المستشارة الخاصة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، ترى أن كل القيادات لابد أن تقدم تنازلات تاريخية وتتحمل مسئوليتها وتتفق على خريطة طريق للانتخابات فى إطار دستوري.
وترى أيضا أن عملية إجراء الانتخابات ممكنة وتعد المفتاح لحل الصراع الدائم على السلطة التنفيذية، وأن الشعب الليبي يريد انتخابات وطنية لتجديد طبقته السياسية وانتخاب رئيس.
وللحقيقة هذه الرؤية مقبولة لكن تحتاج لعمل على الأرض يجمع ما تبقى من الشعب فى الداخل والذى قد لا يتجاوز تعداده ثلاثة ملايين والباقى يعيش فى الشتات على أمل إصلاح الوضع وتوفير أدنى حد من الاحتياجات اليومية لحياة قابلة للاستمرار داخل الوطن. والغريب أن الجميع يدعو للانتخابات وإعطاء فرصة للشعب لاختيار من يحكمه، ونسيت القيادات أنه قد لا يجد قوت يومه مع انشغال من يدير المرحلة الانتقالية بالحديث عن فساد ومؤامرات.
إذن من سيقوم بالانتخابات إذا تم تغييب الشعب عن مقدرات وثروات بلاده التى تكفى لتوفير حياة كلها رفاهية، لكن للأسف أقل القليل لا يتم وضعه فى الحسبان، وكأن ليبيا أصبحت ملكا لمن يدير الملف وكأنه لا صاحب لها، وفى الحقيقة صاحبها هو مجموع شعبها فى الداخل والخارج الذى يحتاج لاستعادة الثقة فى حكام المرحلة الانتقالية حتى يلتف الجميع حول مبدأ الوطن أولا وإخراج كل المتدخلين السلبيين من المشهد والعمل على مدار الساعة لإنجاز ملف المصالحة واختفاء مشاهد التحريض لأن التركيبة السكانية فى ليبيا تختلف تماما عن أى دولة عربية، فيمكن للقبائل المساهمة بدور كبير فى إعادة بناء ما تم تدميره ماديا واجتماعيا على مدار سنوات، ويمكن لشيوخ القبائل حل مشاكلهم تحت ظل شجرة وليس من خلال مؤتمرات دولية وكلها ثبت فشلها لأن الحل في يد الشعب، وأن الوضع الراهن مازال يؤكد أن ليبيا مختطفة وأنها أرض لتصفية الحسابات والمصالح الدولية والشخصية لدى البعض.
هذا هو نبض الواقع لمن يعرف جيدا تضاريس الدولة الليبية وتركيبتها الفتية الطيبة الغنية فى طباعها بالعزة والكرامة لفرسان موجودين بالفعل لكن لا يتم تسليط الضوء عليهم لإبعادهم عن المشهد أو لأسباب من بينها خدمة أجندات خارجية، وأعتقد أن تغيير المشهد للأفضل يبدأ من العمل على ثلاثة مستويات فى نفس الوقت، أولا المصالحة الوطنية باعتبارها الأرض الصلبة التى تتحمل المراحل الانتقالية وقسوتها، والمستوى الثانى تخفيف الأعباء عن مواطن الداخل ولم شمل الأسر والعوائل، والمستوى الثالث الحفاظ على الأمن والاستقرار من خلال دعم خطط توحيد المؤسسات العسكرية، والعمل على نزع سلاح الميليشيات، وإصلاح القطاع الأمني، وترتيب رحيل المرتزقة والقوات الأجنبية التي تنتهك السيادة الليبية.