بعدما كانت البحرية الهندية تعتمد على حاملات طائرات ووحدات جوية أجنبية، أنضمت الهند إلى مجموعة نخبة القوى البحرية العالمية، التي تشمل الصين وفرنسا و الولايات المتحدة وبريطانيا، بعد تدشينها أول حاملة طائرات محلية الصنع تحمل اسم "INS Vikrant" في الثاني من سبتمبر الجاري.
وكانت الهند أولى دول ما يسمى بـ"العالم الثالث"، التي تمتلك حاملات طائرات، وذلك بعد شرائها حاملة طائرات من فئة "ماجيستك" من المملكة المتحدة، وتدشينها تحت نفس الاسم عام 1961 لتشارك بعد ذلك في حرب تحرير بنجلاديش عام 1971 وإغلاق الخطوط الملاحية بين الأجزاء الشرقية والغربية من باكستان.
ونقلت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قوله "إن تكلفة حاملة الطائرات الجديدة، التي صممها مكتب تصميم السفن الحربية التابع للبحرية الهندية وتم تصنيعها بحوض بناء في ولاية كيرالا جنوب الهند، بلغت 2.5 مليار دولار، لتصبح أعلى القطع البحرية تكلفة داخل الترسانة الهندية".
وأوضحت المجلة أن حاملة الطائرات الجديدة ستكون مؤهلة لحمل 30 طائرة، بالإضافة إلى بعض الأسلحة الأخرى بعد دخولها مرحلة التشغيل الكلي خلال فترة تتراوح بين 12 إلى 18 شهرا.. ورأت أن هذه الخطوة تعطي زخما قويا لحملة رئيس الوزراء الهندي التي تستهدف تحقيق الاستقلال الذاتي في مجال الصناعات الدفاعية.
ولفتت إلى أن البحرية الهندية تعتقد أنها بحاجة إلى المزيد من حاملات الطائرات للسيطرة على المحيط الهندي وردع البحرية الصينية عن تحديها في الفناء الخلفي البحري، لكن هناك سلبيات لهذا الطرح: فتكنولوجيا المراقبة والاستطلاع الحديثة إلى جانب أسلحة المواجهة، مثل الصواريخ المضادة للسفن خلقت تحديات كبيرة لحاملات الطائرات، كما لا يمكن لحاملة طائرات جديدة أن تقلل من فجوة القدرة بين البحرية الهندية ونظيرتها الصينية؛ فالبحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي تعد صاحبة أكبر أسطول في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بقوة قتالية تضم حوالي 350 سفينة وغواصة وتتفوق حتى على الولايات المتحدة الأمريكية.
وشغّلت الصين حاملة طائراتها الأولى "لياونينج" في عام 2012، ومنذ ذلك الحين وسعت من قدراتها بشكل كبير، بينما تخضع حاملة طائراتها الثالثة "فوجيان"، التي يبلغ وزنها 80 ألف طن، لتجارب بحرية حاليا.
وترى المجلة الأمريكية أن الأكثر تهديدا في أسطول بكين المتنامي هو الغواصات التقليدية والنووية؛ إذ يمكن لقوتها الصاروخية المضادة للسفن تدمير أهداف، مثل حاملات الطائرات من مسافة بعيدة، وبالطبع ستكون نيودلهي الهدف الأكثر قيمة في أي مواجهة محتملة في أعالي البحار.
وبالرغم من هذه التحديات، اتفقت مجلة "فورين بوليسي" مع الرؤية التي تتبناها البحرية الهندية فيما يخص أهمية نشر مزيد من حاملات الطائرات بمنطقة المحيط الهندي، مستندة إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها: ضرورة امتلاك قطع بحرية تتميز بقدرة عالية على التنقل وأسلحة تتميز بقدرات نيرانية كثيفة، فعندما يتم الدفاع عنها بشكل كاف بغطاء مضاد للصواريخ والطائرات يمكن أن تشكل فرقة عمل حاملة الطائرات تحديات للعمليات البحرية الصينية في المحيط الهندي.
وثانيها: فإنه على ضوء القيود التي تفرضها طبيعة بحر الصين الجنوبي الجغرافية، والتي تجعل تحركات الأسطول الصيني الحالي متوقعة بدرجة كبيرة، يمكن لقوات مهام حاملات الطائرات الهندية العمل على تقويض المزايا المعنوية التي استطاعت القوات البحرية الصينية تحقيقها باستعراض قوتها بمنطقة المحيط الهندي على مدار العقد الماضي.. أما ثالث هذه الأسباب وآخرها، فيتلخص في أن أي زيادة إضافية في قدرات البحرية الهندية في مواجهة الصين تجعل نيودلهي أكثر أهمية في نظر حلفائها من أعضاء الحوار الأمني الرباعي المعروف باسم "كواد"، وبخاصة الولايات المتحدة التي تتبنى استراتيجية كبرى تستهدف تعزيز قدرات البحرية الهندية إلى أقصى حد ممكن.
واختتمت "فورين بوليسي" بالإشارة إلى أنه إذا أصبح هذا التحالف الرباعي، الذي يضم أمريكا واليابان وأستراليا والهند، في نهاية المطاف، تحالفا عسكريا، فسوف يتطلع أعضاؤه إلى الدور العسكري المحوري المنتظر من نيودلهي في منطقة المحيط الهادي؛ مما يمنح الأخيرة نفوذا كبيرا في المنطقة.