عودة شبح الأزمة المالية العالمية.. هزات عنيفة تضرب بنوك أوروبا

عودة  شبح الأزمة المالية العالمية..  هزات عنيفة تضرب بنوك أوروباالبنوك الاستثمارية الأوروبية

اقتصاد18-10-2022 | 15:51

تعرضت أسهم البنوك الاستثمارية الأوروبية العالمية لهزة عنيفة هوت بها لأدنى مستوياتها، نتيجة لتراجع أسهم البنوك الاوروبية العالمية إلى معدلات غير مسبوقة نتيجة لارتفاع تكلفة التأمين على الديون ضد التعثر CDS بنحو 15%، وتخلف الشركات الكبرى المثقلة بالديون عن السداد، وارتفاع قيمة شهادات التأمين ضد الإفلاس على سندات دين، ومطالبة المستثمرين بمزيد من الضمانات.

هذه الأوضاع بحسب تقارير أعدتها وسائل إعلام عالمية، وتحليلات مراقبين دوليين، تعد مقدمة لسلسلة من الانهيارات العالمية تصيب بنوك القارة العجوز ودعاوى إفلاس ربما تؤدي إلى عودة شبح الأزمة المالية العالمية التي امتدت من 2007 إلى 2009، والركود الكبير الذي كان أسوأ تراجع اقتصادي منذ الكساد الكبير لثلاثينيات القرن العشرين، والذي امتد حتى بداية عقد الأربعينيات، وتتفق كافة التوقعات أن هذه البنوك من المتوقع أن تلجأ إلى بيع الأصول لتسوية أوضاع مع المستثمرين وأن مثل هذه الخطوة أيضا غير أمنة ومحفوفة بالمخاطر السطور التالية تحمل كافة التفاصل.

انهيار قياسى للعملاق السويسري

كشفت تقارير إعلامية أعدتها وسائل إعلام عالمية وبيانات صادرة عن جهات رسمية عن تعرض أسهم بنك UBS لتراجع قياسي فى أسعار الأسهم تجاوزت معدلات عام 2013 أزمة الديون الأوروبية، إلا أن الهزة العنيقة التي من المتوقع أن تؤدي إلى أزمة مالية عالمية تعرض لها بنك «Credit Suisse» كريدي سويس ثاني أكبر البنوك السويسرية وأحد أكبر المقرضين على مستوى البنوك العالمية.

وكشفت شبكة CNBC الأمريكية وعدد من وسائل الإعلام العالمية الكبرى أن أسهم «كريدي سويس»، تراجعت بنحو 56% منذ مطلع العام الحالي، وعلى أثر هذا التراجع تعرض سهم كريدي سويس لهزة جديدة هوت به لأدنى مستوياته على الإطلاق، مما يغذي التخوف لدى أسواق المال والمستثمرين من اتجاه البنك العالمي نحو الإفلاس فى ظل ما يتعرض له من إضطرابات حادة وجوهرية تهدد سلامته المالية.

واتفقت جميع التحليلات على أن هذا التراجع، بالإضافة إلى الأزمات الأخرى التي تواجه البنوك السويسرية أدت الى ارتفاع أصداء المخاوف من الصحة المالية العالمية لبنك كريدي سويس الذي يعد من أكبر المقرضين فى العالم مع انهيار سندات الدين لدى البنك وارتفاع شهادات التأمين ضد الإفلاس على سندات دين البنك التي تبلغ 158 مليار فرانك سويسري ما يعادل 160 مليار دولار.

مما أدى بحسب مراقبين إلى تغذية المخاوف بشأن انهيار على غرار انهيار بنك ليمان براذرز الأمريكي عام 2008؛ بسبب أزمة ديون الرهن العقاري، والذي تسبب فى أزمة مالية عالمية، مؤكدين أن ذلك من المتوقع أن يقود الى أزمة مالية عالمية أوسع نطاقًا.

مخاطر جسيمة وبيع الأصول

لمواجهة الأزمات كشفت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أن بنك كريدي سويس، وضع خططًا للمواجهة من خلال عمليات إعادة هيكلة تعتمد على بيع الأصول لتسوية أوضاع البنك وفقا لتصريحات الرئيس التنفيذي للبنك يتم الإعلان عن هذه الخطط 27 أكتوبر الجاري، كما أنه طلب من المستثمرين منحه أقل من 100 يوم لتقديم استراتيجية تحول جديدة، وبحسب تحليلات خبراء مختصين ووسائل إعلام عالمية، وفى ظل قلق وتقلبات الأسواق تبدو هذه المهلة طويلة للغاية، حيث ارتفعت تكلفة التأمين على الديون ضد التعثر CDS بنحو 15% مؤخرًا، لتصل إلى مستويات لم نشهدها منذ عام 2009 وهو ما يعيد إلى الأذهان انهيار «ليمان براذرز» Lehman Brothers خلال أزمة الائتمان العالمية.

وبحسب الصحيفة البريطانية حاول الرئيس التنفيذي لـ «Credit Suisse» طمأنة الموظفين بأن البنك لديه قاعدة رأسمالية قوية وسيولة جيدة تمكنه من مواجهة الأزمة.

تحديات هائلة

وصفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية حالة التعثر التي يتعرض لها بنك كريدي سويس بالتحدي الهائل الذي يواجه ديكسيت جوشي، المدير المالي الجديد لبنك كريدي سويس والمصرفى البريطاني من جنوب إفريقيا، والذي تم الاستعانة به لمواحهة هذه الأزمات، نظرًا لخبراته السابقة فى مواجهة موجات التعثر، التي تعرض لها بنكان عالميان؛ هما باركليز بنك، ودوتشيه بنك، مؤكدة أن المصرفى البريطاني الإفريقي الأصل يحتاج إلى خبرته فى دويتشه بنك للمساعدة فى توجيه البنك السويسري المتعثر.

وأضافت أن ديكسيت جوشي، اعتاد العمل فى البنوك على خط النار، حيث عمل فى باركليز طوال الأزمة المالية تبعه ما يزيد قليلاً على عقد فى دويتشه بنك.

عدوى البنك السويسري

ذكرت شبكة CNBC الأمريكية، أن عدوى البنك السويسري انتقلت إلى القطاع المصرفى البريطاني حيث استمرت اضطرابات السوق فى ضرب المملكة المتحدة، مما دفع بنك إنجلترا إلى تعليق البدء المخطط لبيع السندات الذهبية والبدء مؤقتًا فى شراء السندات طويلة الأجل يهدف تهدئة فوضى السوق.

وبحسب ما ذكرته شبكة الإعلام الأمريكية انخفضت أسهم دويتشه بنك أكبر بنك فى ألمانيا بنسبة 80. % (DB 0.80٪) ، بأكثر من 11٪ فى ضوء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصادات الأوروبية، مشيرة إلى أنه على مدار الأيام القليلة الماضية، انخفض العائد على السندات الألمانية لمدة 10 سنوات، والذي تميل البنوك فى المنطقة إلى الارتباط به، من حوالي 1.74٪ إلى 1.4٪، وهو انخفاض حاد فى غضون أيام قليلة فقط.

وأشارت الشبكة الإعلامية الأمريكية، إلى أن عدوى التعثر انتقلت إلى بنك BNP Paribas أحد أكبر البنوك الفرنسية، حيث تثير عمليات البيع على المكشوف مخاوف المجتمع المصرفى الفرنسي وتثير قلق ومخاوف عالميين.

وأوضحت شبكة الإعلام الأمريكية أن البيانات الأخيرة كشفت أن النشاط التجاري قد تباطأ فى المنطقة، مما دفع المستثمرين إلى الاستعداد لنمو اقتصادي أبطأ، مما كان متوقعًا فى البداية هذا العام.

وأضافت أن البنوك الاستثمارية الكبيرة فى الولايات المتحدة و أوروبا حاولت مؤخرًا التخلص من ديون الشركات، مما أدى إلى خسائر كبيرة لدى هذه البنوك، حيث باع دويتشه بنك مؤخرًا سندات شراء شركة واحدة بسعر 0.82 للدولار. مؤكدة أن الخبراء يتوقعون الأسوء فى ضوء هذه المؤشرات.

ووفقًا لشبكة بلومبرج الأمريكية، «وافقت البنوك على تمويل الصفقات منذ أشهر، فى ضوء تحول هائل فى التوقعات، نظرًا» للخلفية الاقتصادية غير المؤكدة، التي تجعل المستثمرين أكثر انتقائية ويطالبون بالحصول على أموال أكثر مقابل المخاطر التي يتعرضون لها.

تخلف الشركات عن سداد الديون

حذر تقرير صادر عن البنك المركزي الأوروبي فى شهر مايو الماضي من تأثير الأزمات التي تواجهها الشركات غير المالية فى منطقة اليورو، نتيجة لارتفاع أسعار المدخلات فى ضوء توقعات اقتصادية أكثر ضبابية، على البنوك الأوروبية فى ضوء المؤشرات التي تشير إلى أن هذه الأوضاع قد تؤدي إلى زيادة حالات التخلف عن السداد لدى الشركات، خاصة بالنسبة للشركات والقطاعات، التي لم تتعاف بعد بشكل كامل من الوباء، لافتًا الى أنه علاوة على ذلك، فإن معاناة الشركات المثقلة بالديون وتلك ذات التصنيف الائتماني المنخفض من ظروف تمويل أكثر صرامة، يدفع بالبنوك الأوروبية نحو أوضاع شديدة الخطورة.

وأضاف التقرير أن أسعار المنازل فى منطقة اليورو استمرت فى الارتفاع، كما تسارع نمو الإقراض العقاري، على الرغم من أن التوسع الواسع للرهون العقارية ذات السعر الثابت من شأنه أن يحمي العديد من المقترضين من ارتفاع أسعار الفائدة على المدى القريب.

تراجع آفاق الربحية للبنوك الأوروبية

أوضح التقرير، أن آفاق الربحية للبنوك الأوروبية تراجعت مرة أخرى، بعد الانتعاش القوي فى عام 2021، وقد يؤدي التأثير المحتمل لزيادة أسعار الطاقة وارتفاع التضخم وضعف النمو إلى تجسيد مخاطر جودة الأصول، على الرغم من تعرض عدد قليل من البنوك تعرض مباشر كبير لروسيا وأوكرانيا، ويشير تحليل الضعف الأخير الذي أجراه البنك المركزي الأوروبي إلى أن النظام المصرفى فى منطقة اليورو يجب أن يظل مرنًا حتى فى ظل السيناريوهات الاقتصادية السلبية الشديدة.

وأشار التقرير إلى حدوث تدفقات كبيرة من صناديق الاستثمار التي تدير محافظ سندات الشركات إلى الصناديق التي تدير التعرض للسندات السيادية، وكذلك من النمو إلى صناديق الأسهم ذات القيمة، وأنه على الرغم من هذه التحولات لم تكن معطلة بشكل منهجي، إلا أن القطاع لا يزال ضعيفًا بسبب السيولة المنخفضة، والمخاطر العالية المدة، والتعرض العالي للسندات الصادرة عن الشركات الضعيفة، يأتي ذلك بالتزامن مع مواجهة بعض الصناديق لمخاطر إضافية من الرافعة المالية المفرطة فى المشتقات أو من الاستثمارات فى الأصول المشفرة.

زيادة مخاطر الاستقرار المالي

ومن جانبه، أوضح لويس دي جويندوس، نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، أن الحرب الروسية الأوكرانية تزيد من مخاطر الاستقرار المالي نتيجه لتأثيرها تأثيره على جميع جوانب النشاط الاقتصادي وانظمة التمويل.

فى ضوء تقلبات أسعار السلع وأزمة الطاقة مرتفعة، مما تسبب فى بعض الضغوط فى أسواق المشتقات لهذه المنتجات، على الرغم من التعديلات الأخيرة ، لا تزال بعض الأصول معرضة لخطر المزيد من التصحيحات فى حالة ضعف توقعات النمو بشكل أكبر وارتفاع التضخم بمعدلات تتجاوز التوقعات.

وأضاف نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، أن نقاط الضعف تتزايد بسبب المسار غير المؤكد للحرب الروسية الأوكرانية وتحول توقعات تطبيع السياسة فى الاقتصادات المتقدمة، مشددًا على أن التطورات العالمية المحتملة الأخرى، مثل عودة ظهور جائحة فيروس كورونا (COVID-19) على نطاق أوسع، وتراجع اقتصادات الأسواق الناشئة الرئيسية والتباطؤ الحاد فى النشاط الاقتصادي الصيني، من المتوقع أن تؤدي الى تداعيات سلبية غير مسبوقة على البنوك الأوروبية.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2