رحلة الغاز المصري.. من العجز إلى الوفرة

رحلة الغاز المصري.. من العجز إلى الوفرةشيماء عبد العزيز

الرأى15-9-2022 | 16:38

تسعي الدول الكبرى دائما الي وضع استراتيجياتها والرؤى المستقبلية لها وفق دارسات علمية دقيقة تجعلها قادرة على تنفيذ تلك الرؤية ومواجهة التحديات والمتغيرات التي قد تؤثر عليها وهو ما انتهجته الدولة المصرية في جمهوريتها الثانية؛ فقد أدت الازمة الروسية الأوكرانية الي تزايد في أسعار الطاقة، الامر الذي دلل على عمق ودقة الاستراتيجية المصرية لمواجهة التحديات المستقبلية.

فكان وضع مصر لخطة تصبح من خلالها مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي والمساهمة في تأمين احتياجات الأسواق العالمية أحد محاور نجاحها في تحقيق الاكتفاء الذاتي وأحد الأدوات في مواجهة التحديات العالمية ؛ ساعدها في ذلك ما تمتلكه من بنية تحتية تتمثل في شبكات ومصانع إسالة وموانئ تؤهلها للقيام بهذا الدور الهام يأتي ذلك إلى جانب إطلاقها استراتيجية قومية تقوم على جذب الاستثمارات الأجنبية في مجال البحث والاستكشاف عن البترول والغاز بالإضافة إلى تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط والذى مثل نقطة محورية أبرزت جهود مصر لتعزيز قدرتها الإنتاجية والتصديرية لتصبح مصر بذلك رائدة في سوق الغاز الطبيعي.
فقد احتلت مصر المركز الرابع عشر عالمياً والخامس إقليمياً والثاني إفريقياً في إنتاج الغاز عام 2020م بحجم إنتاج سنوياً بلغ (5,58 مليار م3) وذلك وفقاً لــ " بريتش بتروليوم".
واستطاعت أن تحافظ على مستوى إنتاجها وتصديرها للغاز الطبيعي بالرغم من تداعيات جائحة كورونا ففي عام 2020/2021 وصل حجم الإنتاج لـــ " 2,66 مليار م3) والاستهلاك ( 9,62 مليار م3) والفائض (3,3 مليار م3) .

(1)
تمتلك مصر (7) حقول غيرت بها خريطة الغاز في العالم، لكن النصيب الأكبر كان لحقل "ظُهر" الذي يعد نموذجاً ناضجاً بين قطاع البترول وشركة " إينى" الإيطالية وتمت تنميته في وقت قياسي مقارنة بالاكتشافات الضخمة على مستوى العالم حيث كان ظهر سبباً في تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي والتصدير من الغاز.
يقع ظهر على مسافة 200 كيلو متراً من سواحل مدينة بور سعيد وفى أعماق تصل إلى (4100) متر تحت سطح البحر وهو أكبر حقل غاز في مصر تم اكتشافه في عام 2015م من قبل شركة " إينى" الإيطالية وبدأ الإنتاج منه في ديسمبر 2017 وتقدر احتياطيات الحقل بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز جعلته الأضخم في البحر المتوسط.
يتميز مجمع الإسالة في دمياط (يقع شمال غرب ميناء دمياط على البحر المتوسط) بقربه من قناة السويس ويمثل أحد الركائز الأساسية التي تمتلكها مصر وله دور مهم في مشروع مصر القومي بصفته مركزاً إقليمياً استراتيجياً لتجارة وتداول الغاز الطبيعي، وتبلغ طاقته الإنتاجية (5) ملايين طن سنوياً بمعدل تغذية من الغاز الطبيعي (770) مليون قدم مكعب غاز يومياً.
(2)
هنا يأتي السؤال المهم، كيف تستفيد مصر من اتفاق تصدير الغاز مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي؟
تعود اتفاقية تجارة وتصدير الغاز الطبيعي التي وقعتها مصر مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي على الدولة المصرية بفوائد اقتصادية وسياسية.
كما تدخل مصر في هذه الاتفاقيات بصفتها تمتلك البنية الأساسية التي من خلالها يمكن توريد وتصدير الغاز من محطتي الإسالة الموجودة لديها اعتمادا على الغاز الموجود لدى دول الجوار التي لا توجد لديها بنية أساسية تسمح بتصدير ما لديها من غاز.
وتستفيد مصر اقتصاديا من تسييل الغاز المصدر من الدول المجاورة عبر محطات الإسالة التي تشارك الدولة في ملكيتها إلى جانب رسوم العبور عبر الشبكة القومية للغاز.
كما تستفيد مصر سياسياً من خلال دور مؤثر بين بعض الأطراف أو الدول في شرق المتوسط التي قد تشهد بعض الخلافات فيما يتعلق بالنواحي السياسية أو حتى الاقتصادية والتي قد تكون متعلقة بالغاز.
وتتعلق مذكرة التفاهم التي وقعتها مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي بإمداد أوروبا بالغاز الإسرائيلي عبر محطات الإسالة المصرية في إدكو ودمياط وتأتى هذه الخطوة فى ظل مساعي أوروبا لسد جزء من احتياجاتها من الغاز عبر إمدادات الغاز من شرق المتوسط ضمن خطة لتعويض جزء من واردات الغاز الروسي.
وبتصدير مصر ما لديها من فائض من إنتاج الغاز الطبيعي إلى جانب تصدير فائض الدول المجاورة عبر محطتي الإسالة الواقعتين على شاطئ البحر المتوسط بإدكو ودمياط تصبح مصر مركزاً إقليمياً للطاقة.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2