يعقد الحزب الشيوعي الصيني الحاكم مؤتمره العشرين في 16 من أكتوبر الجاري وسط ترقب إقليمي ودولي لنتائج المؤتمر.
وتوقعت مجلة "ذا ديبلومات"، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أنه مهما كانت المفاجآت التي قد يخرج بها المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، فمن غير المرجح أن يكون استبدال الرئيس الصيني شي جين بينج أحد تلك المفاجآت، مشيرة إلى أن الرئيس الصيني سيكون أول زعيم يجري ترشيحه لثلاث ولايات متتالية وهي سابقة في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني.
وتساءلت المجلة في تقرير لها عما إذا كانت مؤتمرات الحزب الشيوعي الصيني تسير حسب سيناريو مكتوب بالفعل، مشيرة إلى أنها من الخارج قد تبدو كذلك؛ نظرا لأن هذه الاجتماعات الضخمة التي تضم أكثر من 2200 من مسئولي الحزب في الصين، يرتدي أغلبهم بذلات رسمية متطابقة، لتبدو كمسرح ذي بُعد أحادي يعكس سنوات من العمليات المبهمة التي يجري من خلالها اختيار الرجال الذين سيقودون الصين على مدى السنوات الخمس المقبلة، والذين بالفعل قد تم اختيارهم مسبقا.
ورغم ذلك، فإن أحد المؤتمرات السابقة للحزب، وبالتحديد اجتماع عام 2012، تخللته بعض الوقائع غير المتوقعة، حيث قدم المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني 3 مفاجآت وفقا لتحليل أجراه الخبير السياسي في الشئون الصينية "داميان ما".
وكانت المفاجأة الأولى عبارة عن ظهور غير متوقع، لكنه بالغ الأهمية، للأمين ال عام السابق للحزب الشيوعي ورئيس الصين السابق ورئيس اللجنة العسكرية المركزية السابق جيانج زيمين.
وأوضحت المجلة أن جيانج سيطر على المشهد السياسي الصيني من أواخر الثمانينيات وحتى أوائل القرن الحادي والعشرين، حيث احتفظ ببعض المناصب القيادية حتى عام 2005، ورغم تردد شائعات حول مرضه، فإن ظهوره مع الأمين ال عام للحزب ورئيس الصين آنذاك هو جينتاو في قاعة الشعب الكبرى في افتتاح المؤتمر الثامن عشر للحزب كان أمرا مفاجئأ، ما أوضح للعالم أن جيانج زيمين كان لا يزال في السلطة، ولا يحتاج إلى لقب من أجل استخدام سلطته.
ومع نهاية المؤتمر الوطني، تمكن جيانج من وضع 3 على الأقل وربما 5 من مؤيديه في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، والذي يضم عادة أقوى 7 رجال في الصين، وبحسب المجلة، فإن تأثير جيانج مازال داخل السلطة الصينية حتى اليوم.
وأشار "داميان ما" في تحليله إلى أن المفاجأة الثانية كانت تنازل الرئيس الصيني المنتهية ولايته "هو جينتاو" عن رئاسة اللجنة العسكرية المركزية، وبالتالي فإن الرئيس الصيني شي جين بينج، حظي بمنصب إضافي وسلطة فورية على الجيش، ليتولى بذلك سلطة ثلاثية عليا في الصين.
أما المفاجأة الأخيرة، من وجهة نظر "داميان ما"، فكانت "الإعجاب" الذي حظى به شي جين بينج منذ وصوله إلى هرم السلطة الصيني قبل نحو 10 سنوات، حيث خلف انطباعا مؤثرا على الكثير من عموم الصينيين، فقد كان محبوبا على نطاق واسع – كذلك قرينته - في جميع أنحاء البلاد، وخلال ظهوره في المؤتمر الوطني اعتذر عن تأخره في الخروج لإلقاء خطابه، وتحدث بلغة الماندرين الصينية الاعتيادية التي يقدرها جميع الصينيين ويجيدونها، وتطرق أيضا خلال خطابه عن المواطنين ورغباتهم، ولم يتحدث عن الحزب ومبادئه العقائدية كما تجنب اللغة السياسية المقتضبة.
ورأت المجلة أن مؤتمرات الحزب الشيوعي الصيني أثبتت قدرتها على تقديم المفاجآت بالفعل، لكن مع احتلال شي جين بينج مركز الصدارة في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، تساءلت المجلة عن مدى تأثر فرص اختياره للمرة الثالثة بما اتخذه من قرارات خلال السنوات العشر الماضية، خاصة وأن اختياره كزعيم للحزب لولاية ثالثة على التوالي سيكون أمرا غير مسبوق في تاريخ الحزب.
ورأت "ذا ديبلومات" أن نجاة الرئيس الصيني من قضايا تُعتبر بارزة بالنسبة للمجتمع الدولي، مثل التعريفة الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على مجموعة كاملة من السلع الصينية ومازالت سارية حتى الآن ومعارضة دول لبعض الممارسات المتعلقة بمبادرة الحزام والطريق إلى جانب الاعتقاد بمسئولية الصين عن نشأة فيروس "كوفيد 19"، يرجع إلى عدم اهتمام غالبية الشعب الصيني بها، فقضايا التجارة والرسوم الجمركية يُنظر إليها أنها فُرضت على أساس الغيرة والخوف من صعود الصين، فيما يُنظر إلى الشكاوى بشأن مشروعات مبادرة الحزام والطريق على أنها شكاوى غير عادلة أمام كرم وسخاء الصين، أما بالنسبة لدعم الرئيس الصيني لنظيره الروسي فيعتقد الكثير من الصينيين أنه حوصر في زاوية من قبل التحالفات الغربية، وما فعله للتغلب على ذلك كان القتال.
لكن "ذا ديبلومات" رأت أنه بالنظر إلى اهتمام الصينيين بالسياسات المحلية التي تؤثر عليهم شخصيا، ربما تكون نقطة الضعف الأساسية الحالية للرئيس الصيني هي سياسة "صفر كورونا" لمواجهة جائحة "كوفيد-19"، والتي أدت إلى عزل عشرات الملايين من الأشخاص وتأثر الاقتصاد الصيني.
واختتمت المجلة تقريرها بأن العديد من المراقبين يرغبون حاليا في رؤية مفاجأة كبرى خلال أكتوبر الجاري، حيث يأمل الكثير منهم من حرمان شي من فترة رئاسية ثالثة، إلا أن ذلك أمر غير محتمل، موضحة أنه مهما كانت المفاجآت التي قد يخرج بها المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، فمن غير المرجح أن يكون استبدال شي جين بينج أحد تلك المفاجآت.