سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. الحلقة الثانية: فى الوكالة اليهودية مع بن جوريون.. حلقات يكتبها: توحيد مجدي

سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. الحلقة الثانية: فى الوكالة اليهودية مع بن جوريون.. حلقات يكتبها: توحيد مجديسيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. الحلقة الثانية: فى الوكالة اليهودية مع بن جوريون.. حلقات يكتبها: توحيد مجدي

*سلايد رئيسى16-3-2017 | 00:09

[gallery type="slideshow" columns="1" size="large" ids="12060,12061,12062,12063,12064,12065,12066"]
توقفنا فى الحلقة السابقة عند لقاء سيد قطب – بصفته - رئيس وفد وزارة المعارف العمومية المصرية الذى سافر إلى فلسطين بداية عام 1945 بـ بن جوريون بصفته رئيساً للوكالة اليهودية، حيث أكد بن جوريون أمام قطب أنه سيساعده للحصول علي كل الشهادات التي رغب وحلم بها مقابل رده الجميل لمدارس الوكالة اليهودية مع توقيعه لبروتوكول معها يُلزم وزارة المعارف العمومية المصرية والقاهرة بالمساهمة لوضع برنامج متطور وطويل المدى لتدريس وتعليم مناهج النحو والصرف واللغة العربية الفصحى بمدارس الوكالة اليهودية في فلسطين، ونواصل
بن جوريون يقرر تبني فكرة قطب
أعجب دافيد بن جوريون بفكرة أن يُحرر سيد قطب بأسلوبه الوظيفي الخاص طلب الوكالة اليهودية ثم دعا خبراء الوكالة في ملف التعليم لتحديد موعد في اليوم التالي لاستقبال قطب للمرة الثانية في مكتبه لتحرير الطلب الذي تحدث عنه وقبل نهاية اللقاء طلب بن جوريون البيانات الشخصية والعلمية الكاملة للضيف المصري الودود وكرر وعده الجاد أنه سيساعد قطب بكل نفوذه لدي المحافل العلمية والأكاديمية المتخصصة بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتردد قطب بعدها علي مدينة القدس بشكل رسمي كرئيس لبعثة وزارة المعارف العمومية المصرية ثلاثة مرات في الفترة من عام 1945 حتي عام 1946 وتثبت معلومات الملف الأمريكي السري للغاية الذي سجل يوميات تحركاته في القدس وزيارته للوكالة اليهودية وانضمامه أثناء زيارته الثانية إلي دروس الماسونية التي تلقاها علي أيدي حاخام يهودي مغمور يدعى "حاييم كافكا" لم تسجل بياناته كاملة في الملف.
زيارات قطب الرسمية والودية إلي القدس
زار سيد قطب عدد كبير من المدارس اليهودية المختلفة في مدينة تل الربيع - تل أبيب - وحيفا والقدس بصحبة خبراء متخصصين لدى الوكالة اليهودية في مجال تصميم المناهج التعليمية، رسم وحدد ووضع لهم قطب مناهج تدريس نموذجية سريعة لتعليم اللغة العربية.
وأبهرت طريقة قطب الوكالة اليهودية فعرضت عليه الاستقالة من وزارة المعارف العمومية المصرية ثم التفرغ إلي التدريس كخبير رفيع لدي مدارسها في فلسطين مقابل راتباً شهرياً كان فلكياً بالمقارنة مع رواتب الموظفين المصريين في تلك الفترة الزمنية ومع ذلك اعتذر.
فضل سيد قطب البقاء في وظيفته الحكومية المصرية وكحل وسط اتفق مع الوكالة اليهودية علي العودة لمدينة القدس أربع مرات سنوياً للإشراف علي مراحل تنفيذ البرنامج التعليمي النموذجي الذي وضعه لهم لتدريس اللغة العربية في مدارس الوكالة اليهودية دون مجهود وخلال وقت قياسي مثلما وعدهم، وأن يكون الاتفاق علي المسائل المادية بعد نجاح خطته التعليمية في وقت لاحقمع وعد بأنهم سيتبنون أسلوبه الذي رُفض بالقاهرة دون مشاكل.
كل المتناقضات
جمع قطب في فلسطين بين كل المتناقضات السياسية والعرقية والدينية فتقرب من الوكالة اليهودية وجمع البرتقال من الحقول مع المستوطنين اليهود وقطف الزيتون مع المزارعين الفلسطينيين وفي نهاية اليوم تناول الطعام بدعوة رسمية خاصة للغاية علي مائدة الاحتلال البريطاني حيث دعاه Alan Gordon Cunningham Sir ووثقت الصور التي التقطت له بصحبة الجنود والضباط البريطانيين وسط القدس الحقيقة العارية وهي مجموعة عليها حظر النسخ الشامل حتي يومنا هذا في الأرشيف البريطاني بينما يمكن مطالعتها كوثائق بتصريح خاص دون تصويرها بأي وسيلة والمحاولة لن تفيد في وجود الحظر القانوني.
وكان السير " آلان جوردون كنينجهام " المندوب السامي البريطاني السابع والأخير علي فلسطين في الفترة من 21 نوفمبر 1945 حتي صباح إعلان قيام دولة إسرائيل في 14 مايو 1948 قد استقبل سيد قطب ووفد وزارة المعارف العمومية المصرية داخل مقره الرسمي في فندق "الملك داوود" بمدينة القدس الأمر الذي وثق الزيارة بشكل تلقائي.
حاول سيد قطب بتلك الفترة بشكل جدي الحصول علي إجازة تفرغ من وظيفته الحكومية في مصر للسفر لفلسطين لتطبيق نظرياته الخاصة بالتعليم والتدريس لمادة اللغة العربية لكنه فشل وتسبب طلبه في إثارة المزيد من التساؤلات حول انتماءاته وأفكاره الوطنية.
اقترب الوقت من نهاية عام 1946 وبدأت المناوشات السياسية بين مصر والصهيونية العالمية بالظهور علي ساحة الأحداث في المنطقة وعارضت القاهرة سياسات التوسع الاستيطانية اليهودية - الصهيونية داخل فلسطين، واشتبكت جامعة الدول العربية التي تأسست بتاريخ 22 مارس عام 1945 مع الصهيونية العالمية وبات اللعب في منطقة الشرق الأوسط علي المكشوف.
كما ألغت الحكومة المصرية معظم بروتوكولات التعاون بينها وبين الوكالة اليهودية في القدس وجرمت التعامل معها فوجد قطب نفسه بين عشية وضحاها مخالفاً للقانون وتأخر في العودة إلي وظيفته الحكومية المرموقة لدي وزارة المعارف العمومية في القاهرة.
في تلك الأجواء المتوترة أبرق قسم الشؤون القانونية لدي وزارة المعارف العمومية إنذاراً رسمياً بالفصل القانوني من الخدمة إلي محل سكن قطب نبهه فيه إلي ضرورة عودته إلي عمله في غضون سبعة أيام من تاريخ علمه بالقرار طبقاً لقانون العمل ولائحة الخدمة فيالجهات الحكومة.
عاد إلى مصر
غادر سيد قطب مدينة القدس وهو حزيناً لضياع حلمه في تطبيق نظرياته الخاصة للتعليم والتدريس النموذجي وعاد إلي وظيفته الحكومية المصرية لتحاصره تعليمات وتوجيهات وزير المعارف العمومية السنهوري باشا الذي ساءت علاقته مع قطب المراقب المساعد غريب الأطوار فقرر الوزير إبعاده عن ديوان عام الوزارة في أقرب فرصة سانحة.
قضى سيد قطب عام 1947 كله بوظيفته الحكومية بالقاهرة في دراسات تمهيدية خاصة برسالة الماجستيربكلية دار العلوم وتغيب بعذر وتصريح رسمي من الوزير الذي تمنى عدم عودته من دراساته حتي فوجئ بمنحة دراسية أمريكية عُليا مفاجأة تتسلمها الوزارة باسمه وكامل بياناته دون مبرر منطقي معقول.
الغريب أن الوزير الدكتور عبد الرازق السنهوري بعدما رغب في إبعاد قطب عن الوزارة بأي وسيلة رفض في البداية التوقيع بموافقته علي المنحة الدراسية الأمريكية المجانية لعلمه أنه سيعود منها بشهادة الدكتوراه التي ستمنحه نفوذاً وظيفياً خاصاً ومع ذلك وافق بالنهاية.
ربما وافق السنهوري ووقع علي أوراق المنحة من الناحية الشكلية لأنه أرسل إلي محمود فهمي النقراشي باشا وزير الداخلية مذكرة تحت بند "سري للغاية" لم تقيد في دفاتر وزارة المعارف أطلعه فيها علي موضوع المنحة الأمريكية غير المبررة لمراقب مساعد بديوان عام وزارته شاذ الأفكار والأطوار يدعي سيد قطب.
أقلقت المذكرة النقراشي باشا وزير الداخلية فحقق شكوك السنهوري باشا بمكاتبة رسمية للسفارة الأمريكية بالقاهرة كشفت أن قطب راسل بعض الجامعات الأمريكية لطلب منحة أبحاث دراسية خاصة في المعاهد والكليات المتخصصة بمجال إدارة المناهج ونظم التعليم الحديث في عدة ولايات أمريكية.
وأن David Umipeg عميد كلية إعداد المعلمين التابعة لجامعة ولاية كولورادو - تأسست بتاريخ 1 إبريل 1889 - المعروفة حالياً باسم جامعة شمال كولورادو وافق علي قبول طلبه مع تحمل نفقات بحثه لشهادة الدكتوراه لمدة عامين كاملين في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن رد السفارة الأمريكية بالقاهرة علم النقراشي باشا أن أوراق قبول سيد قطب حملت توقيع البروفسورJaime McClendon   نائب عميد كلية إعداد المعلمين بجامعة ولاية كولورادو وأن الأوراق شملت تعهد Vernon Chang أمين صندوق الكلية بتغطية كل نفقات الدراسة حتي تصريح الإقامة في نزل طلبة الجامعة وقعته Mary Funakoshi سكرتيرة عميد تلك الكلية في ذلك التوقيت.
علمت وزارة الخارجية المصرية بموضوع مكاتبة النقراشي باشا وزير الداخلية مباشرة للسفارة الأمريكية دون علمها فأنزعج وزير الخارجية "أحمد محمد خشبه" باشا الثابت توليه المنصب مرتين من 19 نوفمبر 1947 حتي 28 ديسمبر 1948 والثانية من 27 فبراير عام 1949 حتي 25 يوليو عام 1949
فشكى خشبه باشا وزير الخارجية إلي قصر عابدين تصرف النقراشي بعدما قابل الشكوى بصلف استفز "إبراهيم عبد الهادي المليجي" باشا رئيس الديوان الملكي الذي تولي بعدها بأسابيع قليلة رئاسة الوزراء المصرية خلال الفترة من 28 ديسمبر عام 1948 حتي 25 يوليو عام 1949
فأضطر عبد الهادي باشا لاستدعاء "ستانتون جريفيس" السفير الأمريكي الجديد بالقاهرة الذي رشحته بلاده في 7 يوليو 1948 وقدم أوراق اعتماده للقصر الملكي في 2 سبتمبر عام 1948 الثابت شغله المنصب لدي المملكة المصرية حتي 18 مارس عام 1949
في اللقاء الودي بعدما أخبرت الإدارة المصرية السفير أنها جلسة لتوطيد العلاقات استفسر عبد الهادي باشا وسط الحديث من جريفيس عن الإجراءات الدبلوماسية المعمول بها بشأن موضوع مكاتبة النقراشي باشا فأكد أن وزير الداخلية المصري خالف المتعارف عليه لكن سفارته لم ترغب في إثارة مشكلة لا داعي لها واستجاب لمكاتبته طالما كانت روتينية.
انتهى اللقاء بين عبد الهادي باشا والسفير الأمريكي لكن الأمر برمته أقلق السفير جريفيس فأبرق ببرقية دبلوماسية عاجلة "سرية للغاية" للخارجية الأمريكية - تأسست في 27 يوليو 1789 - أرفق بها مذكرة تفصيلية بشأن منحة الطالب سيد قطب موظف وزارة المعارف العمومية المصرية وما دار بشأنها معه بشكل شخصي في كواليس قصر عابدين ورئاسة الوزراء المصرية.
حرب 48
تدهور الموقف بمنطقة الشرق الأوسط ونشبت حرب فلسطين في 15 مايو 1948 - توقفت في 10 مارس 1949 - مما هدد المصالح الأمريكية العليا بمصر بشكل مباشر وكان علي وزارة الخارجية الأمريكية التصرف بشأن المذكرة السرية التي حررها السفير الأمريكي لدى القاهرة.
فأخطرت وزارة الخارجية وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA حديثة الإنشاء التي تأسست بتاريخ 18 سبتمبر عام 1947 لمتابعة الموظف سيد قطب المصري الجنسية طالب المنحة الدراسية المثير للجدال.
بعدما تقرر وصوله عبر البحر الأبيض المتوسط علي متن سفينة سياحية إيطالية أبحرت من ميناء الإسكندرية باتجاه ميناء نيويورك المدني الذي وصله في صباح 3 نوفمبر عام 1948 وكانت المعارك ما زالت دائرة بل محتدمة بين العرب واليهود - الصهاينة علي أرض فلسطين.
حيث توقعت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA قبلها وصول سيد قطب مع 44 مرشح محتمل للتجنيد كعملاء لحسابها بدفعة خاصة ضمت 45 طالباً معظمهم من أصول شرق أسيوية كان بينهم ثلاثة من العرب طبقاً للبيانات السرية للغاية والسجلات الأمريكية الرسمية التي اطلعت عليها وحققتها بدقة وتوثيق وقد وردت أسماء هؤلاء علي التوالي:
الطالب المصري الجنسية "محمد عباس" الأول علي الدفعة بعد ذلك عام 1950 والطالبين الشقيقين الفلسطينيين المقدسيين "صائب وفا دجاني" و"وجيه وفا دجاني" السادس والسابع علي نفس الدفعة بعد ذلك عند التخرج مع العلم أن ترتيب الطالب المصري سيد قطب جاء التاسع عشر علي تلك الدفعة في نهاية ذلك العام.
حققت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA في مخاوف السفير جريفيس وكانت المفاجأة الثانية وربما الأهم أن طلب سيد قطب الذي قبلته جامعة ولاية كولورادو بشكل رسمي خاص لم يرسل بالأساس من داخل القطر المصري بل تم إرساله من بريد مدينة القدس في شهر يونيو صيف عام 1948.
الأمر الذي يقطع التقديرات الساذجة ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن دافيد بن جوريون أوفى بوعده القديم إلي صديقه سيد قطب بعدما أصبح أول رئيساً للوزراء بتاريخ إسرائيل وأن ذلك حدث مباشرة عقب إعلان قيام الدولة في 14 مايو عام 1948وأن النفوذ الكبير الذي تحدث عنه أثناء لقاء الاثنين معاً في مقر الوكالة اليهودية مكَّن بن جوريون بالفعل لمساعدة الموظف المصري الذي خدم الوكالة اليهودية في الماضي بالولايات المتحدة.
خاصة بعدما أكدت السجلات الأمريكية الحكومية الرسمية أن طلب اعتماد منحة سيد قطب خُتم واعتُمِد مع بيانات قطب بخاتم الوكالة اليهودية ووقع عليه دافيد بن جوريون بالتوصية الشخصية إلي James Quigg Newton - توفي في 4 إبريل 2003 - المعروف أنه كان العمدة السادس والثلاثين لمدينة Denver عاصمة ولاية Colorado الأمريكية في الفترة من عام 1947 حتي عام 1955
ساعتها انتبهت CIA واعتقدت أن الوكالة اليهودية سبقتها إلي تجنيد سيد قطب للعمل كعميل لحساب الصهيونية العالمية وزاد من شكوكها أن أثبتت دراسة تصرفاته الشخصية اعتياده  الكتابة بتلك الفترة عن التسامح بين الأديان وأنه دعا علانية المملكة المصرية إلي الاهتمام بطائفة يهود مصر كما طالب قطب بضرورة تحييد تلك الطائفة من مشهد الصراع العربي الصهيوني.
حتي اقتربت شكوك CIA من اليقين عندما اكتشفت أن الوكالة اليهودية حركت عملاء عملوا لحسابها داخل مكتب عبد الرحمن حسن عزام باشا الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية لكي ينتدب المراقب المساعد سيد قطب عام 1947 إلي الجامعة كمستشار للمناهج التعليمية العربية وأن الترشيح وقع عليه "تاج الدين الصلح" الدبلوماسي اللبناني النائب المساعد لدى جامعة الدول العربية لشؤون الملف الفلسطيني والإسلامي الذي كان في حقيقة الأمر أخطر جواسيس جهاز استخبارات الوكالة اليهودية في مصر خلال الفترة من عام 1945 حتي عام 1950.
الحلقة (3) :سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد: (3) فى أمريكا قطب يلتقى أستاذ الطائفة الماسونية الأعظم.. حلقات يكتبها: توحيد مجدي [caption id="attachment_12068" align="aligncenter" width="214"]كاتب الحلقات توحيد مجدى كاتب الحلقات توحيد مجدى[/caption]
أضف تعليق