فى البداية أتوجه بالتهنئة لأسرة التحرير الموقرة والقراء الأعزاء بمناسبة الاحتفالات ب ذكرى المولد النبوى الشريف وأيضا بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعون ل انتصارات حرب أكتوبر المجيدة.. تلك الحرب التى لم ولن ينضب الحديث عنها وعن تداعياتها على المنطقة بل وعلى العالم بأثره ..وهو ما كنت انتوى الحديث عنه فى مقالى التالى ..إلا أن سرعه الأحداث الدولية والإقليمية خاصة فيما يتعلق ب الحرب الروسية الأوكرانية والتى نراها أزمة تتمدد .. قد فرض نفسه على مقالنا اليوم ..
حيث تتوالى الأحداث على مسرح العمليات داخل الأراضى الأوكرانية ويصاحبها بالضرورة تغييرات حادة فى الواقع الدولى المعاصر .. حيث أشرنا فى مقالاتنا السابقة إلى أن أهم أهداف العملية الروسية داخل أوكرانيا هو إحتلال الساحل الشمالى لبحر آزوف لتصبح هذه البحيرة روسية خالصة .. وهو ماتم من خلال احتلال روسيا للاقاليم الأربعة المطلة على هذا الساحل الشمالى لبحر آزوف (دونيستك – لوغانسك -خيرسون – زاباروجيا ) ثم إكساب هذا الاحتلال الشكل الشرعي من خلال إجراء استفتاء لسكان تلك الأقاليم للموافقة على الانضمام للدولة الروسية وهو ما تنبأنا به وحدث بالتفصيل.. وثانى الأهداف هو منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو وهو ما تم تنفيذه من خلال ضم تلك الأراضى الأوكرانية إلى دولة روسيا حيث يمنع ميثاق حلف الناتو انضمام أى دولة إليه تكون أراضيها محتلة.. !! أما الهدف الثالث والأهم من وجهه نظرى هو إعادة تشكيل النظام العالمى ليتحول من نظام إحادى القضبية تسيطر عليه وتقوده الولايات المتحدة الأمريكية بتفويض ودعم كاملين من دول أوروبا الغربية.. إلى نظام متعدد الاقضاب تتشارك فيه الولايات المتحدة الأمريكية مع كل من روسيا والصين فى قيادة العالم .. ولتفقد أوروبا الغربية البوصلة والاتجاه فى مرحلة تدفع الاتحاد الأوربى إلى التفكك بصورة أسرع من المتوقع ..إلا أن أهم ما يعنينا هنا فى المقام الأول.. أن روسيا قد نجحت حتى الآن فى تحقيق أهم اهدافها من هذه العملية بأقل الخسائر الممكنة .. وهو عكس ما تروج له الميديا الغربية من إشاعة وتعثر وفشل لتلك العملية على الصعيد العسكرى بل وتجاوزوا فى ادعاءاتهم إلى المبالغة فى حجم الخسائر الاقتصادية للجانب الروسى نتيجة للعقوبات الغربية عليها وهو أيضا معاكس للواقع ..حيث تأثرت دول أوروبا الغربية اقتصاديا بدرجة أكبر وأخطر من ما تعرض له الجانب الروسى وبالطبع فإن المؤشرات الاقتصادية المحايدة والمظاهرات الشعبية فى الكثير من العواصم الأوربية احتجاجا على زيادة معدلات التضخم وطوابير السيارات أمام محطات الوقود فى فرنسا وغيرها من عواصم أوروبا بل وهرولة الساسة الأوروبيين فى جميع الاتجاهات للبحث عن الغاز والبترول لاستمرار امدادات الطاقة لبلدانهم التى أضحت تعانى من نقص فى امدادات الطاقة انعكس على معدلات عمل المصانع وتوقف البعض منها وبالتالى انخفاض الإنتاج وتعثر المرافق العامة وخاصة أنظمة التدفئة المركزية خاصة مع دخول فصل الشتاء هو ما يؤكد أن الخاسر الأكبر من هذة المواجهة الروسية الأوكرانية هو الجانب الغربى من أوروبا والولايات المتحدة بالإضافة بالطبع إلى أوكرانيا التى سيدفع شعبها الكثير نتيجة لاختيارهم الديمقراطى.. لرئيس أقل ما يوصف به أنه مراهق سياسيا ولا يصلح لإدارة مدينة وليس دولة فى حجم أوكرانيا ..
وبالتالى فإن الواقع يشير بالفعل إلى تمدد تلك الأزمة والتى اصفها بالزلزال لتضرب توابعه بشدة فى أكثر من إتجاه .. فهناك موجة إهتزازية تضرب إستقرار وتماسك ووحدة سياسات الاتحاد الأوربى الذى فشل فى التعامل مع الأزمة فى أول اختبار حقيقى يتعرض له .. بالإضافة إلى ضرورة فك الإرتباط المطلق للاتحاد الأوربى بالولايات المتحدة الأمريكية وسحب التفويض على بياض الموقع لها والذى طالما استخدمته أمريكا لتحقيق مصالحها الخاصة بعيدا عن مصالح الدول الأوربية والأزمة الأوكرانية ليست الأولى فى هذا المجال ولن تكون الأخيرة .. ولا يفوتنى فى هذا المجال الإشارة إلى أن مساندة أوروبا للولايات المتحدة فى تفعيل ما سمى بالربيع العربى كان فى مصلحة الولايات المتحدة وحزبها الديمقراطى تحديدا لكنه كان ضار بمصالح أوروبا تماما التى ترتبط مع الدول العربية بتعاونات اقتصادية وسياسية وأمنية غير محدودة بل أن مجرد فكرة انهيار وتفتيت الشرق الأوسط هى بالفعل تماثل من اشعل النيران فى حديقة منزلة الخلفية معتقدا أن النيران لن تصل إليه ..وهو الخطأ الاستراتيجى الذى اكتشفته أوروبا وصوبته عقب ذلك ..وقد وضح ذلك فى التحسن السريع فى العلاقات بين (مصر السيسى)وكلاً من ألمانيا وفرنسا واليونان وايطاليا وغيرها من العواصم الأوربية .. رغم ما روجته الميديا الأمريكية لعدة سنوات عن الانقلاب فى مصر وزعيم الانقلاب ..!!
هناك تمدد آخر للازمه الاوكرانيه اراه اكثر اهميه وهو تمدد تلك الازمه لتصل الى طهران .. نعم فإن ما يحدث فى إيران اليوم من مظاهرات وانتفاضه شعبيه وإرهاصات سياسيه وأمنيه وصلت الى حد وجود انشقاقات لبعض العناصر داخل الجيش والشرطه الايرانيه وحدوث اختراق لمحطه التلفزيون الحكوميه الايرانيه الرسميه اثناء ذروه المشاهده وإذاعه صور لشابات ايرانيات يعتقد انهن قتلوا فى اعمال عنف مع اجهزه الامن الايرانيه وشعار يدعو الى سقوط خامئنى .. وهى بالطبع قدرات تكنولوجيه لا يمكن توفرها لشباب عادى معارض لنظام الحكم .. فى دوله تعانى من عقوبات اقتصاديه وحظر على استيراد كافه انواع التكنولجيا المتقدمه لمده تجاوزت الثلاثين عاما .. !! بل هى امكانات اجهزه امنيه كبيره وقويه ومن ثم فقد أصبح واضحا ان من يحرك الاحداث فى إيران الآن هى جهات خارجيه متمرسه فى إداره مثل هذه النوعيه من الثورات وهو ما يعطى انطباعا بأنه قد صدر القرار بانه حانت ساعه الرحيل للنظام الايرانى الحالى بزعامه آيات الله .. وهو على ما يبدوا كأنه عقاب لهم على موقفهم من الازمه الروسيه الاوكرانيه وإستقبالهم للرئيس الروسى بوتن فى يوليو الماضى وهو ما يعنى ضمنياً انضمام ايران الى التحالف الغير معلن ل روسيا والصين وكوريا الشماليه ..لتفعيل فكره النظام الدولى متعدد الاقضاب وهو ماتدافع عنه امريكيا بكل قواها وإذا ما ربطنا أحداث التمرد الشعبى فى إيران بإعلان مدير الوكاله الدوليه للطاقه الذريه على وجود آثار ليورانيم مشع فى اماكن غير معلنه فى ايران .. وتوقف المفاوضات النوويه مع ايران فى اغسطس الماضى تحت دعاوى ان الرد الايرانى على المقترحات الامريكيه غير بناء .. نعلم ان هناك شئ ما يدبر فى الخفاء تجاه نظام حكم آيات الله فى إيران والذى يبدوا وكأنه قد استنفز الغرض منه وحانت لحظه الخلاص منه .. هذا التحول السريع والمفاجئ فى المنطقة .. حيث أصبحنا قاب قوسين او ادنى من بلوغ مرحله ما بعد حكم آيات الله فى إيران..فما تأثير ذلك على كلاً من ..سوريا ونظام حكمها المدعوم ايرانيا بشده ..ولبنان وحجم وقوه وسلاح حزب الله حال تفككه ..والاهم هو موقف الحوثى فى اليمن .. جميعها ملفات قد نضطر للتعامل معها قريبا .. تمس الأمن القومى العربى والمصرى بصفه عامة .. فماذا نحن فاعلون ..؟
هذا مانحاول الإجابة عليه فى لقاء قادم بإذن الله ...