أكد
مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور أحمد زايد أن
مصر وفرنسا تربطهما علاقات قوية ومتميزة، مشيراً إلى أن اكتشاف
حجر رشيد وكتاب "وصف مصر" - الذي تحتفظ مكتبة الإسكندرية بنسخة أصلية منه- بالإضافة إلى البعثات العلمية، كان لها مردود على الجانب الثقافي بين الجانبين.
جاء ذلك في كلمته على هامش افتتاحه مؤتمر مكتبة الإسكندرية تحت عنوان "الهيروغليفية في القرن الواحد والعشرين"، بمناسبة الاحتفال بمرور مائتي عام على فك رموز حجر رشيد.
وأوضح
مدير مكتبة الإسكندرية أن المكتبة والمعهد الفرنسي حرصا على دعوة الباحثين المصريين والفرنسيين، لمناقشة -على مدى ثلاثة أيام- مدى تأثير الكشف على الحضارة المصرية وعلى العلماء المصريين، معلناً تنظيم مؤتمر بعنوان "من الحجر إلى الكتابة.. ومن الكتابة إلى الرقمنة" بالتعاون مع جامعة سنجور الشهر المقبل.
وقال زايد إن العلماء المصريين أجادوا بحث تاريخ حضارتهم وفهم آثار أجدادهم، ومن بينهم رائد علم الآثار أحمد كمال باشا، الذي وضع قاموس اللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية" مترجم إلى اللغة الفرنسية، والذي استغرق منه ٢٠ عامًا من العمل، وجاء في ٢٢ مجلدًا، وهو من الذخائر التي تقترب من كتاب "وصف مصر".
واختتم زايد كلمته قائلًا إن الحضارة المصرية ما زالت مستمرة في إبهار العالم في ضوء ما يتوصل إليه الباحثون من ثراء وإعجاز في مختلف المجالات.
ومن جانبه، أكد الدكتور لورون كولون مدير المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، قوة العلاقات المصرية الفرنسية، مشيراً إلى أهمية هذا المؤتمر الكبرى.
وقال: "إنها مغامرة كبيرة تقودها
مصر وفرنسا، إذ إن الاكتشاف الذي حدث إبان الحملة الفرنسية إلى
مصر وفك رموز حجر رشيد، وهذا التعاون يخدم الثقافة المصرية، ومع إنشاء معهد الدراسات الشرقية في القاهرة، نحتفل بمرور ٢٠٠ عام على اكتشاف الحجر، وكان هذا حافزًا للمعهد ومتحف شامبليون للاحتفال في الإسكندرية".
وأضاف: "نحن ليس بصدد التعرف على الرموز، ولكن هناك آفاق تتضح أمامنا، والإبحار الذي قام به شامبليون، وتخليه عن عوائق كثيرة، كشفت الكثير من المعلومات عن هذه الحضارة القديمة، وقد نشر المعهد كتابًا هامًا عن هذه الاحتفالية، ويتاح أمام الباحثين الراغبين في معرفة هذه الحضارة".
وأكد كولون أن هذا المؤتمر يهدف إلى ترسيخ المعرفة بعلم المصريات، للتعريف بتاريخ هذه الكتابات، حيث يقام المؤتمر ومعرض على هامشه.
وفي سياق متصل، قال الدكتور هاني خميس ممثلًا عن الدكتور عبد العزيز قنصوة رئيس جامعة الإسكندرية، إن "حدث اكتشاف
حجر رشيد يستحق الحفاوة، فقبل ذلك الاكتشاف لم نعرف معنى الكتابات المكتوبة على المعابد، ولكن فك الرموز فتح الباب أمام سيل هائل من كنوز الحضارة المصرية في كافة العلوم وإلقاء مزيد من الضوء على أسرارها".
وأشاد خميس بالجلسات العلمية المقامة على هامش المؤتمر، والتي ستفيد الباحثين المصريين والفرنسيين، مؤكداً عمق العلاقات بين البلدين على المستوى العلمي، من إعداد الكوادر المصرية بالعصر الحديث منذ عهد محمد علي وحتى الآن.
وبدورها، أكدت سيلين راميو مدير متحف شامبليون بمدينة فيجاك الفرنسية، أن المتحف أقيم في منزل عالم المصريات الفرنسي جان فرانسوا شامبليون، مضيفة: "لنا الشرف أن نكون متواجدين في مكتبة الإسكندرية، رمز الثقافة والإشعاع الحضاري".
وأوضحت راميو أن شامبليون كان يقطن في مدينة فيجاك، والمتحف يستقبل مئات المهتمين بدراسة علم المصريات، فهي حضارة عريقة، متمنية أن يستمر التعاون بين المتحف ومكتبة الإسكندرية.
بدأت فعاليات المؤتمر بافتتاح المعرض بالقاعة الشرقية بمبنى مركز المؤتمرات بالمكتبة، وهو من إعداد المعهد الفرنسي للآثار الشرقية ومتحف شامبليون في فيجاك بفرنسا ومركز دراسات الخطوط بقطاع البحث الأكاديمي، وهو يحتوي على مجموعة من اللوحات عن فك رموز الكتابة، ولوحات عن تتبُع رحلة الكتابة في مصر.
ويُعرض لأول مرة في المعرض معجم أحمد باشا كمال المتخصص في اللغة المصرية القديمة، وهو أول قاموس هيروغليفي تتم ترجمته إلى الفرنسية والعربية، حيث أهدت عائلة أحمد باشا كمال المعجم لمكتبة الإسكندرية لحفظه وترميمه من خلال معمل الترميم بقطاع التواصل الثقافي، ومن ثمّ عرضه للجمهور.
وفي ختام اليوم الأول، ألقت عالمة الآثار الدكتورة فايزة هيكل محاضرة هامة، استعرضت فيها كيفية تأثر اللغة المصرية القديمة بالبيئة التي تطورت فيها، وكيف ساعد ذلك في إثراء لغة المصريين القدماء وقدرتهم على التعبير عن أنفسهم، كما قدمت المحاضرة شرحًا للارتباط الوثيق بين اللغة المصرية القديمة واللغة العربية.