أصبح الاقتصاد حديث الساعة لرجل الشارع وعلى كل المستويات ليس فى مصر وحدها لكن فى كل دول العالم التى تأثرت بالأزمة الحالية.
ولدى المواطن فى أى مكان شغف للمعرفة والإلمام بكل التفاصيل وأثرها على حياته اليومية وأخبار الأسعار وتوافر المنتجات بالأسواق وأسعار الدولار.
الأزمة كبيرة ونحتاج إلى استراتيجية وخطوات سريعة للخروج منها مع خطة متوسطة وبعيدة المدى.
فقد كشفت الأزمة الأخيرة أننا نستورد بكميات كبيرة سلعًا لا محدودة وجزء منها له بدائل فى السوق المصرى وجزء يمكن تصنيعه وجزء للمشاركة والاستثمار المشترك بين الدولة أو الشركات المصرية والأجنبية.
وإذا راجعنا نجد أن ما يتم استيراده له بديل مصرى وهنا يجب أن يتم وقفه أو ترشيده مبدئيًا حتى فى هذه المرحلة الانتقالية.
أظهرت الأزمة عن ضرورة وجود خريطة للصناعات المصرية وكيفية تكاملها مع الإعلام عنها ليتم الربط بين صناعة المكونات فى كل فرع على حده.
الاستسهال فى الاستيراد يزيد الحالة الذهنية لدى المستهلك بأهمية السلعة المستوردة ويزيد من اعتماده عليها.
لدينا آلاف من المشروعات الصغيرة التى تنتج احتياجات مصرية تسد فراغًا كبيرًا فى السوق المصرى.. يجب أن يساهم اتحاد الصناعات فى ربط هؤلاء المنتجين معًا لتكون هناك سلاسل إنتاج تفى باحتياج السوق ووفقًا لرغبات المستهلك.
ولن تنمو هذه الصناعات إلا بالتوسع فى الإنتاج ولدينا سوق كبير يستوعب الكثير من هذه الأفكار والمنتجات.
أيضًا من خلال الأزمة تبين لنا أن هناك العديد من الصناعات فقدناها تباعًا وهى ليست اختراعًا وكانت تنتج فى مصر ولأن ليس هناك رؤية مستمرة وبناء يتم عليه الاستفادة من التراكم فى الخبرات توقف الكثير منها وأهمها.. صناعة الكاوتش.. كانت لدينا مصانع النسر «ناروبين» فجأة اختفت من الأسواق وأصبحنا نستورد كل شىء مع أنه كان منتجًا يتمتع بثقة المستهلك وله جودة عالية.
وإذا كان هناك جدية فى خطة الدولة بناء على توجيهات القيادة السياسية بتوطين الصناعات فصناعة الإطارات مسألة مهمة وضرورية للسوق ونحتاج إلى أكثر من مصنع.
صناعة البطاريات.. أيضًا بدأنا فيها وكان لدينا مصانع مصرية تقلصت وأصبح المستورد هو الأساس.
مكونات صناعة السيارات.. أعتقد أن لدينا مصانع متعددة وهناك صناعة نجحنا فيها لكن نحتاج إلى المزيد من التكنولوجيا والاستثمار لتكون صناعة أكبر وتزيد عن حاجة الأسواق وتمتد إلى التصدير، والأمثلة كثيرة فى صناعات أخرى مثل صناعة التعليب أو التعبئة ولدينا صناعات غذائية متطورة من الألبان ومنتجاتها لكن ليس لدينا مصنع للعبوات الغذائية الصالحة لمثل هذه الصناعات.
الأمر مهم ويتشعب ويجب ألا نترك كل شىء على عاتق الدولة فقد أعلنت أن القطاع الخاص هو قاطرة التنمية ويجب أن يكون كذلك، ليس بالاستثمار فى الإنتاج الاستهلاكى فقط لكن أن تكون لدينا صناعة كبيرة تغطى احتياجات البلاد.
نحتاج إلى بيئة تشريعية أيضًا يطمئن لها المستثمر المصرى والعربى والأجنبى.. المصرى يحتاج إلى التيسير عليه وسهولة استخراج الأوراق وأقل أعباء ليصل بمنتجه إلى السوق العربى والأجنبى ليس بالإعفاءات الضريبية لكن يحتاج إلى وضوح الأمور التالية:
سهولة وسرعة البت فى القضايا التى قد تنشأ عن تعامله فى السوق.
سهولة خروج أرباحه أو أمواله حال انتهاء المشروع.
نفذنا بنية تحتية كبيرة ولا يتمتع بها كثير من الأسواق المنافسة، لكن يجب أن يتم حل الأمور السابقة مع وضوح خريطة الاستثمار وفتح الأسواق وعلى المستثمر اختيار ما يراه الأنسب له إما المشاركة مع الغير أو العمل وحده.
مع فتح الباب للمستثمر المصرى فى التعامل مع البنوك بنفس الميزات الممنوحة للمستثمر الأجنبى.
أكرر ليست الإعفاءات وحدها الجاذبة لكن البيئة التشريعية و المناخ العام لهما الأثر الأكبر.
محاربة الشائعات أو التصريحات التى لها أثر سيئ ويتم تداولها يوميًا وهذا دور الدولة والإعلام.
لدينا إستثمار عربى جديد من وفورات العوائد النفطية وأيضًا الصناديق السيادية العربية مازال حقنا فيها ضعيفًا، بالمقارنة بدولة مثل تركيا التى حصلت على خمسة أضعاف رقم الاستثمار العربى من هذه النوعية فى مصر ووصلت إلى 12 مليار دولار.
فكرة أخيرة
هل يستطيع المستثمر مقابلة المسئول أو الوزير المختص؟!
يجب أن يكون هناك يوم مفتوح للوزراء للتعامل ولقاء المستثمرين سواء مصريين أو أجانب والاستماع لمشاكلهم وإصدار قرارات بحلها.
ومن هنا سيكون له جهاز متابعة لمحاربة الدولة العميقة التى تعوق كل جهد يبنى فى مصر وتذهب القرارات وما أعلن عنه سدى ومن هنا تزداد الفجوة بين الحكومة والمستثمر.
نريد بناء جدار ثقة ولن يتم ذلك إلا باللقاءات المباشرة والمتابعة الفعالة لأنه مازال لدينا المستفيدون من الأزمات، وأيضًا من يسعى لجنى ثمار قرارات الدولة لصالحه لشعوره بأنه شريك معها ويستحق فى غياب الرقابة عليه يجب أن نسارع بالتغيير.