«الدونتس» ليست حلوى فقط ولكن أيضا نظرية اقتصادية للقضاء على الفقر

«الدونتس» ليست حلوى فقط ولكن أيضا نظرية اقتصادية للقضاء على الفقر«الدونتس» ليست حلوى فقط ولكن أيضا نظرية اقتصادية للقضاء على الفقر

*سلايد رئيسى8-3-2018 | 16:44

كتبت: بسمة المنزلاوي

كلنا نعرف حلوى " الدونتس" و نعرف شكلها المميز، لكن لا أعتقد أنك - قارىء هذه السطور - أو أى أحد غيرك طرأ على ذهنه وهو يستمتع بإلتهام الـ"دونتس"، هذه الحلوى اللذيدة، أنها سوف توحى لشخص ما فى يوم من الأيام بنظرية اقتصادية، وسوف ينظر إلى هذه النظرية مع مطلع الألفية الثالثة على أنها واحدة من أهم النظريات الاقتصادية.

وحديثا جاءت كيت راورث أستاذة زائرة بجامعة اكسفورد وفكرت ووضعت نظرية اقتصادية أطلقت عليها اسم الـ "دونتس" وأصبحت نظريتها من أهم نظريات الاقتصاد.

وتميز نظرية راورث بأنها ذات بُعد إنساني وتهدف إلى تحقيق الكفاية الاقتصادية للإنسان باستخدام الموارد المتاحة لنا على الأرض و دون الإضرار بالبيئة مع مراعاة العمالة غير المدفوعة الأجر و مراعاة الأمهات التي تعمل يوميا لرعاية أسرها و الأعمال التطوعية التي تساهم في بناء المجتمع و تطويره من دون انتظار أجر أو عايد اقتصادي.

البعد الإنسانى

وتؤكد راورث في نظريتها ضرورة دمج كل هذه الأعمال في المنظومة الاقتصادية وإعادة النظر مرة أخرى في النظريات الاقتصادية التي لا تراعي هذا البعد الإنساني و أيضا التي لا تراعي الحفاظ على البيئة.

لفتت راورث الأنظار بنظريتها الاقتصادية المتطورة واعتبرت صحيفة الـ "فاينانشيال تايمز" كتابها  doughnuts economicsمن أهم الكتب الاقتصادية الصادرة مؤخرًا.

وأوضحت راورث أن النظريات الاقتصادية المطبقة حاليا لم تمنع الأزمات المالية من الحدوث ولم تمنع تزايد معدلات الفقر العالمية وتزايد عدم التكافؤ في توزيع الثروات الاقتصادية سواء بين الدول أو الأفراد فهل من الممكن أن تنقذنا نظرية راورث؟

القضاء على الفقر

تؤكد راورث أنه من خلال نظريتها يمكن للعالم وللمرة الأولى أن يقضي على الفقر نهائيًا.

وأن يتمتع كل إنسان بما يلزمه من أكل وشرب وسكن وكهرباء و كافة احتياجاته الأساسية وفِي الوقت نفسه مع الحفاظ على المناخ وطبقة الأوزون والتربة والمياه العذبة والغابات،حيث تراعي راورث في نظريتها  البعد الإنساني والبيئي أيضا وليس فقط البعد الاقتصادي.

تعتبر نظرية "الدونتس" ثورة على النظريات الاقتصادية الرأسمالية والتي ركزت لعقود طويلة على الاستثمار والأرباح دون مراعاة البعد الإنساني والبيئي.

وبعد كل ما سبق بالتأكيد أنتم تريدون أن تعرفوا فحوى النظرية، والإجابة فى التالى:

7 مبادىء

تعتمد نظرية راورث على سبعة مبادئ رئيسية تلخص نظرية "الدوناتس"وهي

أولا: "تغيير الهدف".. ولسنوات عديدة طاردت النظريات الاقتصادية المختلفة تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع.

وتؤكد راورث أنه قد حان الوقت لتغيير هذا الهدف حيث إنه حتى الدول التي حققت معدل نمو اقتصادي مرتفع  لم تنجح في خفض معدلات الفقر بها أو تحقيق توزيع عادل للثروات، وأن هدف أي سياسة اقتصادية يجب أن يكون توفير الاحتياجات الأساسية لكل الأفراد مع مراعاة البعد الإنساني والعدالة الاجتماعية و الحفاظ على البيئة.

ثانيا: "نظرية جديدة".. حان الوقت لنظرية اقتصادية جديدة وتوديع المفاهيم السائدة لعقود طويلة ولَم تحقق أهدافها.

ثالثا: "احترام الطبيعة الإنسانية".. لقد ظل الإنسان لعقود مطاردا مصالحة الفردية ممسكا باله حاسبة في يده محاولا تحقيق مستويات أعلى من الدخل ومستويات أعلى من الرفاهية، مطاردا أرقام معدلات نمو مرتفعة وهو ما قد يتنافى مع الطبيعة الإنسانية و مصلحة المجتمع ككل.

رابعا: " نظام مرن".. الاقتصاد ليس كالفيزياء ولا يخضع لقواعد ثابتة يمكنها التنبؤ بتوجهات السوق في كل مرة بشكل صحيح وتقول راورث بل يجب التعامل مع الاقتصاد على أنه حديقة ومع الاقتصاديين على أنهم مزارعون وليسوا مهندسين أو فيزيائين وعلى المزارع أن يهتم بحديقته ويساعدها على النمو في الاتجاه الصحيح بشكل مختلف يتماشى مع كل حالة على حدة حسب الصعوبات التي يواجهها ليحقق هدفه والحصول على محصول سليم في النهاية.

خامسا: " إعادة توزيع الثروات".. لا بد من وجود آلية تضمن توزيع الثروات بشكل عادل

مؤكدة أن هذا لن يتحقق إلا بقرارات سياسية وإعادة صياغة قوانين الدخل والضرايب بشكل يضمن القضاء على الفقر، فترك الأمر للمنظومة الاقتصادية لا يؤدي إلا  لاتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء.

سادسا: " التوسع في الصناعة لإعادة الاستهلاك وتقليل حجم المخلفات".. بهدف الحفاظ على البيئة فالأكثر من ٢٠٠ عام الماضية تقوم الأنشطة الصناعية على أخذ الموارد من الطبيعة تصنيعها إلى منتجات واستهلاكها لفترة ثم التخلص منها كمخالفات وهو نظام أسمته راورث ( take-make-use-lose) وهو ما يؤدي في النهاية إلى تدمير النظام البيئي ويجب أن نتحول إلى نظام تدوير المخلفات وأن تكون مخلفات صناعة هي مدخلات لصناعة أخرى و هكذا بحيث يتم إعادة استهلاك المنتجات وتدويرها مرة تلو الأخرى

وسابعا وأخيرا: "نحن بحاجة إلى نظرة أكثر شمولية واقتصاد للكوكب ككل"..

حيث تؤكد راورث أن النظريات الاقتصادية في بداية ظهورها جاءت تتعامل مع الإنسان كفرد وتعظيم منفعته الاقتصادية ثم بدا المفهوم يتسع ليشمل مجموعة أفراد داخل الدولة ثم مجموعة من الدول داخل المنظمات ولكن حان الوقت للتعامل مع اقتصاد بنظرة أكثر شمول تشمل كوكب الأرض بشكل كامل ومراعاة البعد الإنساني والبعد البيئي ، وبهذا نكون لخصنا المبادئ السبعة الأساسية التي تقوم عليها نظرية اقتصاد الدوناتس.

أضف تعليق

إعلان آراك 2