كاهن كنيسة أبو سيفين يروي تفاصيل الأحد الدامي: تدافع المسلمين قبل المسيحيين لإنقاذ الضحايا

كاهن كنيسة أبو سيفين يروي تفاصيل الأحد الدامي: تدافع المسلمين قبل المسيحيين لإنقاذ الضحايا كاهن كنيسة أبو سيفين

"هنا المحبة والسلام المسيحية والإسلام"، أشاد القس روفائيل سامي، كاهن كنيسة القديس أبو سيفين بإمبابة، والتي تعرضت لحريق مدمر الأسبوع الماضي، أثناء أقامة القداس الإلهي، أسفر عن استشهاد 41 مصلياً، بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بإعادة بناء وترميم الكنيسة، مشدداً على عمق المحبة التي تجمع المصريين جميعاً، مسلمون ومسيحيين، والتي تجلت بأحلى صورها فى إسراع شباب المنطقة المسلم قبل المسيحي معاً، فى محاولة لإنقاذ ضحايا الحادث الأليم..

ونفى القس روفائيل وبشدة أن يكون القمص عبد المسيح الذى استشهد فى الحادث قد منع المصلين من الخروج قبل انتهاء القداس، مشيرًا إلى أن الوفيات لم تحدث نتيجة التدافع أو الاحتراق، وإنما أن الخبراء أكدوا أن درجه حراره النيران بلغت 300 درجة مئوية، مشيرًا إلى أن إنشاء الكنيسة كمبنى سكنى منذ حوالى 18 عامًا كان بسبب الإجراءات الصعبة للحصول على الترخيص ببنائها وقتئد، مرحبا بقانون بناء الكنائس الجديد الذى صدر مؤخرًا مؤمجًا أنه سيحمل هذه المشكله بصورة كبيرة.

ما التفاصيل التي حدثت قبل وأثناء الحادث فى داخل الكنيسة؟

في حوالي الساعة الثامنة والثلث من صباح الأحد الماضي وأثناء القداس الإلهي، انقطع التيار الكهربائي عن الكنيسة، فقام حارس العقار بتشغيل المولد الكهربائي الموجود بالدور الثالث بمبني الكنيسة، وعقب عودة التيار الكهربائي مرة أخرى حدثت شرارة من المولد تسببت فى الحريق، ولما كان الدور الثالث – الموجود به المولد – مخصص لفصول الخدمة الكنسية ودروس التقوية للطلبة، فلم يكن هناك أحد فى هذا الدور فى هذا التوقيت المبكر وأثناء القداس المقام بالدور الرابع، فلم ينتبه أحد للحريق إلا بعد أن استشرى وأتى على الدور الثالث بأكمله، وصعد الدخان باندفاع شديد للدور الرابع حيث شعر به المصلون.

الأمر حدث بسرعة شديدة، وانتشر الدخان بكثافة فى الدور الرابع نفسه، مما أدى لحدوث اختناقات لمعظم الموجودين فى الكنيسة، ومع فقدان معظمهم الوعي نتيجة لاستنشاقهم الدخان بكثافة، حدثت الوفاة، حتى أن البعض الذين حاولوا فتح الشبابيك الموجودة داخل الكنيسة لم يسعفهم الوقت أو الوعي للقيام بذلك..

جهود سكان المنطقة

ألم يشعر الجيران بما حدث؟

نتيجة لتصاعد النيران و الدخان من الدور الثالث انتبه الجيران للوضع، فبدأوا يحاولون إنقاذ المصلين بالكنيسة، وبالفعل حاول البعض الصعود للكنيسة من خلال سلم المبني، إلا أنهم لم يستطيعوا ذلك نظرا لأن الحريق كان فى الدور الثالث أسفل الدور المقام فيه القداس والمتواجد فيه المصلون، الذين لم يستطيعوا أيضًا أن ينزلوا من كثافة النيران والدخان..

ونظراً لهذا الوضع حاول البعض من الجيران ومنهم الأخ محمد الذي أصيب فى الحادث أن يقفز إلى السطح لمحاولة إنقاذ المصلين، إلا أنه وجد أن الطاقة المؤدية من السطوح للدور الرابع المتواجد فيه الكنيسة، مقفولة – حيث قمنا بقفلها فى وقت سابق بغطاء حديدي، حتى لا تكون منطا لمن يحاول التسلل للكنيسة، وكذلك لعدم صعود الأطفال للسطوح، خاصة أنه ليس له سور – فقام محمد بكسر القفل الحديدي، وفتح الغطاء ونزل بالفعل إلى الكنيسة وقام بإنقاذ أكثر من طفل، ولكنه فى البداية لم يستطع أن يأخذ المصابين إلى السطح مرة أخرى لأن السلم المؤدي للسطح مثبت على الحائط، ومعظم المصابين كانوا فاقدين الوعي، وبالتالي لم يستطع أن يحملهم ويصعد هذا السلم العمودي، وعندما حاول النزول لأسفل لم يستطع لكثافة النيران و الدخان فى الدور الثالث، وبالتالي اضطر للانتظار حتى جاءت المطافي وتم إخماد الحريق فى الطابق الأسفل، وبدأ فى النزول بالمصابين، ولكن للأسف كان معظمهم قد توفى..

هل السبب فى الحادث عدم قيام الحارس بفصل التيار الكهربائى عقب عمل المولد؟

لا يوجد أي تقصير من الحارس «كيرلس» فالمولد كان من المفترض أن يفصل بمفرده عقب عودة التيار الكهربائي، ولكن هذا لم يتم، وحدثت الشرارة التى أدت لاندلاع هذا الحريق المدمر..

الحادث وقع بسرعة شديدة، وهذا الأمر مع الاختناق، لم يساعد المصلين حتى على الصعود إلى السطح نظراً لفقدانهم الوعي من أثر الدخان الشديد، وحتى من كان واعيا لم يستطع أن ينزل لأسفل من كثافة الدخان والنيران بأسفل..

ولم يسقط ضحايا من خلال التدافع، ومعظم الضحايا كانوا بسبب الاختناق وليس التدافع..

كيف أظهر الحادث تلاحم المسلمين والمسيحيين؟

المحبة منتشرة بين الجميع، مسلمين ومسيحيين، فشباب المنطقة على اختلاف دياناتهم قاموا بعمل بطولى، وكانوا يصعدون للكنيسة غير مبالين بالمخاطرة و الدخان فى محاولة لإنقاذ أي مصابين، وأي شخص كان يرافق المصابين فى سيارات الإسعاف إلى المستشفى حتى ولو لم يكن قريباً له، والدليل أن الشاب محمد الذي أنقذ أكثر من طفل، أصيب بعد أن سقط وهو يحمل أحد المصابين ذى الوزن الثقيل فكسرت قدمه أثناء عمله البطولى..

ما هو تاريخ إنشاء الكنيسة وعدد أدوارها؟

أنشئت منذ حوالي 18 سنة، وأقيم بها أول قداس بعد الإنشاء فى سنة 2007، عملية شراء الكنيسة فى البداية كانت على أنها منزل عادي، حيث إنه فى هذا التوقيت كان من الصعب الحصول على ترخيص لإنشاء الكنيسة، نظراً لصعوبة الإجراءات، ولكن مع الوقت تحول المنزل إلى كنيسة، كما كان متبعاً فى مثل هذا الزمان..

مبنى الكنيسة مكون من 4 أدوار، الدور الأول منها به كنيسة صغيرة، بالإضافة لحجرة لعمل القربان، وأخرى لحارس الكنيسة، وكذلك دورات المياه، ويشتمل الدور الثاني على شقتين إحداهما مخصصة كحضانة للأطفال، وتقدم كذلك خدمات تعليمية لهم، والثانية شقة لمكاتب الآباء الكهنة، أما الدور الثالث فهو مخصص لخدمات الكنيسة، من فصول مدارس الأحد، ومعرض ملابس، وحجرة المعمودية، وكافتيريا، أما الدور الرابع فكان يحتوي الكنيسة الرئيسية، حيث حرص القمص عبد المسيح بخيت الذى استشهد فى الحادث، على اختيار هذا الدور كقاعة للكنيسة الرئيسية، حتى يستفيد من أكبر مساحة ممكنة لاستيعاب شعب الكنيسة ذات الكثافة العالية.

تكليف الرئيس

كيف ترى قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإعادة ترميم وبناء الكنيسة فى أسرع وقت؟

الرئيس عبد الفتاح السيسي بالفعل أصدر قرارًا بتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإعادة ترميم وبناء الكنيسة فى أسرع وقت، والهيئة قامت بتنفيذ التكليف بصورة فورية، حتى أنهم بدءوا العمل أثناء وجودنا فى المستشفى لتجهيز الضحايا للصلاة عليهم، وعلمت بالخبر وقتها، ولقد كان لهذا القرار أثره فى عودة السلام لقلوبنا، على الرغم من حجم المأساة والحزن الذي كنا نعانيه بعد الحادث، والهيئة تقوم حاليا ليس فقط بإعادة بناء الكنيسة، ولكن أيضًا بتلافى كل الأوضاع الخاطئة التى كانت موجودة عند بناء الكنيسة، وقاموا بالفعل بتعديل كثير من هذه الأخطاء، ومنها أنهم سوف يقومون بعمل منافذ للخروج عند تعرض الكنيسة لأى مخاطر مثل الحادث السابق لتلافى وقوع ضحايا..

فبعد أخذ عينات من عمدان الدورين الثالث والرابع، تقرر هدم هذين الدورين بالكامل مع سقف الدور الثاني وإعادة بنائهم مرة أخرى، وجارٍ بالفعل تنفيذ هذا الأمر

ما ردك على الشائعات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الحادث؟

أشيع على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الشائعات ومنها أن هناك لجنة من الدفاع المدني – أو انتحلت هذه الصفة – قد زارت الكنيسة قبل الحادث بيوم، وأنها قامت بفحص المولد المتسبب فى الحادث وقامت بالتلاعب بوصلاته، وهذه الشائعة غير صحيحة جملة وتفصيلاً، الذي يقوم بصيانة المولد أحد خدام الكنيسة، وقد قام بهذا العمل بالفعل قبل شهرين، وخلال هذين الشهرين عمل المولد بالفعل أكثر من مرة دون مشاكل.

وادعت بعض الشائعات أن القمص عبد المسيح بخيت منع المصلين من الخروج قبل انتهاء الصلاة، وهذا أيضا غير صحيح فالحادث قد وقع بسرعة شديدة، والكاهن الراحل لم يستمر فى القداس على الرغم من الدخان المتصاعد كما يدعى البعض وأبونا عبد المسيح، قد وقع فى مكانه أمام المذبح، ولم يسعفه سرعة الحادث من القيام بأي رد فعل.

وحالات الوفاة كانت من الاختناق بسبب الدخان الذى أدى لفقدان الوعي ومن ثم الوفاة، وأن النيران لم تؤثر فى مبنى الكنيسة بالدور الرابع، ولا على الضحايا، ولكن مع شدة الدخان حدثت حالات الوفاة، خاصة أن الدخان كان شديداً لدرجة أن عمدان الكنيسة نفسها قد انصهرت والمتخصصون الذين عاينوا الكنيسة بعد الحادث أكدوا أن درجة حرارة النيران و الدخان كانت 300 درجة مئوية..

وبعض الأنباء تناثرت حول أن الباب الخارجي للكنيسة كان مقفولا، وهذا غير صحيح والدليل على أنه كان مفتوحاً، أن الأشخاص الذين حاولوا دخول المبنى لإنقاذ الضحايا قد دخلوا بالفعل وصعدوا للدور الثاني، إلا أن النيران وما صاحبها من دخان شديد وانعدام الرؤية بالدور الثالث، منعهم من إتمام محاولاتهم لإنقاذ الضحايا، وما يثبت أيضًا أن الباب الخارجي كان مفتوحاً، أن أطفال الحضانة قد نزلوا إلى الشارع - فور حدوث الحريق - من خلال هذا الباب الذى لم يكن مغلقاً البتة.

هل الكنيسة كانت تلتزم باحتياطات الأمن الصناعي أم لا؟

الكنيسة كانت ملتزمة باتخاذ كل احتياطات الأمن الصناعي، وكان يوجد بها خط حريق كامل، وإن كان السنسور الخاص به عطلان لضعف الإمكانيات، وهذا من ضمن التعديلات التى سوف تتلافاها عملية إعادة الترميم التى تقوم بها الهيئة الهندسية للمبني.

وتواجد الكنيسة داخل مبنى سكنى، كان نظرا لصعوبة إجراءات الحصول على ترخيص بناء الكنائس فى ذلك التوقيت، وقت إنشائها ما بين 2001، و2007، ولكن بعد صدور قانون بناء الكنائس مؤخراً، فقد قاموا بإجراء بعض التعديلات الخاصة بأخذ شكل الكنيسة المتعارف عليه، وهذا القانون سوف يساعد على حل كثير من المشكلات المتعلقة ببناء الكنائس، والدليل السرعة التى تقوم بها الهيئة الهندسية لإعادة بناء الكنيسة..

كل الشكر لجميع الجهات الرسمية والحكومية والخاصة، والتى قدمت كل وسائل المساعدة والإمكانيات للتخفيف من وطأة الحادث، ومساعدة أسر الضحايا والمصابين.

أضف تعليق