عاطف عبد الغنى يكتب: الدولة.. وقوتها الغاشمة

عاطف عبد الغنى يكتب: الدولة.. وقوتها الغاشمةعاطف عبد الغنى يكتب: الدولة.. وقوتها الغاشمة

*سلايد رئيسى16-2-2018 | 15:08

تعريف مصطلح الدولة، ومفهومها قرين بـ «ممارسة السيادة». والدولة هى تعبير عن الشرعية، وأداة للهيمنة. والدولة تشير إلى مجموعة من مؤسسات الحكم التى تبسط سيادتها على أرض وسكان محددين. (1) وعندما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تكن هناك دولة للمسلمين (بمعناها المعروف الآن)، ولكنه أسس لها من خلال مفهوم الأمة. وبعد الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ الخلفاء الراشدون تنظيم الدولة على هدى من تجارب سابقة تمثلت فى الفرس والروم، وكانت تلك التجارب مستقرة لعهود طويلة – قبل الإسلام – لكن لا يعنى ما سبق أن المجتمع المسلم بمجرد أن استقر فى المدينة المنورة بعد هجرة الرسول «صلى الله عليه وسلم» لم يكن له قوانينه الصارمة والعادلة التى ضمنت لأعضاء هذا المجتمع التمتع بالأمن والأمان والطمأنينة، وإرساء قواعد للحقوق والواجبات تقتص من الظالم للمظلوم، وتحمى الضعيف من بطش القوى، وتحقق أهداف ومقاصد الشريعة الخمس فى حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. ولا يستطيع مجتمع صغير أو كبير (قبيلة فى أدغال أفريقيا أو دولة فى حجم الولايات المتحدة الأمريكية) أن تحقق كل ما سبق دون امتلاك القوة اللازمة التى تعكسها مؤسسات الدولة المختلفة من جيش وشرطة وقضاء وما يعاونها من باقى المؤسسات، وفى حال عدم امتلاك الدولة لهذه القوة والقوى توصف بأنها دولة رخوة، أو ضعيفة، وقد تصل إلى مرحلة الدولة الفاشلة. وحولنا نماذج كثيرة لهذه الدولة التى حدد مقاييس فشلها ومظاهر رخاوتها الغرب، وحدد أن عدم قدرة الدولة فى السيطرة على أقاليمها، وحدودها، وكذا عدم قدرتها على فرض القانون فى داخلها، أو ضمان الأمن والأمان لشعبها، يجعلها دولة رخوة، أو فاشلة. والمدهش فيما نراه الآن أن هذا الغرب نفسه يستغل ضعف هذه الدول، وفشلها، ويتدخل فى شئونها سياسيًّا.. ويهاجمها عسكريًا بقوته الغاشمة، بدعوى إصلاح أحوالها، والعالم كله يعرف أنه يفعل ذلك خدمة لمصالحه ومشاريعه. (2) والآن عندما تنزع الدولة المصرية لأداء مهامها فى الحفاظ على كيانها، المهدد بشدة من داخله، وخارجه، وتعمل على عدم السقوط فى هوة الفشل والرخاوة والفوضى – لا قدر الله – ليس فقط عليها ألا تتلكأ، أو تتقاعس، أو تكتفى بما نسميه القوة الناعمة، فالمعركة لم تقف عند الصراع الفكرى أو الثقافى، المعركة تجاوزت كلام الحناجر إلى نحر الحناجر، وإزهاق الأرواح بأساليب لم يسبق للمصريين فى تاريخهم المنظور أن رأوا مثل بشاعته. وفى مثل هذه الحالة، يكون لزاما على الدولة المصرية أن تستخدم كل ما تملك وتستطيع، من قوة للردع، والدفاع، والهجوم، ضد أعدائها، أعداء الوطن فى سيناء، وفى كل شبر على أرض مصر، وأن تفعل ذلك فى سعيها لحراسة الحدود، والثغور، كما كان يحدث وسوف يحدث من قبل، ومن بعد، فى البر، والجو، والبحر، وامتداداته فى المياه الإقليمية التى لنا مصالح فيها وثروات. وأعتقد أن غالبية المصريين قد فهموا - الآن - لماذا نزعت الدولة فى الشهور والسنوات الأخيرة لاستكمال وتطوير تسليحها، فى عناصرها المختلفة، وقد تحالف الكارهون والأغبياء من قبل فى ترديد أحاديث خبيثة، وغبية، عن الإنفاق على التسليح ونحن فى مرحلة سلام مع إسرائيل (!!) وعلى هؤلاء الأخيرين إذا كانوا يملكون ذرة من شجاعة أن يجاوبوا على سؤال: هل الذى يهدد بشكل مباشر أمن مصر، وسلمها – الآن – العدو التاريخى؟ أم أن هناك أعداء آخرين للدولة ومصالحها وأمنها واستقرارها ووحدتها؟!.. لا تنتظر إجابة من عقول أصاب منطقها الاعوجاج. (3) نوع آخر من القوة غير الرصاصة ودانة المدفع، يجب أن تمتلكه الدولة، وهى قوة القانون، وهو جزء لا يتجزأ من دستور الدولة، و«مانفستو» أمنها القومى، فى الأحوال العادية، والاستثنائية، وفى تلك الأخيرة تزيد وتشتد قبضة الدولة، وتتوسع صلاحياتها فى استخدام القوة، ولكن يتم هذا أيضا فى إطار ينظمه القانون ويتم تطبيقه فى حالة محددة، تسمى حالة الطوارئ، التى تزيد فيها تهديدات الأمن وسلامة الشعب والممتلكات العامة والخاصة للدولة، وهو ما يطلق عليه إجمالا، تهديد الأمن القومى. (4) هل يمكن أن نسقط ما سبق على الأحوال الراهنة التى تمر بها مصر؟! الإجابة – بالطبع – نعم.. بداية بما انطلق فى سيناء من خلال العملية «سيناء 2018» وهى مواجهة شاملة للإرهاب، كان لزاما على الدولة أن تلجأ فيها لقوتها العسكرية الغاشمة ليس فقط للقضاء على ما يمكن القضاء عليه من المقومات الأساسية للإرهاب، ولكن أيضا لقطع طرق الإمداد اللوجيستى له، ومحاصرته لتقليص مساحة البؤرة الموبوءة به، تمهيدًا لإزالتها نهائيًا. وطرف المعركة الآخر هو عدو لا يعترف بالدولة الوطنية حسب الفكر والعقيدة التى يتبناها، بل لا يعترف بحق البشر الموجودين على الأرض المصرية فى الحياة باعتبار أنهم خارجون عن الملة (كفار) ، وفى هذا الصدد فهو يفصل نفسه عن عموم المصريين، ويميز نفسه بصفات من امتلك التفويض، والاختيار الإلهى، فهو لا يقل عنصرية عن نظراء له يظنون أنهم شعب الله وخاصته المختارة. وعلى هذا الأساس، راح هذا العدو القريب يحاول أن ينفى كل من، وما، على هذه الأرض من البشر إلى الجماد، ومن الممتلكات العامة والخاصة وباقى مقومات الدولة المادية، وهو يتصور أنه يهدم ليحرث الأرض ويمتلكها بعد ذلك على اعتبار أنه الفصيل الأجدر بسكناها، إلى آخر هذا الفكر الذى أوصلنا إلى ما نحن فيه من مواجهة، باتت فاصلة فى اختيار الموت أوالحياة. وفى غير سيناء هناك جزء آخر من هذا الفصيل يمارس فى الداخل كل أساليب بث الفتنة وزرع بذور الريبة والشك، بين المصريين، ومؤسسات دولتهم، من الجيش إلى الإعلام، والقضاء والشرطة، وحتى الأزهر والكنيسة، لم يتركوا شخصًا أو مؤسسة إلا طعنوا فيها، وهم يفعلون ذلك، رغبة فى الثأر لما يتصورون أنه حق لهم وسلب منهم وهو (الحكم والسلطة)، وفى جزء آخر لتصدير الفرقة والتشرذم، لا يعنيهم بقاء الدولة أو هدمها، هى فقط السلطة لا غيرها.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2