عاشوراء اليوم العاشر من تشري "أول السنة العبرية" وفيه أمر موسي قومه بالصيام تكفيراً عن ذنب خروجهم عن طاعة الله وعبادتهم للعجل الذهبي في الوادي المقدس عند جبل الوصايا وهو "عيد البكور" وأخذ العرب في الجاهلية عادة الاحتفال ب عاشوراء والصوم عن قوم موسي وعندما نزل الوحي علي محمد صلي الله عليه وسلم وأمره الله بالدعوة إلي الإسلام بدأ بقبيلة قريش وقد طالب النبي المسلمين بالصيام في يوم عاشوراء والاحتفال به ويحتفل الشيعة أيضاً بعيد عاشوراء لأن سيدنا الحسين قتل في يوم عاشوراء كما أن بعض البلاد الآسيوية القديمة كانت تحتفل به أيضاً في نفس اليوم المقدس الذي زرع فيه سيدنا نوح عليه السلام القمحة في الأرض بعد الطوفان

لقد صاحبت عاشوراء بعض العادات خاصة التوسعة علي العيال وذبح الطيور وإقامة الموائد وطبق عاشوراء وعلل العامة هذه التوسعة فقرنوا بين لفظ توسعة ولفظ تاسوعا وهو اليوم السابق ل عاشوراء مع أن اللفظين من أصلين مختلفين ولا علاقة بينهما إلا التشابه في الحروف ، وقد يتساءل الناس عن السر في احتفال المسلمين بهذا اليوم وقيل أنه اليوم الذي تقابل فيه آدم وحواء لأول مرة بعد طردهما من الجنة ، وقيل أنه اليوم الذي خرج فيه نوح من سفينته ومنها أنه اليوم الذي نجا موسي عليه السلام من فرعون ومنها أيضاً أن العرب كانوا يصومون هذا اليوم قبل الإسلام وظل المسلمون الأوائل يصومونه ولكن السبب الأكبر لتقديس المسلمين لهذا اليوم هو أنه استشهد فيه الحسين رضي الله عنه ثم تغير احتفالهم به من احتفال حزن إلي احتفال فرح عند السنيين ابتداء من العصر الأيوبي.

وكانت صفة الاحتفال في العصر الفاطمي أن يحتجب الخليفة عن الناس وفي أول النهار يركب قاضي القضاة والشهود بملابس عادية ويذهبون إلي المشهد الحسيني فإذا جلسوا فيه ومعهم قراء الحضرة والمتصدرون في الجوامع جاء الوزير فجلس في الصدر ، وعلي جانبيه القاضي داعي الدعاة ويبدأ القراء في قراءة القرآن ثم ينشد جماعة من الشعراء شعراً في رثاء أهل البيت عليهم السلام وذلـك لمدة ثلاث ساعات يستدعون بعدها إلي القصر فيدخل قاضي القضاة وداعي الدعاة ومن معهما إلي باب الذهب فيجدون الدهاليز قد فرشت بالحصر بدل السجاد فإذا اكتمل هذا الجمع بدأ القراء يقرأون والمنشدون ينشدون للمرة الثانية ثم تمد موائد تسمي سماط الحزن لأنه يختلف عن أسمطة الأفراح والأعياد فلا تقدم فيه الحلوي والأطعمة الفاخرة وإنما تقدم فيه ألف زبدية من العدس الأسود والعدس المصفي والملوحات والألبان والخبز والفطير المصنوعان من الشعير ، وقد غير لونهما قصداً ويدعي الحضور والناس للأكل من هذا السماط وفي ذلك الوقت يمر النواح بالأسواق يرفعون أصواتهم بالبكاء والنحيب والإنشاد.

وعندما انتهي العصر الفاطمي وبدأ العصر الأيوبي السني تغيرت طريقة الاحتفال بهذا اليوم واعتبر ملوك بني أيوب هذا اليوم فرحاً وسروراً يوسعون فيه علي عيالهم ويكثرون من الأطعمة الفاخرة ويصنعون ألوان الحلوي ويكتحلون ، وذلك جرياً علي عادة أهل الشام التي سنها لهم الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان ليرغموا بذلك أنوف الشيعة 0

وظل هذا التقليد – وهو الاحتفال بيوم عاشوراء علي النمط الذي رسمه العصر الأيوبي - متبعاً في عصر المماليك وفي العصور التالية 0

وبالنسبة لصيام يوم عاشوراء وردت فيه بعض الأحاديث عن النبي صلي الله عليه وسلم نذكر منها :

(1) عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : {إن هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء صام ومن شاء فليفطر}

(2) وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية فلما قدم المدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم صامه وأمر الناس بصيامه فلما فرض رمضان قال عليه الصلاة والسلام : من شاء صامه ومن شاء تركه

(3) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي صلي الله عليه وسلم المدينة فرأي اليهود تصوم عاشوراء فقال عليه الصلاة والسلام : ماهذا ؟ قالوا اليهود يوم صالح نجي الله فيه موسي وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسي عليه السلام فقال عليه الصلاة والسلام : " أنا أحق بموسي منكم فصامه وأمر بصيامه" .

(4) وعن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قال : كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود وتتخذه عيداً فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : صوموه أنتم

(5) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما صام رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : {أي الناس} يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصاري فقال عليه الصلاة والسلام : إذا كان العام المقبل إن شاء الله – صمنا اليوم التاسع ، قال ابن عباس رضي الله عنهما فلم يأت العام المقبل حتي توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم "رواه مسلم وأبو داود" ، ومن المستحب أن يصام التاسع والعاشر والحادي عشر من المحرم ، وكذا التوسعة علي الأهل والأولاد في يوم عاشوراء دون إسراف أو خيلاء لقوله صلي الله عليه وسلم : من وسع علي نفسه وأهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " رواه البيهقي في الشعب وابن عبد البر".

أضف تعليق