رب الأخلاق..

رب الأخلاق..سارة حامد

الرأى6-10-2022 | 18:48

"مسعود أبو السعد" موظف حكومي متزوج و غير قادر على تغيير حياته، وبالصدفة يرى محل لبيع حبوب الأخلاق ويرى أن الأخلاق القبيحة قد نفذت فيقوم بشراء أخلاق الخير، لكنه بعد أن عمل بها خسر كل شيء فيضطر إلى شراء الأخلاق القبيحة مثل النفاق الذي يساعده على تولي أفضل المناصب إلى أن تقع عيناه على عبارة "فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".. و لان الأخلاق ثروة أربابها أغنياء وفاقديها فقراء والمتمسك بها كالقابض على الجمر في هذا الزمن، فإذا أصيب القوم فى أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا..

دوماً أصابع الإتهام تتجه صوب الإعلام ليكون المدان الأوحد في أي خلل أخلاقي شيئًا فشيئًا، لكن الواقع ما الإعلام إلا أبواق تبعث رسائل لنشر أخلاقياتنا الحلوة التي عُرف بها المصريين، أو إيضاح أخلاقيات ذميمة، وعلى المتلقي استساغتها لتتلائم مع أخلاقياته و تنشئته الإجتماعية.
70% تقريبا هو تأثير التنشئة السلوكية والأخلاقية للأسرعلى صغارها وهذا لا يعني تحجيم الدور المجتمعي، فما نجده من تحرش في الشوارع وتنمر على ذوي الهمم و تفوه الشباب بألفاظ بذيئة، و رقص الفتيات على تطبيق التيك توك و ذبح الطلاب لزميلاتهم في الطرقات العامة بزعم الحب، و اعتداء الأبناء على أبائهم قولا وفعلا، وقتل الآباء لأبنائهم، و ذيوع النفاق لقضاء المصالح تحت مسمى المجاملة الزائفة، و الإستسهال بتقديم رشاوى وتخطي الأدوار بالمحسوبية والتعديات الوظيفية، وتفاقم ظاهرة الدروس الخصوصية، و انتشار القمامة على جنبات الطرق وإلقاءها في منتصفه، وغيرها من سلوكيات أثمة تُعاقب عليها الأسر التي شرد عائلها بحثاً عن المال لإشباع متطلبات أسرته غير عابئ بدوره في تهذيب أبنائه، كذلك الأمهات اللواتي جرفتها أخر صيحات الموضة و ترقب اليوتيوبرز ومواقع التواصل الإجتماعي وجروبات الماميز عبر الواتساب.
أرباب المسجد والكنيسة شريكان فيما آلت اليه أخلاقيات الشباب والأطفال، فلو أن نهجهم إجتذب وواكب معطيات حالية، لما دنت الأخلاق و بات مشايخ وقسوس اليوتيوب هم أرباب الدين وقادة الفكر الديني للفئة العمرية الصغيرة والمتوسطة وإن أصابوا الخطأ فيما يلقون أو أخطأوا الصواب.. وفي الشارع حدث ولا حرج عن صبية تتحرش بسيدة تبلغ أعمار من أنجبتهم، ناهيك عن مناصريهم مدعاة أن ضيق ملابس الفتيات التي تصف وتشف دافعهم لفعلتهم، ويخلى سبيل المتحرش حتى من النظرة التي تخترق أجسادهن قبل أن تطالهن أيادي عديم الأخلاق.
المدير في عمله نموذج يحتذى لموظفيه؛ إذا أتى قبل مواعيد العمل لإنهاء مصالح الناس المكتظة في صفوف، وأدى ما عليه دون كلل أو ملل أو "مريسة" مطية أن رب العمل يُلزم ويُكلف ولا يصنع صنيعته بيده، وإذا قضى على المحسوبية والتعديات الوظيفية والترقيات الاستثنائية غير المستحقة، هُنا ستُغلق أدراج الرشاوى ويتمم الموظف عمله دون تحصيل مقابل غير قانوني تحت مسمى "الشاي - و كل سنة وانت طيب" ليقينه أن حقه سيصله بلقمة عيش مستحقة ليس إلا..
طالب المدرسة على عاتقه دورا في تطييب الأخلاق إذا ما أعرض ونأى بجانبه عن الدروس الخصوصية واستغنى بحصص اليوم الدراسي في المدرسة أو مجموعات التقوية، لزهق نهم المدرس الخصوصي الذي يستحل نزيف أولياء الأمور كدحاً للإنفاق على "سناتر الدروس الخصوصية".
ومن المتعارف عليه أن تلاميذ المدرسة هم كوكبة إنحدرت من منطقة سكنية واحدة، ومستواهم الإجتماعي والإقتصادي والثقافي يكاد يكون متقارب أما المراحل الجامعية فلا تجد إلا طلاباً يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم تتعدد سبلها سواء العلمية والتثقيفية والإجتماعية أما ما تسلل لأخلاق جامعيونا وشهدناه في الآونة الأخيرة من بلية سواء بقتل زميل لزميلته مبررا بالحب فعلته، أو حتى الأزياء المغايرة لثقافتنا الشرقية ووقارنا، هذا غير إلزام أساتذة جامعيين طلابهم أن يقتنوا كتبهم بمقابل باهظ في ظل وباء كورونا الذي اقلعت الجامعات عن بيعها واقتصروها على pdf لكن بعضاً لم يلتزم، ليهوى المثل الأعلى.
منابر الإعلام لا ننتظر أن تكن وحدها المسؤولة عن تنقيح الأخلاق، كلٌ منا في موقع مسؤولية في كل مكان تطأه قدمانا، سواء باشاعة الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، أو نشر السلوك السوي القويم، جميعنا رب الأخلاق..الوالدان رب الفضيلة لأبنائهم، الشيوخ والقسوس والمارة في الشارع مسؤولون، والمعلم في المدرسة والمدرس في الجامعة والمدير في العمل، والطالب الجامعي والتلميذ المدرسي...حتى حيوانات الشارع مسؤولة عن الأخلاق إذا مافعلت فاحشة..

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2