قال فضيلة الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم: إن الإسلام لم يهدف أبدًا إلى صراع الحضارات أو العيش فى عزلة وانغلاق عن الآخرين، بل هدف إلى إيجاد قدر كبير من الطمأنينة فى العلاقات الإنسانية والتواصل والتعارف، يقول تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13].
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعى فى برنامج نظرة مع الإعلامى حمدى رزق على فضائية "صدى البلد"، حيث أوضح أن الاختلاف والتنوع سنَّة كونية موجودة وملحوظة فى الخلق، نراها فى الإنسان والنبات والحيوان، وهى مقصودة شرعًا، موضحًا أن الاختلاف ليس شرًا ما دام قد ابتعد عن التعارض المضر بالأمة.
وأشار مفتى الجمهورية إلى أن التنوع البشرى أمرٌ حتمى ومقصد إلهى، مؤكدًا أن الإكراه على اعتناق العقائد مرفوض شرعًا؛ فالتعارف الإنسانى صيغة إلهية لتحقيق التعايش البشرى ونبذ الخلاف والشقاق، بل إنَّ الإسلام أرسى قواعدَ وأسسًا للتعايش مع الآخر فى جميع الأحوال والأزمان والأماكن.
ونادى فضيلة المفتى بضرورة التعايش والتسامح مع الآخر سَيْرًا على نهج النبى ﷺ، مشيرًا إلى أن فكرة المواطنة مأخوذة من وثيقة المدينة التى تُعدُّ أول دستور للتعايش بين الأجناس المختلفة فى الوطن الواحد، لتسود بين الناس ثقافة المرجعية واحترام التخصص فى المجالات كافة؛ وذلك أن الكلمة أمانة، وعليه يجب ألا نصير أبواقًا لكلِّ ما نسمعه، فعندما نسمع أو نقرأ شيئًا لا بدَّ أن نتحرَّى عنه ونستوثق منه، وندرك مآلاته؛ فنحن مأمورون شرعًا بالاستيثاق والتأكد من كل ما نسمعه.
وأوضح أن نشر الأراجيف والأكاذيب هو سلاح المرجفين من قديم الزمان، والمعول عليه فى هذه المعركة هو وعى الشباب ويقظته، فالحرب التى نخوضها هى حرب الأفكار والمفاهيم، ولذا تحاول تلك الجماعات المتطرفة أن تهوى بالشباب فى مزالق الانحراف عن مقاصد الشرع الشريف أو عن معانى الوطنية السامية.
ولفت المفتى النظر إلى أن الشائعات تظهر وتنتشر فى أوقات بناء وتحديث المجتمعات كما حدث على عهد النبى صلى الله عليه وسلم عند بناء المجتمع الجديد فى المدينة المنورة.
وناشد مفتى الجمهورية الجميع أن يواجهوا الشائعات من أجل بناء الوعى الحقيقى من خلال التبصُّر، واصفًا إياها بأنها حرب لا تقل خطورة عن حرب الجنود ضد الأعداء، فعلى من يتلقَّى الشائعات أن يتبيَّن ويتثبَّت أولًا انطلاقًا من قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا" وعدم نشر الشائعات؛ لأنه يترتب عليها أمور تضر المجتمع، فمن ينشر الشائعة يسعى لزعزعة الاستقرار.
ووجَّه مفتى الجمهورية نصيحةً إلى الشباب والمتعاملين مع مواقع التواصل الاجتماعى والفضاء الإلكترونى بعدم تناقل الشائعات، أو نشر المعلومات والأخبار دون التأكُّد منها والتحرِّى عنها ومعرفة مدى أثرها على الناس والمجتمع، وأن يشعروا بمسئولية ما يكتبونه.