فى المقالة السابقة لإعادة بناء القوات الجوية، بعد يونيو ٦٧، شرحت تطور التدريب لطيارى الميج ٢١..
اليوم وحيث إننى طيار استطلاع، وقائد سرب، ثم لواء الاستطلاع الجوى، أحب التكلم عن تطور معدات الاستطلاع لأثرها الكبير على عمليات وتكتيكات الاستطلاع الجوى.
عندما تشكل أول رف استطلاع كانت طائراته ميج ٢١ نهارى تجهز بكاميرا مدلاة تحت كل جناح، حجمها كبير جدًا وتشكل مقاومة كبيرة تحد من سرعة ومناورة الطائرة بشكل كبير..والاستطلاع بها يتم على ارتفاعات متوسطة، مما يعرضنا لكل أسلحة الدفاع الجوى المعادى ويحرمنا من الطيران على ارتفاعات منخفضة تحقق لنا بعض الأمان.
استمر هذا الوضع حتى سافر ثلاثة طيارين منا إلى روسيا للتدريب على الميج ٢١ مخصصة للاستطلاع، تجهز بمستودعات للاســـتطلاع بالتصويـــــــر والاســـتطلاع الإلكترونى.. ولكن هذه المستودعات كانت ذات حجم ووزن كبير، ويستغرق تركيبها فى الطائرة ساعتين.. غير أن أحد أنظمة التصوير بها لم تستخدم على الإطلاق، نظرًا لأن شروط استخدامها يعرضنا لخطورة عالية جدًا من جميع أسلحة العدو.. والمستودع الإلكترونى، كما كان يحدد فقط تردد الرادارات التى يلتقطها ونسبة الأخطاء فى تحديد موقع الرادار عالية جدًا.
بعد ذلك تم الاستغناء عن مستودع التصوير وركب بالطائرة أربع كاميرات، ذات بعد بؤرى صغير داخل جسم الطائرة، مكان جهاز الرادار، الذى لم يكن له أى استخدام فى أى طلعة، وبذلك احتفظت الطائرة بكل قدراتها على المناورات القتالية مع إمكانية تزويدها بخزانات الوقود الاحتياطية، تحت الأجنحة، وتحت الجسم مما زاد من مسافة الطيران على الارتفاعات المنخفضة جدًا، والتصوير بسرعات عالية أيضًا.
كل هذه التجهيزات نفذها مهندسو الطيران المصريون العاملون فى السرب والعاملون فى الورش الرئيسية للطيران، وهو عمل شاق ويحتاج إلى جهد وكفاءة فنية كبيرة جدًا، بالإضافة إلى ذلك صمموا ونفذوا مستودع تصوير عاليا للتصوير الجانبى، بأن وضعوا كاميرات داخل مستودع وقود فارغ من المستودعات التى تعلق تحت بطن الطائرة مثبتة بزاوية جانبية، وهذا المستودع كان يستخدم فى أحوال كثيرة حتى نهاية الأعمال القتالية وبعدها.
كان لدينا الإصرار والإيمان بأننا نستطيع الدخول إلى معركة مصيرية نحقق فيها انتصارًا كبيرًا.