حذر وزير مالية بنجلاديش مصطفى كمال، الدول النامية من التهافت على مزيد من القروض عبر مبادرة الحزام والطريق الصينية؛ لاسيما وأن التضخم العالمي وتباطؤ النمو يُزيدان من الضغوط على الأسواق الناشئة المثقلة بالديون.
وقال كمال في مقابلة أجراها مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية ونُشرت في عدد اليوم الثلاثاء، إن بكين بحاجة إلى أن تكون أكثر صرامة في تقييم قروضها وسط تنامي المخاوف من أن شروط الإقراض السيئة قد تزج بالبلدان إلى ضائقة الديون..وأشار إلى نموذج سريلانكا، حيث أدت مشاريع البنية التحتية التي تدعمها الصين والتي فشلت في تحقيق عائدات إلى تفاقم أزمتها الاقتصادية بشكل حاد.
وأضاف في إشارة إلى مبادرة الحزام والطريق "مهما كان الوضع الذي يحدث في جميع أنحاء العالم، يتعين على الجميع أن يفكر مرتين قبل الموافقة على مثل هذه القروض.. فالجميع يلوم الصين حاليًا بنحو لن تستطع معه إنكار مسئوليتها".. واعتبر أن "أزمة سريلانكا سلطت الضوء على أن الصين لم تكن صارمة بما يكفي في تحديد المشاريع التي يجب دعمها حتى أنها باتت في حاجة إلى إجراء دراسة شاملة قبل تمويل أي مشروع".
وتابع: أنه بعد سريلانكا، شعرنا أن السلطات الصينية لا تهتم بهذا الجانب بالذات، رغم أنه ينطوي على أهمية كبيرة جدًا جدًا..وفي هذا، أبرزت "فاينانشيال تايمز" أن بنجلاديش أصبحت الشهر الماضي أحدث دولة في آسيا تلجأ إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، حيث أثر ارتفاع أسعار السلع الأساسية في أعقاب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا على احتياطياتها من العملات الأجنبية، علاوة على أن الدولة - وهي تشارك في مبادرة الحزام والطريق الصينية - مدينة بحوالي 4 مليارات دولار، أو 6% من إجمالي ديونها الخارجية لبكين.
وأوضح كمال في هذا الشأن: أن بلاده تسعى للحصول على الدفعة الأولى من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.5 مليار دولار كجزء من حزمة إجمالية تبلغ 4.5 مليار دولار، خُصصت لتمويل مشاريع مقاومة لتغير المناخ ودعم الميزانية .. مشيرًا إلى أن المبلغ الإجمالي للإقراض المحتمل ل بنجلاديش لم يتم التفاوض عليه بعد.
واستطرد الوزير قائلا "إن بنجلاديش تسعى أيضًا للحصول على ما يصل إلى 4 مليارات دولار إضافية من مجموعة من المقرضين الآخرين متعددي الأطراف والثنائيين، بما في ذلك البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي"..معربًا عن تفاؤله بأن بلاده ستنجح في مسعاها للحصول على قروض من هذه الجهات.
تأتي تصريحات كمال - حسبما أبرزت الصحيفة البريطانية - في الوقت الذي زار فيه وزير الخارجية الصيني وانج يي بنجلاديش في نهاية الأسبوع الماضي؛ حيث عقد اجتماعات مع مسئولين من بينهم رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، وقال في بيان نشره في ختام زيارته إن الصين لاتزال "الشريك الاستراتيجي طويل الأمد الأكثر موثوقية لبنجلاديش"، وأكد أن الجانبين اتفقا على تعزيز "التعاون في البنية التحتية".
وتابعت الصحيفة: إن التداعيات الاقتصادية من جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى الارتفاع في أسعار الغذاء والوقود العالمية وسط حرب أوكرانيا، تسببت في وضع العديد من البلدان النامية تحت الضغط بنحو أصبح البعض منها يكافح لسداد الديون الخارجية..فسريلانكا - التي تخلفت عن سداد ديونها السيادية في مايو - تجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل خطة إنقاذ طارئة.. وباكستان، التي انخفضت احتياطياتها الأجنبية بشكل حاد، توصلت الشهر الماضي إلى اتفاق مبدئي مع الصندوق لصرف 1.3 مليار دولار كجزء من حزمة المساعدة الحالية البالغة 7 مليارات دولار.
كذلك، تضررت بنجلاديش بشدة جراء ارتفاع أسعار واردات الطاقة، حيث أدى نقص الوقود إلى انقطاع التيار الكهربائي يوميًا لعدة ساعات وانخفضت أيضًا احتياطياتها الأجنبية إلى أقل من 40 مليار دولار من أكثر من 45 مليار دولار قبل عام .. مع ذلك، قال محللون إن قطاع التصدير القوي في البلاد، لا سيما تجارة الملابس، ساعد في حمايتها من الصدمات العالمية الأخيرة، ولا تزال احتياطياتها كافية لحوالي خمسة أشهر من الواردات، مما يمنح البلاد بعض الآمال في معالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة.
يذكر أن إجمالي الديون الخارجية ل بنجلاديش بلغ 62 مليار دولار في عام 2021، وفقًا لصندوق النقد الدولي، ومعظمها مستحق لمقرضين متعددي الأطراف مثل البنك الدولي .. كما تدين الدولة بتسعة مليارات دولار لمقرضين حكوميين من اليابان، التي تعد أكبر دائن لها، تليها الصين.