روسيا غاضبة لاغتيال الصحفية ابنة المفكر الروسي المثير للجدل، وتتوعد بالرد، وينفى زيلينسكي علاقة أوكرانيا بالحادث، ويتردد أنها لم تكن المستهدفة، وأن والدها الفيلسوف الشهير هو الهدف، أما الحادث بكل المقاييس مرفوض تمامًا تحت أي ادعاء، والسؤال لماذا منح بوتين وسام الشجاعة لروح داريا دوجين عقب اغتيالها؟!
وفى السطور القادمة، نحاول الإجابة عن هذا السؤال، وبالعودة إلى أفكار الفيلسوف ألكسندر دوجين، نرى أنه من أكبر المدافعين عن " روسيا الجديدة"، وهو ما يعتقده بوتين، ويعرف عنه جميع الأوساط السياسية أنه من المقربين للرئيس بوتين، وعلاقته اللصيقة ب بوتين تؤكد فرضية أنه كان المستهدف من تفجير السيارة.
ويؤمن بها كذلك أغلب رجال الكرملين، وقد أطلق عليها دوجين مصطلح "نوفوروسيا"، وتعني روسيا الجديدة، واستخدمها بوتين فى كثير من المحافل السياسية، وتحت ذريعة أنه العقل المدبر ل بوتين بناءً على دعوته إلى ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، فرضت عليه أمريكا عقوبات فى عام 2015.
ويعتقد دوجين أن التاريخ يدور فى فلك الصراع بين القوى الساعية لاحتلال أكبر نفوذ بحري وقاري، ويرجع علة سقوط الاتحاد السوفيتي إلى اعتماده على "حضارة اليابسة"، التي يقابلها حضارة يحتضنها البحر المتوسط والأطلنطي، وتفوق فى كنفها الأمريكيين والأوروبيين، وحكاية الحرب الباردة ليست لها صلة بسقوط الاتحاد السوفيتي.
وتسيطر على الفيلسوف الروسي المثير للجدل فكرة أن الصراع بين موسكو وواشنطن صراع جغرافى، وغير وارد لديه أنه صراع أيديولوجى، برغم أنه قال إن الشيوعية والفاشية والليبرالية نظريات قام عليها العالم الحديث.
ويرى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي زعيمة الليبرالية، وأنها انتصرت على الشيوعية، وأنها تعيش حاليًا أزمة وجودية ومهددة بالأفول.
وتشير تقارير لدوجين تتضمن دعوته إلى حتمية التدخل الروسي فى سوريا، ويحدد مبررين وراء ذلك، أولاً أن سوريا تُعد الخط الخارجي للدفاع عن روسيا، وثانيًا أنه من خلال سوريا يمكن وقف التمدد الأمريكي فى المنطقة.
وكان ألكسندر دوجين قابعًا فى كهفه، لم يحاول الظهور مطلقًا عبر الفضائيات أو الإعلام بصفة عامة، ولأول مرة يسمعه العالم، ويخرج عن صمته بعد اغتيال ابنته داريا، ويتحدث بحزن شديد على الشاشات.