هل جربت أن تتقبل " آخر" قريب منك إلى درجة كبيرة؟.. تتقبله لذاته فقط، بحلوه ومره، بانكساراته وانتصاراته، بسلبياته وإيجابياته، وفى أزماته وانفراجاته، أعتقد أن ذلك التصرف هو ما نصفه فى ترجماتنا نحن البشر بـ "المحبة غير المشروطة"، وفى مفهوم أوسع وأشمل قد نصفه بـ "الإنسانية "، وهو ما يتسق معه بالضرورة ألا يكون هناك أى نوع من أنواع الشماتة أو الإحساس المرضي باللذة عندما يتعرض هذا "الآخر" لأزمة أو مشكلة أو ضرر من أى نوع، لأنه لا يحتاج منا الشماتة والتأنيب بقدر حاجته إلى الفهم والاهتمام والاحتواء، وهذا نابع من حبنا اللامشروط له.
فما بالك إن كان هذا "الآخر" هو الوطن.. ألا يستحق منا أن نهتم به ونحبه ونتحمل من أجله ونحارب لحاضره ومستقبله؟ ألا يستحق منا الوطن أن نفهمه جيدًا ونفهم احتياجاته ومدى عمق أزماته وكيف يمكن حلها وعلاجها؟ بلى يستحق، وألف يستحق.. الوطن يحتاج لأبنائه المخلصين، المحبين والصادقين، يحتاجهم للوقوف بجانبه وفى ظهره حتى يمر بسلام من أزمة يتعرض لها لأسباب عالمية طالت الجميع وتأثر بها الجميع.
منذ أزمة وباء كورونا التى ضربت العالم، وكل الدول بلا استثناء تعرضت لمشاكل لا حصر لها ولم تكد تفيق من تأثير هذه الجائحة حتى جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية لتؤجل محاولات الإفاقة الكاملة التى حاولت كل الدول القيام بها، ونحن فى مصر لا يخفى على أحد تأثرنا بما يحدث فى الخارج وأن بلدنا يتعرض لأزمة اقتصادية كبرى تتطلب منا جميعا أن نقف فى ظهره ونتحمل حتى يتخلص من هذه الكبوة بسلام.
هناك بلا شك محاولات مستميتة من البعض لاستغلال هذه الأزمة عبر ترويج الشائعات والعزف على أوتار العوز والحاجة التى أثقلت كاهل الكثير من أجل الكفر بما حققه الوطن من مكتسبات، هذه المحاولات يجب أن نقابلها بإيمان صادق فى قدرة وطننا الغالي وقادته على العبور من هذه الأزمة إلى بر الأمان، فضلاً عن ضرورة أن نكون مشاركين - كمواطنين - بإيجابية أكبر عبر التصدي لكل محاولات الجشع والاستغلال للأزمة، وكدولة يجب أن يكون هناك تصد رسمي حاسم لكل محاولات الجشع والفساد التي تستغل وتزيد من أزمتنا الحالية ويجب أن تفعل كل أجهزة الدولة الرقابية من دورها وأدواتها وتتواجد بفاعلية أكبر وأوسع لمنع استغلال الأزمة لأن هناك نسبة ليست قليلة من هذه الأزمة تعود إلى خراب الذمم والنفوس لدى البعض، هذا فضلاً عن ضرورة أن يتم القضاء على كافة الاحتكارات فى مختلف القطاعات - وكفى الحيتان ما ابتعلوه - ، وأن تعمل كافة الوزارات المعنية بالأزمة بشكل مباشر مع البنك المركزي والبنوك الأخرى لتحريك عجلة الإنتاج.. فكلمة السر يا سادة فى " الإنتاج والتصدير" وليس غيرهما.
حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن