قالت شبكة "اسوشييتدبرس" الأمريكية، إن الدول الأوروبية باتت تواجه خطر اندلاع اضطرابات سياسية نتيجة تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد تسارع معدلات التضخم الناجمة بشكل أساسي عن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة.
وأشارت الوكالة في تقرير نشرته السبت، إلى أن المتظاهرين في رومانيا قرعوا الأبواق والطبول للتعبير عن استيائهم من ارتفاع تكاليف المعيشة فيما نزل الناس في جميع أنحاء فرنسا إلى الشوارع للمطالبة بزيادات في الأجور تواكب التضخم تزامنا مع تظاهرات في دول أوروبية أخرى، بما فيها جمهورية التشيك وبريطانيا وألمانيا.
وقالت الوكالة: "في جميع أنحاء أوروبا، يقف التضخم المرتفع وراء موجة من الاحتجاجات والإضرابات التي تؤكد الاستياء المتزايد من ارتفاع تكاليف المعيشة ويهدد بإطلاق العنان للاضطرابات السياسية في القارة".
ولفتت إلى أنه مع إجبار رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس على الاستقالة بعد أقل من شهرين بسبب خططها الاقتصادية المثيرة للجدل أصبح الخطر على القادة السياسيين أكثر وضوحًا مع مطالبة الناس باتخاذ إجراء.
ارتفاع فواتير الطاقة
وأوضحت الوكالة أن الأوروبيين شهدوا ارتفاع فواتير الطاقة وأسعار المواد الغذائية في الفترة الأخيرة بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، وأنه على الرغم من انخفاض أسعار الغاز الطبيعي من أعلى مستوياتها القياسية في الصيف، وتخصيص الحكومات 576 مليار يورو "أكثر من 566 مليار دولار" لمساعدة الأسر والشركات، إلا أن هذا لا يكفي للمتظاهرين.
ودفعت أسعار الطاقة التضخم في 19 دولة تستخدم عملة اليورو إلى مستوى قياسي بلغ 9.9% الشهر الماضي؛ ما يجعل من الصعب على الناس شراء ما يحتاجون إليه وفقا للوكالة التي بيّنت أن البعض "يرى القليل من الخيارات سوى النزول إلى الشوارع".
وقال رشيد أوشيم، وهو مسعف كان من بين أكثر من 100 ألف شخص شاركوا في مسيرات احتجاجية الأسبوع الجاري في عدة مدن فرنسية: "اليوم، يتعين على الناس استخدام تكتيكات الضغط من أجل الحصول على زيادة في الأجور".
وزادت تداعيات الحرب في أوكرانيا بشكل حاد من مخاطر الاضطرابات المدنية في أوروبا، وفقًا لشركة استشارات المخاطر "Verisk Maplecroft" البريطانية.
تقويض الدعم
وأشارت الوكالة إلى الدعم المالي والعسكري الكبير الذي يقدمه القادة الأوروبيون لأوكرانيا بقوة، وأرسلوا للبلاد أسلحة مع تعهد بإبعاد اقتصاداتهم عن النفط والغاز الطبيعي الروسي الرخيص، لكن الانتقال لم يكن سهلا ويهدد بتقويض الدعم الحكومي للشعب.
وقال توربيون سولفيديت المحلل في "Verisk Maplecroft": "لا يوجد حل سريع لأزمة الطاقة في أوروبا.. وإذا كان هناك أي شيء، فإن التضخم يبدو أنه قد يكون أسوأ العام المقبل مما كان عليه العام الجاري".
وفي فرنسا، حيث يبلغ معدل التضخم 6.2 %، وهو أدنى مستوى في دول منطقة اليورو البالغ عددها 19 دولة، استجاب عمال السكك الحديدية والنقل ومعلمو المدارس الثانوية وموظفو المستشفيات العامة لدعوة وجهتها نقابة عمال النفط، الثلاثاء؛ للمطالبة بزيادة الرواتب والاحتجاج على تدخل الحكومة في إضرابات عمال المصفاة التي تسببت في نقص البنزين، وفقا للوكالة.
وذكرت الوكالة أنه بعد أيام، انضم آلاف الرومانيين إلى مسيرة في بوخارست؛ للاحتجاج على تكلفة الطاقة والغذاء والضروريات الأخرى التي قال المنظمون إنها تدفع بملايين العمال إلى الفقر.
وفي جمهورية التشيك، طالبت حشود ضخمة في براغ، الشهر الماضي، الحكومة الائتلافية الموالية للغرب بالاستقالة، منتقدة دعمها لعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا.
كما انتقدوا الحكومة لعدم قيامها بما يكفي لمساعدة الأسر والشركات التي تعاني من ضغوط تكاليف الطاقة، وفقا للوكالة.
وبحسب الوكالة، فإنه على الرغم من تنظيم احتجاج آخر في براغ، الأسبوع المقبل، لم تترجم الإجراءات إلى تغيير سياسي حتى الآن، حيث فاز الائتلاف الحاكم في البلاد بثلث مقاعد مجلس الشيوخ بالبرلمان خلال انتخابات هذا الشهر.
إضرابات بريطانيا
وفي بريطانيا لا يزال عمال السكك الحديدية والممرضات وموظفو الموانئ والمحامون البريطانيون ينظمون سلسلة من الإضرابات في الأشهر الأخيرة؛ للمطالبة برفع الأجور بما يتناسب مع معدل التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في أربعة عقود عند 10.1 %.
ولفتت الوكالة إلى أن حركة القطارات توقفت في كثير من المناطق البريطانية في حين أن الإضرابات الأخيرة التي قام بها طيارو لوفتهانزا في ألمانيا وغيرهم من عمال الخطوط الجوية والمطارات في جميع أنحاء أوروبا سعيًا وراء رواتب أعلى تماشيًا مع التضخم، عطلت الكثير من الرحلات الجوية.
وقال سولفيديت، إن الأسر الأوروبية استطاعت توفير الطاقة الشهر الجاري لأن الطقس أكثر اعتدالًا من المعتاد؛ ما يعني انخفاض الطلب على الغاز لتدفئة المنازل.
وأضاف: "إذا كان هناك تعطيل غير متوقع لإمدادات الغاز هذا الشتاء، فعندئذ سنرى على الأرجح زيادة أخرى في الاضطرابات المدنية والمخاطر وحالة عدم الاستقرار الحكومي".