«بعد تفجير الجسر».. منعطف جديد للحرب الروسية - الأوكرانية !

«بعد تفجير الجسر».. منعطف جديد للحرب الروسية - الأوكرانية !تفجير الجسر القرم

عرب وعالم18-10-2022 | 15:45

زادت التطورات الجديدة التى شهدتها المعارك بين روسيا و أوكرانيا فى الآونة الأخيرة الصراع بين الدولتين الجارتين تأزما وتعقيدا، دون وجود أية مؤشرات على تسوية محتملة للحرب فى ظل عدم رغبة الطرفين فى تقديم تنازلات قد تمنح الطرف الآخر مظهر الانتصار، وعادت مجددا الضربات الصاروخية الروسية للعاصمة كييف ومدن وبلدات أوكرانية أخرى الأسبوع الماضى، فى سلسلة هجمات أعدت الأوسع نطاقا منذ الأسابيع الأولى من العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، ما ينذر بتصعيد خطير للحرب.

الهجمات الروسية الأخيرة جاءت ردا على التفجير الذى استهدف جسر القرم، والذى وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصابع الاتهام فيه إلى أجهزة المخابرات الأوكرانية. وتوقع العديد من المراقبين والمحللين أن يؤدى التفجير الجزئى الذى طال الجسر إلى إدخال الحرب فى منعطف جديد وخطير، حيث يشكل جسر القرم شريانا رئيسيا لإيصال الإمدادات الروسية إلى شبه الجزيرة التى ضمتها موسكو عام 2014، وإلى قواتها فى أوكرانيا بشكل عام.

فى هذا السياق، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إنه فى حال كانت أوكرانيا وراء التفجير الجزئى لجسر القرم، فإن استهدافه يشكل «ضربة قوية» ل روسيا تتمثل بتمكن القوات الأوكرانية من إلحاق أضرار ببنية تحتية حيوية وبعيدة عن الجبهة، فضلاً عن توجيه الحادثة رسالة كبيرة داخلياً وخارجياً، مفادها «أن المناطق التى ضمتها روسيا إليها سابقاً أو لاحقاً ليست آمنة، ولا يستطيع الجيش الروسى حمايتها بأى شكل كان».

وعقب تنفيذ الهجمات الصاروخية الانتقامية، هدد الرئيس الروسى بمزيد من الردود «القاسية» التى تتوافق «مع مستوى التهديد ل روسيا الاتحادية، وألا يساورهم شك فى ذلك»، فيما اتهم كييف بـ «الإرهاب».

وفى تأكيد على استمرار الدعم العسكرى الغربي لأوكرانيا، أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت، عن تسليم أوكرانيا أول وحدة من أحدث أربعة وحدات لنظام الدفاع الجوى من طراز (إيريس- تى إس إل إم)، وذلك استجابة لطلب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، تعزيز الدفاعات الجوية لأوكرانيا.

هذا التصعيد المتبادل، يثير التساؤلات عن السيناريوهات المحتملة لمسار الحرب، وخيارات الأطراف الرئيسية، واحتمالية استخدام بوتين للأسلحة النووية.

وذكر تقرير مطول نشرته «فرانس برس» أن «الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بغزوه ل أوكرانيا أدخل نفسه فى مأزق، يتعقد يوما بعد يوم الخروج منه، وهذا ما يفسر «ابتزازه النووى»، الذى سيشكل كارثة إنسانية بكل المقاييس فى حال اللجوء إلى «السلاح المحرم دوليا». وتساءلت الوكالة الفرنسية عن الخيارات التى أمام الرئيس الروسى للخروج من الورطة الأوكرانية.

«الهروب إلى الأمام»، حسب «فرانس برس»، هو الخيار الذى يبدو أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لجأ إليه فى الوقت الحالى، إذ يبدو مصمما على مواصلة الحرب، ما بين استحالة الدخول فى مفاوضات فى الوقت الحاضر والتهديد باستخدام السلاح النووى.

ويشير التقرير إلى إعلان رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين المعارضة على غرار جميع دول أوروبا الشرقية لأى مساومة مع بوتين، أن «المخرج الوحيد من هذا النزاع هو أن تخرج روسيا من أوكرانيا».

ووفقا للوكالة الفرنسية، فإن «الانسحاب الروسى غير مطروح الآن على الأقل. كما أن الوضع الحالى لا يسمح أيضا بالانفتاح على مفاوضات سلام، وقد يحسم المستقبل على الجبهة العسكرية حيث استعادت أوكرانيا المبادرة على وقع هجمات مضادة».

ولفت التقرير إلى إقرار الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مؤخرا فى مقابلة أجرتها معه صحف من أوروبا الشرقية «ما زلنا فى زمن حرب»، بعدما دعا لفترة طويلة إلى التفاوض واتهم باعتماد موقف مهادن حيال روسيا. وأضاف أن الحرب «لن تنتهى بمعاهدة سلام، بل فى التوقيت والشروط التى يختارها الأوكرانيون».

فى المقابل، اعتبرت الباحثة مارى دومولان من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- العائدة من أوكرانيا- أن الأوكرانيين «لن يتوقفوا قبل استعادة أراضيهم وإلحاق هزيمة عسكرية بروسيا»، مقرة فى الوقت نفسه بأنها تجهل «فى أى وقت يعتبر الأوكرانيون أنهم استعادوا ما يكفى من الأراضى» وما إذا كانت استعادة شبه جزيرة القرم التى ضمتها روسيا لا تزال مطروحة.

وعن إمكانية استخدام بوتين للسلاح النووى، تقول «فرانس برس» إنه فيما وصفه دبلوماسيون بأنه «دب جريح»، ما يزيد خطورته، يبقى من المستحيل كشف نوايا بوتين ولا أحد يعرف إلى أى مدى يمكن اعتبار «ابتزازه النووى» جديا.

وقال مصدر دبلوماسى فرنسى للوكالة الفرنسية مؤخرا إن بوتين «فى وضع صعب، هناك حرب لا يتمكن من الانتصار فيها، فما الذي يمكن أن يرضيه؟ لا رد لدينا. لكن التصعيد العمودى يبقى خطرا ماثلا».

بينما كتب المؤرخ الأمريكي تيموثى سنايدر على موقعه الإلكترونى أن الرئيس الروسى «يخسر الحرب التقليدية التي شنها. وهو يأمل أن تردع تلميحاته إلى الأسلحة النووية الديمقراطيات عن تسليم أسلحة إلى أوكرانيا وتسمح له بكسب بعض الوقت لإبطاء الهجوم الأوكرانى».

كذلك اعتبر الباحث جوريس فون بلاديل فى مذكرة للمعهد الملكى البلجيكى للعلاقات الدولية أن « روسيا تحاول كسب الوقت على أمل أن تنهار الدول الأوروبية أمامها».

من جانبه، يرى الباحث فى الشأن الروسى دميترى بريجع أن الحرب ستستمر لفترة طويلة وقد تتحول إلى حرب كبرى لن تنتهى سريعا، خاصة وأن الجانب الروسى لا يستطيع التراجع أو الاستسلام فى أوكرانيا، ذلك لأن هذا قد يسبب مشاكل كبيرة فى الداخل الروسى، وقد تتفكك روسيا إلى دول أو جمهوريات».

ويتابع بريجع «أعتقد أننا لن نشهد أى محادثات تفاوضية فى الوقت الحاضر بين روسيا وأوكرانيا، لكنني أعتقد أنه فى عام 2024 يمكننا أن نرى مفاوضات بعد حرب شرسة فى عام 2023، ويمكن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية فى العام الجارى، أو فى العام المقبل 2023».

واستدل بريجع على ذلك بالقول «فى عام 2024 هناك انتخابات رئاسية فى روسيا وأيضا فى الولايات المتحدة، وقد يتغير فيها قادة روسيا والولايات المتحدة بشخصيات قد تحل الوضع فى المنطقة وقد نرى عالما متعدد الأقطاب وتعديلات فى الأمم المتحدة».

أضف تعليق