أعرب المبعوث الخاص لأوكرانيا لشئون الشرق الأوسط وأفريقيا السفير ماكسيم صبح، عن أمله في أن تحظى القضية الأوكرانية قسطا كبيرا واهتماما خاصا ضمن جدول أعمال القمة العربية المرتقبة في الجزائر مطلع شهر نوفمبر القادم.
وقال السفير ماكسيم صبح ،في كلمة وجهها اليوم الخميس، عبر الفيديو كونفرانس إلى الجلسة المراسمية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة لبنان، إن الحكومة الأوكرانية ترغب في عقد مؤتمر القمة الثاني لمنصة القرم تحت رعاية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والذي سينعقد افتراضيا في 23 من الشهر الجاري عشية احتفال أوكرانيا بالذكرى الواحدة والثلاثين للاستقلال، داعيا الرؤساء العرب للمشاركة الافتراضية في تلك القمة من خلال إلقاء كلمة ترحيبية قصيرة أو إرسال تسجيل مصور لزعماء البلدان العربية مما سيسهم في الإنهاء العاجل للحرب الدائرة في أوكرانيا ووقف إراقة الدماء.
وأعرب السفير صبح، عن اعتقاده بأن الدعم الفعال لأوكرانيا من طرف الدول الأعضاء في الجامعة العربية لن يتعارض مع مبادئ السياسة الخارجية للدول العربية الداعية إلى احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها، وحرمة حدودها المعترف بها دوليا، وعدم استخدام القوة لحل النزاعات وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.
وعبر السفير ماكسيم صبح عن شكره للجامعة العربية على سرعة استجابتها وحسن تنظيمها لهذا اللقاء الافتراضي الهام، مجددا شكره وعرفانه على التفاعل القوي مع القضية الأوكرانية، معربا عن أمله في أن تجمعه لقاءات أخرى في المستقبل القريب خلال زيارته المرتقبة إلى القاهرة قبل نهاية ال عام الجاري مع ممثلي الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، مشيدا باهتمام الدول العربية بالقضية الأوكرانية.
وأكد "صبح" أن أوكرانيا تولي أهمية بالغة لتطوير تعاونها مع جامعة الدول العربية التي تعد إحدى المنظمات الدولية الأكثر نفوذاً والتي تلعب دوراً محوريا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معربا عن تطلع بلاده إلى تعزيز علاقاتها الثنائية مع الجامعة العربية في إطار تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين وزارة خارجية أوكرانيا والأمانة العامة لجامعة الدول العربية في عام 2009.
وأضاف إن أوكرانيا تشاطر جامعة الدول العربية مقارباتها و مواقفها تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية الراهنة التي تملي علينا ضرورة التنسيق المتواصل من أجل بناء عالم أكثر أمنا و استقرارا، مقدما الشكر لكافة الدول العربية على دعمها لأوكرانيا في إطار الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، معربا عن أمله بأن يستمر هذا التعاون في أجواء مفعمة بروح المودة و التفاهم فيما يخص العديد من القضايا الدولية والإقليمية الهامة.
وأكد تأييد أوكرانيا لحل النزاع "الإسرائيلي - الفلسطيني" في إطار القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة على أساس مبدأ حل الدولتين.
وفيما يتعلق بمسألة الوضعية القانونية للقدس الشريف، أكد السفير صبح، أنه لا بد من مراعاة القانون الدولي وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وقال إن أوكرانيا تتابع عن كثب التحولات الجارية في ليبيا ونأمل بأن تنتهي الفترة الانتقالية الراهنة بنجاح عبر اجراء انتخابات نزيهة وشفافة من أجل تمكين الشعب الليبي من التوصل إلى حلول توافقية تنهي الاحتقان السياسي و تجمع بين جميع الفرقاء بغية ضمان ازدهار ليبيا واستقرارها سياسيا و أمنيا واقتصاديا.
وأضاف إننا" قلقون أيضا من التطورات الخطيرة في اليمن و نأمل في استعادة هذا البلد العربي الصديق للسلام في أقرب الآجال، ونأمل بأن تفضي الهدنة القائمة في اليمن الى حل شامل للنزاع الدائر في اليمن يؤدي إلى إحلال سلام عادل و دائم هناك".
وأعرب "صبح" عن أمله في استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية في كل من العراق ولبنان والسودان.
كما أعرب السفير صبح عن امتنانه لجامعة الدول العربية - قيادة وممثلين دائمين للدول الأعضاء في الجامعة - على استعدادهم لإيجاد السبل والوسائل الكفيلة من أجل إنهاء الهجوم الروسي على أوكرانيا، مؤكدا تقديره عاليا المبادرة العربية التي تم بموجبها إنشاء مجموعة الاتصال لتسوية "الأزمة في أوكرانيا" ومثمنا المفاوضات التي أجراها أعضاء تلك المجموعة مع وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا مطلع شهر أبريل الماضي في وارسو.
وأشار إلى أنه في السنوات الأخيرة ، شهدت المنطقة العربية عددًا من الصراعات إلى جانب العديد من القضايا الأمنية التي لم يتم حلها بعد، ولذلك فقد تبدو حرب روسيا ضد أوكرانيا قضية بعيدة عن المشهد العربي أو غريبة عليه، لكنها في الواقع ليست كذلك، لأن الحرب الروسية على أوكرانيا قد تسببت في حدوث أزمات في مجال الطاقة والغذاء على مستوى العالم ككل، و أما عواقبها فهي ملموسة وواضحة المعالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولفت إلى أنه مع كل يوم من استمرار الحرب الروسية، تظل الأسواق العالمية، بما في فيها أسواق البلدان العربية في أمس الحاجة للإمدادات من أوكرانيا من مختلف أنواع المنتجات كالقمح والزيت والشعير وغيرها من السلع الأوكرانية المشهورة.
وأضاف أنه نتجت عن هذا الوضع المتأزم ضغوطات كبيرة على أسعار المواد الغذائية، ليس فقط في البلدان العربية والأفريقية، وإنما أيضًا في جميع أنحاء العالم لا سيما الدول الأشد فقرا.
وتابع السفير صبح:" إنه بفضل المفاوضات المضنية والوساطة الفعالة لبعض شركائنا قد بدأ مؤخرا التنفيذ العملي لخطة استشناف تصدير الحبوب الأوكرانية وغيرها من المنتجات الزراعية من موانئنا الواقعة على البحر الأسود نحو شركائنا وزبائننا في الشرق الأوسط وأفريقيا، لكن في الوقت الراهن لم يحن الوقت بعد لاستخلاص الاستنتاجات أوالتنبؤ بما ستؤول إليه الأمور مستقبلا، إلا أن الموانئ قد استأنفت نشاطاتها، وبدأت حركة التصدير ، الأمر الذي يمكن اعتباره كأول إشارة إيجابية على وجود فرصة تسمح بوقف تفاقم أزمة الغذاء .
وأضاف إن هدفنا الآن هو أن نحافظ على تلك النزعة الايجابية فيما يخص ضمان استمرارية تصدير الحبوب و الغذاء، لكن في الوقت الحالي ، كل شيء يعتمد على التقيد بالمعايير الأمنية لتلك المبادرة، وهي مسئولية شركائنا أيضا وعلى رأسهم الأمم المتحدة وتركيا.
وأكد أن أوكرانيا كانت وستظل موردًا موثوقًا به وشريكًا واعدا و صدوقا لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الرغم من أننا نتوقع هذا ال عام تسجيل خسائر كبيرة في حجم محاصيلنا بنسبة الثلث بسبب الحرب الروسية.
وأشار إلى مبدأ "الأرض مقابل السلام"، الذي هو أساس مبادرة السلام العربية وبالتالي فإن أوكرانيا، شأنها شأن البلدان العربية لن تتخلى عن سيادتها من أجل تحقيق ما يمكن أن يعتبره البعض سلامًا أو هدنة ، مشددا على أنه لن يتحقق السلام الدائم والشامل بين أوكرانيا والاتحاد الروسي إلا عندما تسحب موسكو بشكل كامل ونهائي جميع قواتها من الأراضي الأوكرانية.
ومن جانبه، قال السفير علي الحلبي سفير لبنان لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية ،في كلمته باعتباره رئيسا للاجتماع، إن هذا الاجتماع يعبر عن الاهتمام الدول العربية والجامعة العربية بتطورات الحرب في أوكرانيا والجهود العربية المبذولة.
وأضاف إن الاجتماع الذي عقد حضوريا للمندوبين الدائمين بمقر الجامعة العربية ومع المبعوث الأوكراني عبر تقنية الاتصال المرئي؛ يعبر عن رغبة الدول العربية في القيام بدور الوسيط المحايد للوصول إلى حلول للحرب في أوكرانيا بالتعاون مع الشركاء الدوليين.
وأوضح الحلبي أن مجموعة الاتصال الوزارية العربية التي شكلها مجلس وزراء الخارجية العرب اجتمعت مرتين ولازالت مستمرة في اجراء المشاورات وبذل الجهود لحل الأزمة في أوكرانيا.
وأكد أن الدول العربية رحبت باتفاق تصدير الحبوب من أوكرانيا والذي ساهم في التخفيف من حدة الأزمة الغذائية العالمية ؛ معربا عن أمله في أن يكون هذا الاتفاق لبنة على طريق حل الأزمة الأوكرانية.