«نص للقراءة»||كرم جبر : منى عراقي وقضية الاغتصاب
«نص للقراءة»||كرم جبر : منى عراقي وقضية الاغتصاب
دار المعارف
فى عموده المنشور بجريدة الأخبار "إنها مصر" فند الكاتب الصحفي كرم جبر، أخطاء المذيعة منى عراقي في تناولها لقضية الاغتصاب، وكتب تحت عنوان:
"المذيعة والاغتصاب والانتقام!".
أخطأت «مني عراقي» مرتين.. الأولي عندما خصصت فقرة في برنامجها لهجوم انتقامي علي الرجال، وكأنهم آلات جنسية تتحرك في الشوارع، وتغتصب من يقابلها، وعممت كلامها ليشمل الرجال جميعاً، بلغة انتقامية تحريضية بعيدة تماماً عن المهنية والموضوعية.. والخطأ الثاني عندما خرجت علي الرأي العام، تبرر هجومها الغاشم علي الرجال، بأنها «عقدة الاغتصاب» التي مازالت تعاني منها حتي الآن.
وأضاف جبر : " لا أحب الكتابة في مثل هذه الموضوعات، ولكن لم أستطع قمع فضولي الصحفي في المعرفة، واكتشفت أن الإعلام بالفعل كالنار، يمكن أن يشعل الحرائق، أو أن يجلب الدفء، النار «هيا هيا» ولكن مفعولها يتأثر بحجمها وطريقة استخدامها، والإعلامي السليم يجب أن يكون محايداً وموضوعياً، ومبتعداً عن كل الأهواء والأعراض الشخصية، مثل القاضي تماماً إذا شاهد جريمة في الطريق العام، يمتنع عن الحكم فيها علي منصة العدالة " .
وأوضح: " أن ما فعلته المذيعة هي أنها تركت نفسها لانفعالها وغضبها، سواء كان حقيقياً أم مفتعلاً، ومن يكون كذلك لا يصح أن يخرج في برامج علي الهواء، لأن الكلمة مثل الرصاصة إذا انطلقت، لا يمكن إعادتها إلي فوهة البندقية، والواجب الأول الملقي علي عاتق المسئولين عن القنوات الفضائية، هو حسن اختيار مذيعي الهواء، وتدريبهم علي الهدوء وثبات الأعصاب وعدم الجري وراء الإثارة " .
وعن المضمون قال جبر : " فلكل مقال مقام، ومثل هذه البرامج لا يصح عرضها علي الهواء مباشرة علي شرائح مختلفة من الأعمار، لا يمكن قياس تأثيرها عليهم، وقضايا الاغتصاب والتحرش وما شابهها، تحتاج رفع درجات الوعي، بأساليب لا تجرح ولا تخدش، وألا ترتكب على الشاشة نفس الفعل المشين، أما ما فعلته المذيعة فهو إظهار لكل الرجال ككائنات خطرة، ينبغي التخلص من غريزتهم حتي ترتاح البشرية " .
وعن تبرير « منى عراقي » لهجومها بأنها تعرضت للاغتصاب نوه الكاتب مذكرا قراءه إلى أن هناك عذر أقبح من ذنب، وأضاف موضحا : " فالمفترض أنها مذيعة ودارسة وفاهمة، وتعلم جيداً أن التخلص من الآثار النفسية لفعل الاغتصاب المجرَّم، هو بمواجهة الفاعل والقصاص منه، أيًّا كان جنسه، ثم بالعلاج النفسي المتدرج للتخلص من الآثار المفزعة، وإذا تركت الضحية نفسها دون أن ينال المجرم عقاباً يرد لها ثقتها في المجتمع، فسوف تتحول إلي آلة انتقامية، من القتل حتى اللفظ " .
وعلى الرغم مما سبق أكد صاحب الرأى أنه ليس مع ذبح المذيعة أو اغتيالها أوالتشهير بها، مستدركا أنه أيضا ليس مع أسلوبها اللاحق الذي يفقدها التعاطف، والأفضل في مثل هذه الأحوال أن تعتذر، أو تتحلي بفضيلة الصمت، خصوصاً أن لهجة التحدي والغضب التي تتحدث فيها «أوفر» كثيرا إذا جاز التعبير، ولا أريد أن أقول يغلب عليها الإيقاع التمثيلي، والله وحده أعلم بما تضمره السرائر والقلوب " .
وأوضح جبر أن "عراقي " ليست وحدها، لكننا أمام تجاوزات إعلامية تحتاج ضبط الإيقاع، وأن نفهم أن جزءا أكبر من الرأي العام في مصر مسلح بعدم الموضوعية والتسرع والرغبة في التشفي والانتقام، وأصبحت تديره شبكات التواصل الاجتماعي، التي نصبت للمذيعة «سيرك» دوارا، أكبر بكثير من برنامجها الليلي، ولا يصح أبداً أن يفعل الإعلامي مثل المتسول الذي يقطع ذراعه ليشحت بعاهته."
واختتم الكاتب مقاله الشارح المفند بالقول: " الانفلاتات الإعلامية ليست لها أدني علاقة بحرية الرأي والتعبير، وإنما بـ «خيبة» الرأي والتعبير، خصوصاً من يتصور أن له أجندة خاصة، يحاول فرضها."