في مثل هذا اليوم 11 أكتوبر 1904 بحي الظاهر بالقاهرة ولد الفنان متعدد المواهب أنور وجدي، من أسرة بسيطة حيث كان أبوه يبيع القماش في سوريا، وأفلست تجارته فحضر والده يحيى الفتال من سوريا إلى مصر في القرن التاسع عشر بحثا عن الرزق، وأمه مصرية اسمها مهيبة الركابي، اختار اسم أنور وجدى نسبة إلى الريجيسير الشهير قاسم وجدي.
درس أنور وجدي بالمدرسة الفرنسية "الفرير"، واتقن دراسة الفرنسية، ثم ترك الدراسة بعد أن أخذ قسطًا معقولا من التعليم لكي يتفرغ للفن، ولأن ظروف أسرته لم تكن تساعد على الاستمرار في الدراسة، وعمل في العديد من المهن ولم يكن منتظمًا في العمل بسبب عمله كهاوٍ في العديد من الفرق الفنية الصغيرة، لكن عينه دائما كانت على هوليوود.
راود أنور وجدي حلم السفر إلى هوليود ليعمل بالسينما وطرده والده من المنزل بسبب حبه للفن ومحاولته الهروب الى أمريكا، فاتجه الى شارع عماد الدين حيث الفرق المسرحية المختلفة ومع ميلاد فرقة رمسيس قرر أن ينضم إليها، وحاول لقاء يوسف وهبى مدير الفرقة عند باب المسرح، وتوسل إليه أن يأخذه ليعمل معه في مسرح رمسيس حتى لو أدى لتقديم الشاي والقهوة وكنس غرف الفنانين، وبالفعل عمل في مسرح رمسيس سكرتيرا ليوسف وهبي بأجر ثلاثة جنيهات شهريًّا.
البداية في دور الضابط
كان أول ظهور فني لأنور وجدي في دور ضابط في مسرحية "يوليوس قيصر" مقابل أربعة جنيهات فعاش في حجرة فوق السطوح مع زميله عبد السلام النابلسي، وبدأ تأليف المسرحيات ذات الفصل الواحد، ويبيعها إلى الفرق الفنية، ثم عمل مؤلفا ومخرجا بالإذاعة وأخيرا بدأ في تمثيل أدوار رئيسية في المسرحيات.
الفتى الأول
انتقل أنور وجدي إلى فرقة عبد الرحمن رشدى وتنقل بين الفرق حتى عمل في الفرقة القومية نظير أجر شهري قدره 6 جنيهات، وأصبح يقوم بأعمال البطولة، واشتهر بدوره في مسرحية "البندقية".
اتجه أنور وجدى إلى العمل بالسينما، وقدم مايقرب من 100 فيلم، حتى أصبح أحد صناع السينما تأليفا وتمثيلا وإخراجا وإنتاجا، وتصدرت صورة أفيشات الأفلام في دور السينما سنوات طويلة كبطل أول وفتى الشاشة، من أشهر أفلامه: الدفاع، العزيمة، عنبر، غزل البنات، أمير الانتقام، 4 بنات وظابط، ريا وسكينة، دهب، ياسمين وغيرها.
أربع زيجات
تزوج أنور وجدى في حياته أربع زيجات بدأها بالراقصة قدرية حلمي، ولكن تلك الزيجة لم تستمر طويلًا، ليتزوج بعدها من الممثلة إلهام حسين التي دفعها إلى التمثيل حتى قدمها المخرج محمد كريم في فيلم “يوم سعيد”.
وبعد أن بدأت شهرتها دبت الخلافات التي انتهت بالطلاق بعد ستة أشهر من الزواج، أما زيجته الثالثة والأشهر فكانت من المطربة ليلى مراد التي قدمت معه واحدًا من أنجح الثنائيات السينمائية التي ظهرت في الأربعينات عندما تعاونت معه في عدد من الأفلام طيلة الأربعينيات منذ أن تزاملا في فيلم "ليلى بنت الريف" عام 1945، واستمر زواجهما 7 سنوات حتى انقطعت علاقتهما بالطلاق في أوائل الخمسينات بسبب خيانة أنور وجدي لها وغيرته الشديدة من نجاحها، وأصبحت أغاني تلك الأفلام من أشهر ما قدمت ليلى مراد على مدار تاريخها الفني.
أما الزيجة الرابعة والأخيرة في حياة “أمير الانتقام”، كانت من أشهر فنانات جيلها جميلة الجميلات ليلى فوزي، التي تقابل معها أنور وجدي لأول مرة في فيلم مصنع الزوجات 1941، وبعد ذلك في تحيا الستات 1944، أحبها وتقدم للزواج منها ورفضه أبوها وزوجها لعزيز عثمان.
وبعد انفصالها عنه وطلاق أنور وجدى من ليلى مراد التقيا مرة أخرى عام 1954 لتصوير فيلم "خطف مراتي مع صباح وفريد شوقي، ورغم مرض أنور وجدي الذي ظهر في بداية عام 1954 طلب أنور من ليلى أن تسافر معه في رحلة علاجه إلى فرنسا، وهو ما حدث بالفعل وبمجرد وصولهما إلى باريس فاجأها أنور باصطحابها إلى القنصلية المصرية حيث تم زواجهما هناك.
ورحل أنور وجدي عن عمر 51 عاما بعد أن اشتد عليه المرض بعد حوالي 4 أشهر فقط من الزواج ليعود لأرض الوطن في صندوق خشبي، واستقبله مجموعة من الفنانين من صديقات وأصدقاء ليلى فوزى الذين اصطحبوها إلى بيتها.
ونسوا الصندوق الذي يحتضن جثمان أنور وجدي فحرسه وكيل أعماله “ليون” الذي لم يجد مكانا يبيت فيه الصندوق فبات مع الصندوق في العربية في ميدان التحرير، حتى الصباح لتخرج بعد ذلك جنازته إلى مقبرته بالإمام الشافعي.
ترك أنور وجدي ثروة طائلة جمعها فى حياته، ومن سخرية القدر أنه كان ممنوعا عن كثير من الأطعمة وعن السهر، ولم ينجب أبناء.