محمود الرشيدي: جهاز قومي يواجه «الترندات»

محمود الرشيدي: جهاز قومي يواجه «الترندات»اللواء محمود الرشيدي خبير أمن المعلومات

يرى اللواء محمود الرشيدي خبير أمن المعلومات ومساعد أول وزير الداخلية لأمن المعلومات و تأمين البيانات سابقا، الحل الجذري لمواجهة إعلام الترند قائلًًا: فى البداية يجب أن نتأكد أن (أي) أنشطة على مواقع التواصل الاجتماعي لا تخضع (لأي) ضوابط أو قيم دينية أو أخلاقية أو اجتماعية وليست هناك جهة تسأل المستخدمين عن (أي) مخالفات.


وتخضع الأنشطة على هذه المواقع للقوانين الإقليمية لكل دولة، وفى مصر القانون 175 لسنة 2018م، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقانون حماية البيانات الشخصية والذي يُجرّم اي أنشطة غير قانونية أو غير مشروعة على « السوشيال ميديا» وشبكة الإنترنت .


قناع كاذب


لا شك أن مؤشرات السوشيال ميديا ومحركات البحث الشهيرة أصبحت عاملا مؤثرا فى توجيه الرأي العام والتأثير عليه بالسلب والإيجاب، وأحيانا تتدخل بشكل مباشر فى تشكيل الرأي العام، أما الترند فهو مصطلح تكنولوجي حديث ويمكن شرحه ببساطة على أنه «قياس نبض الشاعر» بطريقة رقمية تكنولوجية لمعرفة ما الذي يتفاعل معه الجمهور داخل النطاق الجغرافى أو الإقليمي من قضايا وأحداث وموضوعات وتحديد اتجاهات الرأي حول قضية ما، وهذا «الترند» ما هو إلا قناع كاذب لا يعبر إطلاقا عن الحقيقة فى معظمه فالمستخدم قد يتابع ترند ليس لأنه مقتنع به أو موافق عليه فقد أتابع مثلا هاشتاج عن قاتل الطالبة الجامعية لأني متعاطف مع الضحية وليس لأنني أؤيد الجاني، إذا فهو لا يعكس الصورة الحقيقية للمتابعين، كما أنه لم يعد خافيا على أحد وجود الكتائب الإلكترونية التي تتكون من آلاف الحسابات الوهمية التي يديرها ويتحكم فيها مجموعة يجمعها الاتفاق حول هدف واحد، فيقومون من خلال هذه الحسابات الوهمية فى تعظيم نسب ومعدلات التفاعل الخاصة بوسم بعينه لتصدير إيحاء عند المستخدمين والمتابعين أن هناك تفاعلا كبيرا من المجتمع حول هذا الترند المصنوع .


ويضيف الرشيدي: لدينا قصور فى بعض أجهزة ومؤسسات الدولة التي لا تتواجد بالقدر الكافى وبالمحتوى الإيجابي الهادف الذي يستقطب المستخدمين ويحميهم من التوجه الى المنصات والمواقع الأجنبية والتي يكون بعضها عبارة عن أفخاخ ومصائد إلكترونية يسقط فيها ضعاف النفوس ومعدومي الثقافة بمنتهى السهولة ويتم إقناعهم بأفكار تضر بالمجتمع وأمنه، ولا بد أن نتواجد فى الميدان وندرك أن التكنولوجيا هى لغة العصر الحديث وعلينا أن نفهمهما ونساير متطلباتها ونتطور كدولة وكمجتمع معها ونواكب آلياتها، لدينا شركات قادرة على تقديم البدائل وإنتاج الألعاب الإلكترونية المفيدة والممتعة فى ذات الوقت القادرة على أن تصرفهم عن الألعاب الأجنبية التي تدربهم على العنف والدموية أو تدفعهم للانتحار مثل لعبة الحوت الأزرق ومومو وغيرها من الألعاب الضارة.


التوعية التكنولوجية


وعن الحلول الواقعية والعملية والتنفيذية لمواجهة إعلام الترند واخطار السوشيال ميديا يقول الرشيدي: دائما ما أكرر وأؤكد ان خط الدفاع الأول فى مواجهة أخطار وسلبيات تطورات العصر الرقمي الذي من نتائجه السوشيال والنيوميديا وإعلام الترند هو «التوعية التكنولوجية» و «محو الأمية الرقمية» وتدريب الأجيال الناشئة على الاستخدام الآمن والرشيد للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فى ظل عمل الدولة بكامل أجهزتها على خطط التحول الرقمي التي تعني إننا سنعتمد اعتمادا شبه مطلق على الإنترنت و السوشيال ميديا فى كافة الأنشطة الحكومية والرسمية والخاصة، ولدينا نسبة كبيرة قد تصل إلى 70% من الشعب عندهم أمية تكنولوجية أو رقمية، وإذا لم تعمل الدولة على تقليص تلك النسبة بشكل سريع سيفشل التحول الرقمي لأن العنصر البشري هو العامل الأساسي والجوهري فى نجاح أى منظومة أو فشلها لا قدر الله.


جهاز قومي


النقطة الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأولى فى مواجهة إعلام الترند هى أن يكون لدينا « جهاز قومي لمكافحة الشائعات يكون متخصصا وله أهداف شاملة وواضحة ولا يقتصر دوره على إصدار النشرات أو نفي وتكذيب بعض الأخبار والوقائع الكاذبة أو المغلوطة و الشائعات فحسب، بل يكون من مهامه تكذيب «الترندات» الوهمية والضارة بالمجتمع وفضح الأشخاص أو الجهات التي تقف وراء انتشارها والتحكم فى إحداث التأثير الضار على المجتمع من خلالها ومنع استغلال الترندات فى توجيه الرأي أو تشكيله، وحمايته من الانشغال بالقضايا التافهة وخلافات المشاهير والأخبار المفبركة والقضايا الخلافية أو الجدلية العقيمة التي من عقول المستخدمين بيئة خصبة لزراعة الأفكار الهدامة والمضرة التي تؤذي الفرد والمجتمع والوطن، ويكون من مهامه أيضا توجيه الرأي العام نحو القضايا الجادة والنافعة، ورصد كل ما يبث عبر شبكة الإنترنت من ترندات وشائعات والرد عليها من خلال مسئولين رسمين تابعين لكل أجهزة الدولة .


دائرة مفرغة


ويستكمل: النقطة الثالثة هى تدريس مادة الثقافة التكنولوجية للأطفال من الحضانة وصولا إلى المرحلة الجامعية، حتى يكون لدينا أجيال قادرة على استيعاب التكنولوجيا وتطوراتها المتلاحقة السريعة وندربهم على الاستخدام الآمن للإنترنت و السوشيال بشكل يتناسب مع مراحلهم العمرية فهذا الجيل من الأطفال ولد وفى يديه هاتف ذكي، وبالتالي فهو لديه القدرة على استيعاب الأمور التكنولوجية بشكل أسرع من الأجيال الأخرى وعلينا أن نؤهله ونطوره لأن مستقبله سيكون معتمدا بشكل أساسي تام على التكنولوجيا وتطوراتها، كما أن هذا الأمر سيحميه من الأفكار السلبية ويحصنه ضدها، خاصة فى ظل انصراف الأسر عن القيام بواجباتها التربوية والتوعوية تجاه أبنائها، واختفاء لغة الحوار بين الأبوين والأبناء فى الوقت الذي تقوم الترندات و السوشيال بتعويض هذا الدور وتغذية أبنائا بأفكار شاذة وغريبة فيتحول بعضهم إلى مجرمين يرتكبون الجرائم المرعبة للمجتمع ويتحولون من مجرد مستخدمين إلى «ترند» يتداوله الجميع.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2