خبراء يجيبون .. كيف نحمى الأسرة من شائعات النيوميديا؟

خبراء يجيبون ..  كيف نحمى الأسرة من شائعات  النيوميديا؟السوشيال ميديا

منوعات30-8-2022 | 15:14

الطائرة والصاروخ والقنبلة والرصاصة وأدوات الحرب التقليدية كلها ليس لها القدرة على تدمير مجتمع أو دولة، كما تفعل «النيو ميديا» التى نعرفها ونستخدمها جميعا فى كل يوم وكل لحظة، فمواقع التواصل الاجتماعى أصبحت منصة إطلاق الشائعات الضارة والمدمرة والفتاكة التى تمزق روابط المجتمع وتفتت نواته وهى الأسرة.. وهنا يبرز السؤال الأخطر، كيف نحتمى بدرع واق من مخاطرها؟.. الخبراء يجيبون فى السطور التالية.

قد يعتقد البعض أن التكرار المستمر والنداء المتواصل والتحذيرات المتعالية التى تشير لمخاطر وأخطار مواقع التواصل الاجتماعى ومواقع الإنترنت المختصة فى نشر المحتوى المرئى والمسموع والتى أصبحت يطلق عليها إجمالا اسم الإعلام البديل أو الإعلام الجديد «نيو ميديا»، هى نوع من المبالغة أو التضخيم ولكن الحقيقة أنها أصداء نداءات عالمية تنتشر فى العالم كله وتتكاثف كالسحاب الركيم وتتوسع أصداؤها فى كل دقيقة وتحظى يوميا ولحظيا بآلاف المؤمنين بخطورتها على المجتمعات كافة.

مكمن الخطر

فى البداية يقول عبد العظيم خضر المدير التنفيذى لإحدى الشركات المتخصصة فى السوشيال ميديا وتصميم المواقع الإلكترونية إن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت تقسم إلى نوعين، النوع الأول وهو مجموعة مواقع ومنصات التواصل الاجتماعى التقليدية وأشهرها الفيسبوك وتويتر واليوتيوب وسناب شات و الانستجرام وواتس آب، وهى المواقع التى أسست ورسخت مفهوم مواقع التواصل أو الإعلام الاجتماعى «سوشيال ميديا» وجعلته مصطلحا متداولا على ألسنة الناس ومستقلا بذاته ودالا على منصات وتطبيقات هذه المواقع بعينها، واعتمدت فى بداياتها وتطورها على الكتابة والصورة ثم واكبت التطور بإدخال الفيديوهات القصيرة والمحتوى المرئى ضمن مكونات محتواها، ومع انتشار هذه المواقع واعتماد مليارات البشر عليها يوميا فى أمور عديدة تبدأ بالترفيه وتمضية الوقت وتنتهى بالتجارة وتسويق الأعمال والخدمات والمنتجات، هذا الانتشار فتح الباب لوجود النوع الثانى من مواقع التواصل الاجتماعى الجديدة التى اعتمدت بشكل أكثر دقة وتحديدا على المحتوى المرئى كتطبيق «تيك توك» و«كيه واي» أو المحتوى المسموع مثل «بودكاست» ومن هنا بدأ يظهر مصطلح الإعلام البديل، حيث أصبحت هذه المواقع والتطبيقات هى المصدر الأساسى لتلقى المعلومات والأخبار والمتعة والترفيه عند أفراد المجتمع وهذا بالضبط هو مكمن الخطر.

درع الحماية

ويشرح خضر: أول خطوة فى طريق مواجهة خطورة هذه المواقع هو أن نفهم وندرك طبيعة «الخطر» الذى نتعامل معه، فهذه المواقع ليس لها أى ضوابط أو قيود أو رقابة على نشر المحتوى وبالتالى يمكن ( لأى شخص) أن ينشر عبر هذه المنصات (أى محتوى) وهذا المحتوى قد يحمل (أى مضمون) وهناك نقطة خطيرة تؤثر إيجابا فى انتشار هذه المواقع، وتؤثر سلبا على مستخدميها وهى الربحية من هذه المواقع، حيث نقابل آلاف الشباب الذين تركوا العمل أو الدراسة وتفرغوا لبث محتوى مرئى على هذه المواقع آملين أن يحققوا ملايين الجنيهات كالذى حققه «فلان» الذى يقدم محتوى تافها أو محتوى كشف فيه سر حياته الخاصة ونشر تفاصيلها فحظى بملايين المتابعين وحقق ربحا يفوق الخيال، وسيطرة هذه الفكرة على عقولهم تجعلهم يتجاهلون أن هناك الآلاف يقدمون محتوى مشابها لكنهم لم يحققوا كل هذه الأرباح، وفى الأساس إن فكرة الربح من مواقع التواصل الاجتماعى هى فكرة خيالية وللأسف تجد من يروج لها طوال الوقت وينشر الشائعات والأكاذيب حول «الأرباح الرهيبة» التى يجنيها أصحاب المحتوى التافه أو الذين يروجون شائعات وأكاذيب بهدف الإثارة، ثانيا تعريف المستخدمين والأطفال بطرق استخدام هذه المواقع والتطبيقات بشكل آمن لهم ولمجتمعهم كعدم الإفراط فى نشر معلوماتهم على هذه المواقع والتطبيقات وخاصة المعلومات الشخصية والعائلية.

ويستكمل: الحماية من مخاطر «النيوميديا» تستوجب مجموعة من الإجراءات المتداخلة والمتكاملة مع بعضها فى ذات الوقت أولها وأهمها هو التوعية المستمرة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع بمخاطر هذه المواقع والتطبيقات من خلال القنوات الإعلامية والتعليمية المختلفة وتكثيف حملات التوعية بالاستخدام الأمثل لهذه المواقع والتطبيقات، والتأكيد على أن هذه التطبيقات تقدم كل ما يحقق نسب مشاهدة بصرف النظر عن المضمون الذى يحمله وفائدته أو خطورته على المجتمع ومدى تأثره به أو تأثيره عليه، وقد يكون المحتوى الذى تنشره «النيوميديا» تافها أو مسيئا لأفراد أو مجتمعات وغالبا يحمل قدرا كبيرا من الشائعات والأكاذيب والمعلومات المغلوطة التى تتسبب فى إحداث نوع من التشتت الفكرى أو تثير الالتباس فى فهم القضايا المعاصرة والأحداث اليومية بمختلف تنوعاتها، وهناك قنوات كثيرة تبث محتوى يتسبب فى تغيير أفكار أو معتقدات بعينها عند قطاع معين من الشباب أو الأطفال مما يجعلهم يعتنقون فكرا أو معتقدا ما يؤثر سلبا على إدراكهم ووعيهم ويتسبب فى مشاكل اجتماعية داخل الأسرة أو يؤدى لصدام مباشر مع ثوابت المجتمع الذى يعيشون فيه.

مثل أعلى

وتضيف الباحثة الاجتماعية د. نور الهدى إبراهيم المتخصصة فى شأن تنظيم المجتمع على ما سبق: أن الإعلام الخاص التقليدى يبحث عن الربح على حساب المحتوى وهذا أفرز اهتماما كبيرا بنماذج من الشباب الذين حققوا نجاحا فى أغانى «المهرجانات» أو فى تحقيق أرباح من اليوتيوب بعد تقديمهم لمحتوى تافه ويتم تقديمها إعلاميا وكأنهم «مثل أعلى» يجب على المجتمع أن يحتذى به، وبالفعل أصبح هناك قطاع كبير من المجتمع يعتقد نتيجة لظروف اجتماعية خاصة بهم أن تقديم المحتوى التافه أو الهدام أو نشر الشائعات والأكاذيب والأباطيل والقضايا الخلافية وترويج الأمور الغامضة والجدلية بهدف تحقيق الربح هو الطريق الأقرب والأسهل لتحقيق الثراء السريع وتعديل المستوى الاجتماعي.

وتشير إبراهيم إلى نقطة أكثر خطورة فتقول: الشائعة الأكبر تبدأ من وصف هذه المواقع والتطبيقات بأنها مواقع «تواصل» اجتماعى بينما هى فى الحقيقة سبب رئيسى فى «تباعد» أفراد الأسرة عن بعضهم، وانصرافهم عن الاهتمام بالتجمعات العائلية والاجتماعية الطبيعية، وفى وجود الموجة الجديدة أو الجيل الجديد من مواقعها وتطبيقاتها نكرر نفس الخطأ بتسميتها مواقع «إعلام جديد»، بينما هى فى الحقيقة التربة الخصبة التى تُزرع فيها بذور «التضليل» والفتن والشائعات.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2