بعد 23 سنة.. أعادته كورونا للفن التشكيلي لوحات «المصري» عدسة مجمعة للواقع

بعد 23 سنة.. أعادته كورونا للفن التشكيلي  لوحات «المصري» عدسة مجمعة للواقعالفن التشكيلى

بحكم دراسته فى العمارة الداخلية بقسم الديكور فى كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، وجد عاطف عبد الرحمن المصرى نفسه موظفًا فى إحدى شركات السيراميك، متخصصًا فى تصميم وتنفيذ المعارض، حتى جاء فيروس كورونا ليعيده ثانية إلى فنه التشكيلي، بعد أن ظل 23 عامًا يمارسه على استحياء.

شكل الجناح المناسب للمنتج، وتنفيذه فى الورشة وطريقة الإضاءة وحركة العميل، وطرق العرض، ثم الفك والتخزين هى الخطوات التى كان يسير عليها عمل عاطف، فى المعارض التى كان ينفذها داخل مصر وخارجها للشركة، وهى رؤية ليست بعيدة عن بعض لوحاته التى يعرضها الآن فى معرض ديارنا بالساحل الشمالي.

من بين بصمات عاطف المصرى التى تبدو لزائر معرض ديارنا فى الساحل الشمالى، للوهلة الأولى، هى حرصه على جمع موتيفات كثيرة لموضوع واحد فى لوحة واحدة، أو يجمعها فى لوحتين متكاملتين أو ثلاثة، وكأنه يريد أن يكثف ويجمع ويحكى كل ما يعرفه عن المآذن مثلاً، أو الفن الشعبى المصري، أو الوجه الإفريقي.

بين الجمهور والمتخصصين

لم يبتعد عاطف عبد الرحمن المصري، منذ تخرجه فى كلية الفنون الجميلة عام 1988، وبالطبع قبلها خلال سنوات الدراسة، عن الأتيليه الذى يمارس فيه فنه التشكيلي، لكنه عاد إليه بقوة خلال شهور عزل كورونا الطويلة، مستثمرًا خبرته وفنه ومكتبته الفنية، ليخرج من بينها لوحات «هاند ميد» من الديكوباج والرسم بالألوان على الخشب والقماش.

واختار عاطف من المدارس الفنية، المدرسة السهلة قريبة الفهم من الجميع، لأنه يدرك أنه يعرض لوحاته للجمهور، وليس للمتخصصين فقط، ويريد أن تصل رسالته للجميع أيضًا، وعن ذلك يقول: «لوحاتى تصل للجمهور ويتأملها المتخصصون».

قبل عامين ونصف، تقدم «المصري» بملف أعماله ونماذج منها لمعارض ديارنا بوزارة التضامن الاجتماعي، ويحكى لنا عن هذه التجربة: «بعد قبول مشاركتى فى ديارنا، بدأت أرسم لوحات خصيصًا للمعرض، وبأحجام تناسب ديكور المنازل والأذواق المختلفة لغرف النوم أو الاستقبال، ديكوباج، آية قرآنية، زخارف وشعبيات، بعضها من كتب التراث والفنون الإسلامية، والبعض الآخر من الفنون التراثية الشعبية الحية على بيوت الفلاحين وبيوت الأقصر وأسوان، وغيرها».

لوحة موثقة علميًا

يشرح عاطف المصرى تفاصيل عمل لوحته التى جمع فيها عدة مآذن فى القاهرة، تحسبها أشكالاً مختلفة للمآذن من مخيّلة الفنان، «كل مئذنة من هذه المآذن موثقة فى كتب التراث الإسلامي، ومعروف هى فى أى جامع وفى أى مكان، لكنى جمعتها فى لوحة واحدة ليتأملها الجمهور، مرسومة على قماش الدك الثقيل بعد معالجته، ومشدودة على إطار خشبى عريض صنعته خصيصا لها، كل جزء يأخذ وقتا من العمل، واستغرقت منى اللوحة نحو شهر».

فى أتيليه عاطف لوحة يحتفظ بها تشبه تقنية لوحة المآذن، «عمرها 35 سنة، لم تتأثر بعوامل الزمن، أرشها بالماء بين الحين والآخر، لأزيل آثار الأتربة، طريقة عملها يدويًا تتيح لها أن تعيش طويلاً، أشد القماش الدك جيدا على الخشب، وأدهنه بمواد اكليرك لسد المسام لحماية اللوحة، ثم أرسم بالقلم الرصاص أو الفرشاة».

الديكوباج أرخص

فى أحد أركان جناح المصرى ب معرض ديارنا بالساحل الشمالي، هناك لوحات من فن الديكوباج، أقل سعرا من اللوحات المرسومة بيده، وعن أسلوبه فى هذه اللوحات يقول: «الصورة تكون جاهزة، وأعالجها بأسلوب فنى، تأخذ منى مجهودًا أقل من الرسمة التى أرسمها بنفسي، فقط أضيف لمسات من مواد مختلفة، مثل الورق أو الحجارة أو الخشب أو غيرها، لتبدو بعض تفاصيل اللوحة بارزة، أو أغيّر فى ألوان اللوحة، وهو ما يعجب أذواق بعض الجمهور، فبعضها صور كلاسيكية وبعضها من رسوم المستشرقين، طرق المعالجة متاحة على فيديوهات اليوتيوب، لكن التميز يحكمه المهنية والاحتراف والخبرة ومكتبة الفنان التى نعبر عن عمره الفنى».

الحارة الشعبية

فى الجناح أيضًا لوحات «هاند ميد» صغيرة ومدورة من معلقات الفن الأسوانى والنوبى والكتابات العربية، يقول عنها: «أصنعها بنفسى بمقياس معين من نوع جيد من الخشب، هو خشب الـ «إم دى إف»، أقطعها فى الورشة وأصنفرها بنفسى بحجم صغير فى الأتيليه، كل ما يكون الحجم صغيرا يكون متعبا وصعبا، ونطلب فيه سعرا مرتفعا، لأن العمل فى أى لوحة لا يقل عن 3 أيام، بأعمل قطتين أو ثلاثة من نفس الروح، ليمكن أن توضع المجموعة معا فى غرفة ما، وتبقى القطعة طويلاً لأنها أنتيكة من الوش والظهر».

يحب عاطف أن يجمع الواقع بأسلوب وإخراج خاص، فلديه مجموعة تحكى عن بيوت حقيقية من بيوت النوبة، هى الأخرى معروفة وموثقة، لكنه يجمعها فى تكوين معين وانسجام فى الألوان، ومجموعة ثانية تحكى عن الحارة المصرية، تتناثر فيها موتيفات ورموز شعبية، مثل موتيفه كباسين شيخ الغفر التى يعلق فيها سلاحه، موتيفه قلة المولود، موتيفه الهلال، موتيفه الكف، مع بياع على عربة كارو، كلها «تجميعة ببصمتى الخاصة».

«ديارنا أقادتنى وأتمنى أفيدها»

يشعر عاطف بالامتنان تجاه معارض وزارة التضامن الاجتماعي، ويعبر عن هذا بقوله: «معارض ديارنا علمتنى أن أعرف ذوق العميل، وأستجيب لذوقه، فنجاح أى فنان يعمل فى الهاند ميد إن شغله يتباع، ومن أجل أن أحافظ على نسبة البيع، لم أغير أسعار لوحاتى منذ ما يقرب من عامين ونصف العام، رغم ارتفاع أسعار الخامات والألوان، وذلك لأن معارض ديارنا تعطى للعارضين فرصة للدعاية لا مثيل لها».

ويتمنى عاطف أن يقدم خبرته فى تصميم المعارض أمام المنظمين، ويختم حديثه بقوله: «بحكم تخصصى وبمجهود ذاتى تطوعى أتمنى أن أشارك فى تصميم معارض ديارنا القادمة، وسوف أفخر بهذه المشاركة».

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2