الترند يثير التفاهات وينشر الفضائح والشائعات.. «الكلام على إيه» ؟!

الترند يثير التفاهات وينشر الفضائح والشائعات.. «الكلام على إيه» ؟!صورة تعبيرية

«لاشك أنك تابعت «خناقة باتمان اللي راكب توكتوك فى حلوان»، وعرفت بفتوى زواج المتعة والمسيار وعدم التزام الأم بإرضاع صغيرها.. هي مهازل فكرية صغيرة وتافهة تنهال على أسماعنا وأبصارنا كل يوم فتتداولها صفحات ومنصات ومواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ثم تتناولها المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية فتصبح القضية التافهة «حديث المدينة» بل حديث كل المدن الذي أصبح يشار إليه بمصطلح جديد يتسق مع عالم «السوشيال ميديا»، إنه عصر «الترند» وهذا إعلامه الجديد الذى يتكون من قضية جدلية خلافية أثارها شخص جاهل فى قرية مجهولة فى أقصى الجنوب أصبحت بعد عدة ساعات هي محور الحديث العام، أو تصريح خارج عن سياقه لشخصية عامة أو فنية أو رياضية، أو خبر كاذب أو تافه، وأحيانا شائعة هدفها زعزعة الأمن وإثارة القلق والخوف، هذه الأمثلة ما هي إلا نماذج للأشكال التي يتمثل بها شيطان «الترند» الذي يبث لنا إعلامه كل ما هو تافه ويضر المجتمع ويؤثر سلبا على مكتسبات الدولة المصرية وجمهوريتها الجديدة وكأنه يحارب الاستقرار ويخشى من تطلعاتنا لمستقبل جديد وأفضل، وهنا يصبح من حقنا أن نسأل من يحكم ويتحكم فى «إعلام الترند»؟ ومن يمول ويدفع لهذا الشيطان؟ وغيرها من الأسئلة التي نتوجه بها إلى صفوة الخبراء التقنيين والقانونيين المختصين فى مجال تكنولوجيا المعلومات وشبكات الإنترنت و«السوشيال ميديا» وفي إجاباتهم نبحث عن ملامح حلول جذرية لهذا الخطر الرقمي الرهيب.. فى السطور التالية نستعرض المشاكل ونبحث عن الحلول.

فى البداية يحدد وليد حجاج خبير تكنولوجيا المعلومات وتأمين البيانات تعريف وأنواع «الترند» فيقول: «الترند» نوعان، النوع الأول هو أصداء موقف أو واقعة تم عرضها وأثارت حالة من الجدل وردود الأفعال والتفاعلات التلقائية الطبيعية لمستخدمي منصات وتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي بنسبة كبيرة مثل واقعة التقاط كاميرات المراقبة لرجل بالغ يتحرش بطفلة صغيرة أو مقتل طالبة جامعية على يد زميلها أو أغنية تافهة لشاب يغني لبطة بصوت مزعج، والتي تثير المشاعر الإنسانية بشكل تلقائي سواء بالغضب أو التعاطف ويتم التعبير عن هذه المشاعر على تلك المنصات فتحدث حالة من التفاعل الذي يرتبط بكلمة أو عدة كلمات دالة عليه يسمى «وسم» أو Hashtag فتقوم محركات البحث وأشهرها محرك البحث جوجل Google بترتيب نسب التفاعل حول هذه الوسوم الأكثر تداولا، والوسوم الأعلى تفاعلا يطلق عليها «ترندز» Trends، وهذا النوع هو الأشهر ويتميز بكونه «حقيقي» وغير مصطنع أو ممول إلا أنه يتميز أيضا بأنه لا يأخذ صدى واسعا وقد لا يستمر لفترة زمنية طويلة.


الممول!


ويستكمل: أما النوع الثاني فهو الترند المدفوع أو الممول وهو مثل إعلانات البرامج والمسلسلات والأفلام التي نشاهدها فى القنوات التليفزيونية والفضائية عدا أن هذا الإعلان يتم تحديد جمهوره المستهدف بدقة شديدة جدا، حيث يتم استهداف الجمهور وفقا للمرحلة العمرية (شباب، أطفال، كبار) والنوع (رجال، سيدات) وقد يجمع بين أكثر من عنصر كأن يستهدف مثلا الأطفال والشباب من عمر كذا إلى عمر كذا المتواجدون فى نطاق جغرافى محدد والذين يستخدمون كلمة «تكنولوجيا» مثلا، كما أنه يستطيع أن يحدد الفترة الزمنية التي سيستمر الترويج لها (يوم، أسبوع، شهر، سنة) وتتوقف هذه المدة على رغبة «من يدفع» والميزانية التي خصصها للترويج، ومن أهم مميزات هذا النوع أنه قد يستمر لفترات طويلة ويكون له صدى واسع وينتشر فى نطاقات جغرافية واسعة ويمكن تكراره بسهولة.


شركات الإنتاج الإعلامي تدفع لشركات متخصصة للترويج لأفلامها ومسلسلاتها قبل مواسم العروض كالموسم الصيفي للأفلام، وشهر رمضان للمسلسلات لكي تتصدر إعلاناتها الترند وهذا أمر مشروع وجائز ولا يشوبه شائبة، ويمكن القياس على ذلك فى الترويج لأى شىء وكل شىء بداية من الفعاليات والحفلات الترفيهية والفنية الكبيرة وصولا إلى الأفكار والآراء الاجتماعية الشاذة والغريبة أو الأفكار والموضوعات السياسية المعارضة لتوجهات الدولة.


ويضيف حجاج: قد لا يستطيع المستخدم العادي أن يفرق بين الترند التلقائي والممول، ويجب أن ننتبه هنا وندرك جيدا أن من يتحكم فى الترند هم الأشخاص الذين يدفعون لمواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث للترويج لمنتجهم التجاري أو الفكري، وإذا لاحظنا أن غالبية الموضوعات التي تتصدر الترند تؤثر بالسلب على ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده وتثير المشاعر والغرائز الإنسانية وتصنع حالة من الجدل عن طريق مخالفة أو معارضة العادات والتقاليد والثقافات والأديان الموجودة بالمجتمع أو التوجهات السياسية للدولة فيمكننا أن نكتشف بسهولة طبيعة «الممول» الذي يدفع للترند.!


ويضيف حجاج: وإذا أردنا أن نتحكم فى المحتوى الذي ينشر ويتداول عبر هذه المنصات فليس أمامنا إلا التعاون مع إحدى الدول العربية أو مجموعة من الدول العربية التي توجد على أراضيها «مكاتب تمثيل» تمثل هذه الشركات (مثل الإمارات والسعودية) من خلال اتفاقية تعاون بيننا وبين هذه الدول تُلزم هذه الشركات المالكة بعدم نشر المحتوى الذي يضر بمجتمعاتنا عبر منصاتها داخل نطاقنا الجغرافي، وهذا الإطار التعاوني هو «كلمة السر» لوضع آلية صحيحة للتحكم فى المحتوى المتداول عبر هذه المنصات.


مكاتب التمثيل


ويشرح حجاج: المقصود بذلك المصطلح أن تكون هناك مكاتب تمثل الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي كشركة «ميتا» Meta المالكة لفيسبوك وماسينجر وانستجرام وتويتر، أو «الفابيت» المالكة لمحرك البحث الأشهر جوجل Google وموقع الفيديوهات الشهير YouTube أو تويتر وتيك توك، على أرض دولة ما بهدف تحقيق التعاون المشترك والاستفادة المتبادلة بين هذه الدولة وتلك الشركات، ولكى نفهم الأمر بشكل أوضح فهناك متجر الألعاب الإلكترونية الشهير Play Station توجد له مكاتب حول العالم، وكلها تقدم ألعابا خاصة بأصحاب المثلية الجنسية بأنواعهم الـ 12، ماعدا متجر ألعاب الإمارات الذي يخلوا تماما من تلك الفئة من الألعاب، والسبب فى ذلك أن الإمارات وقعت اتفاقا مع المتجر من خلال مكتب تمثيله الموجود على أراضيها يقضي بعدم نشر هذه النوعية من الألعاب داخل نطاقها الجغرافي باعتبارها ألعابا لا تتفق مع ثقافة مجتمعها وتقاليده وقيمه الدينية، ونفس هذا الأمر يمكن أن يتم بين الدولة والشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي لعدم نشر المحتوى الذي يتعارض مع قيم وثقافة وأخلاقيات وأديان شعبها.


آلية الجذب


ويضيف حجاج: هناك آلية تشجع هذه الشركات على التواجد داخل السوق المصري بشكل مباشر أو من خلال مكاتب التمثيل تتكون من عدة خطوات أولها القوانين والتشريعات التي تُشجع هذه الشركات على التعاون مع الدولة، ولدينا حاليا قوانين مميزة ولا بأس بها مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون حماية البيانات الشخصية، والخطوة الثانية هى عمل بروتوكولات تعاون بين الدولة ممثلة فى الوزارة المختصة وبين هذه الشركات وتقديم أطر وآليات تعاون مشترك يعود بالنفع على الطرفين، وتقديم حزمة من التسهيلات المحفزة للاستثمار.


الفوائد


هذا التعاون يفيد فى عدة مجالات إلى جانب التعاون التكنولوجي، أهمها الجانب الأمني، حيث ستتمكن عندئذ الجهات المسئولة من تحديد أماكن بث الصفحات المشبوهة أو الإرهابية أو التي تحض على العنف والكراهية وإثارة الشائعات والفتن التي تضر بأمن المجتمع وأمانه، بشكل أسرع مما يتم به حاليا مما يفيد الجهات الخاصة بتنفيذ القانون بضبط المخالفين والخارجين عن القانون، فهذه الأمور تستغرق وقت طويل فى ظل عدم وجود هذا التعاون وبعض الصفحات قد لا يستدل على أصحابها أو معرفة أماكن بثها إلا من خلال الشركة، وبعض المواقع والمنصات تتعامل مع الجهات المسئولة كما تتعامل مع المستخدم العادي مما يعطل هذه الجهات ووجود هذا التعاون يسرع عملية تنفيذ القانون ويجعلها أكثر دقة، ومن جانب آخر فهو دليل وإشارة مؤكدة على قوة وجودة المناخ الاقتصادي والاستثماري للسوق المصري، فهذه الشركات لا تستثمر إلا فى الأسواق الجيدة، وعلينا أن نضع ونفعل القوانين الجاذبة للاستثمار فى مجال التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية وانترنت الأشياء والحوسبة السحابية .

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2