قال نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعادة الشامي، إن لبنان يقف الآن على مفترق طرق أمام مسارين لا ثالث لهما، أولهما الاعتراف بالواقع وبالأزمات العميقة التي يعاني منها، والتعامل معها وجها لوجه مما يعني اتخاذ الإجراءات المطلوبة والقيام بالإصلاحات الضرورية والملحة، والتي تضع البلد على الطريق الصحيح، وثانيهما ترك الأمور على ما هي عليه، مشددا على أن استمرار ما وصفه بحالة الإنكار عند البعض سيدفع بالبلاد إلى المزيد من الانزلاق إلى الهاوية.
وأضاف الشامي ،في بيان توضيحي شامل له اليوم، أن التقاعس عن القيام بما يجب القيام به ليس خيارًا بالنسبة للبنان، ولم تعد مسألة شراء الوقت التي اتسمت بها معظم السياسات المالية والنقدية على مدار السنوات الماضية على حد وصفه ممكنة لأن الوقت أصبح نادرا جدا وبالتالي ذا قيمة مرتفعة.
واستطرد قائلا "إن لبنان لن ينقذه أحد إذا لم نحاول إنقاذ نفسه "، مشددا على أن المشاكل كبيرة لدرجة أن القليل من المساعدة من الأصدقاء المتبقين ل لبنان في العالم لن يؤتي بالنتائج المرجوة على حد ما ورد بالبيان.
واعتبر أن مشاكل لبنان أكبر من أن ينقذها الآخرون، ولكن مع اتخاذ الإجراءات الصحيحة وبمساعدة المجتمع الدولي، يمكن أن تخطو البلاد أولى الخطوات على طريق التعافي، موضحا أن أي تأخير في المضي بالإصلاحات لن يؤدي إلى زيادة حدة الأزمة فحسب بل سيزيد من الوقت اللازم للخروج منها.
وأشار إلى أن الحكومة رسمت خارطة طريق الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي من خلال الاتفاق على صعيد الموظفين مع صندوق النقد الدولي والذي حدد بشكل واضح ما يجب على لبنان فعله على مدى السنوات الأربع المقبلة، مؤكدا على ضرورة عدم التقليل من أهمية هذا الاتفاق وداعيا لاحترامه والسير به بعدما أيده الرؤساء الثلاثة (رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة).
وأكد على وجوب المضي قدما بتنفيذ جميع الإجراءات المسبقة للوصول إلى اتفاق نهائي مع الصندوق، موضحا أنه بمثابة اتفاق شامل وجريء ومتكامل مع أجندة إصلاحات تتناول جميع أوجه الإصلاح، معتبرا أن تنفيذ كل البنود الواردة في الاتفاق يتطلب جهودًا متناسقة ومتسلسلة كما ووجود إدارة فعالة مما يستجوب معالجة التردي الإداري وتحسين ظروف العاملين في القطاع العام بشكل جذري من خلال خطة متكاملة والأفضل من خلال موازنة 2023 والتي يجب البدء بالتحضير لها بأسرع وقت ممكن.
وقال سعادة الشامي نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ورئيس فريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي أن الأولويات في الوقت الراهن لا بد أن تنصب على تنفيذ الإجراءات المسبقة، معتبرا أن إقرار قانون التعديلات على السرية المصرفية من قبل مجلس النواب هو خطوة في الاتجاه الصحيح.
وأوضح أن المطلوب اليوم هو الإسراع بإقرار موازنة 2022 وذلك للانصراف إلى تحضير موازنة 2023، مشيرا إلى أن النقاش الدائر اليوم حول سعر الصرف المعتمد في الموازنة والدولار الجمركي هو نقاش مفيد ولكنه استحوذ على الكثير من الوقت وفي بعض الأحيان خرج عن إطاره الصحيح، موضحا أن موازنة 2022 أعدت على أساس سعر صرف 20000 للدولار الواحد وهو سعر منصة صيرفة في ذلك الوقت، مشددا على أن أي تعديل في سعر الصرف يجب أن يكون منسجما مع سعر الصرف الحالي (وصل إلى 26200 ليرة لكل دولار على منصة صيرفة و32 ألف ليرة للدولار في السوق).
وشدد على أن الطروحات الحالية التي تنادي برفع سعر الدولار المطبق على الجمارك (السعر الحالي 1507 ليرات للدولار) بالتدرج سيحرم الموازنة من الحصول على الإيرادات التي هي بأمس الحاجة إليها لتحسين ظروف العاملين في القطاع العام ولزيادة الإنفاق على القطاعات الاجتماعية والبنى التحتية والتي ستعود بالنفع على كل اللبنانيين.
وأكد أن رفع سعر الدولار الجمركي بالتدرج سيزيد من الاستيراد والتخزين (وذلك بانتظار رفع السعر من جديد) وسيكون ذلك لمصلحة المستورد وعلى حساب الخزينة ومعظم اللبنانيين، مشيرا إلى أن الأثر الاجتماعي لرفع سعر الصرف سيكون بالمبدأ محدودا نظرا للإعفاءات الجمركية الموجودة على السلع والمواد الاستهلاكية الأساسية من جهة، ومن جهة أخرى، فإن رفع سعر صرف الدولار الجمركي ليتساوى مع سعر السوق أو أقله مع سعر الصيرفة سيخفف من الطلب على الكماليات والسلع والمواد الفاخرة، وبالتالي على الطلب على الدولار مع ما لذلك من تداعيات إيجابية على سعر الصرف مما لذلك من أثر اجتماعي إيجابي.
وشدد الشامي على أن الوقت حان لإقرار قانون الكابيتول كونترول بعدما تمت دراسته على مدى فترة طويلة والذي يهدف لوضع قيود وضوابط على التحاويل والسحوبات وذلك بهدف الحفاظ على ما تبقى من الاحتياطات الأجنبية وتحسين وضع ميزان المدفوعات بشكل عام.