كاتب مفكر وأديب مثير للجدل صاحبته منذ صغره ملكة التأمل، ومر بمراحل متعددة في حياته، بدأها بالشك وصولا إلى الإيمان، هو الدكتور العالم المفكر مصطفى محمود، الذي رحل في مثل هذا اليوم 31 أكتوبر 2009 الذي اشتهر بتقديمه برنامج "العلم والإيمان" في التليفزيون، هذا البرنامج الذي صنع شعبيته.
عشق الدكتور مصطفى محمود الفن والقراءة والفلسفة فهو شخصية متناقضة منذ صغره، أتقن العزف على الناي والعود وشكل فرقة موسيقية من أصدقائه، حلم من صغره بأن يصبح مخترعا مشهورا.
العمل بالصحافة
درس الدكتور مصطفى محمود الطب بناءا على رغبة أبيه ومارس مهنته سنوات بعد التخرج إلا أنه كره الوظيفة وكره قيودها رغم عشقه لممارسة الطب، ونشر أول أعماله الأدبية بعنوان "القطة الصغيرة" في مجلة الرسالة، ثم نشر مقالاتهِ في مجلة روز اليوسف وهو مازال طالبا، وعمل محررا بجريدة النداء، ثم الرسالة حيث أعجب بكتاباته الدكتور محمد حسين هيكل، وفي عام 1948 تعرف على الصحفى كامل الشناوي ونشر له أول أعماله الأدبية في مجلة آخر ساعة، وانضم إلى مجلة التحرير في سنة 1952، حتى انتهى مشواره الأدبي كاتبا في مجلة صباح الخير ومحررا في باب اعترفوا لى للرد على رسائل القراء الذين كانوا في الغالب قارئات.
الكتابة الإسلامية
ترك مصطفى محمود الطب عام 1960، بعد ممارسة عدة سنوات، واتجه إلى الكتابة والتأمل وحاول أن يجد خلاصه في العلم، بما فيه من يقين ثم في الوجودية، بما فيها من حرية لكنه وجد نفسه في النهاية في الإيمان والعلم معا، وتفرغ للتأمل والأدب والفكر والفلسفة، واتجه إلى الكتابة في الفكر الإسلامي، والإسلام السياسي عام 1970 والماركسية التي انتقدها بشدة وكذلك الشيوعية، وحارب الاشتراكية في كتاباته، كما هاجم المذاهب الأخرى، وأثارت كتبه جدلا واسعا حتى أنه اتهم بالإلحاد.
انتقد بعض الديانات وأصدر كتبًا أثارت جدلا شديدا الى حد اتهامه بالإلحاد ومنها: حوار مع صديقي الملحد، لغز الحياة، لغز الموت، رحلتى من الشك إلى الإيمان.
أما كتبه التي أصدرها بعنوان “الله والانسان، الشفاعة، القرآن”، فقد تعرضت للانتقاد الشديد والمصادرة، وقُدم بسببها الى المحاكمة التي اكتفت بمصادرة الكتب وإعدامها.
حصل الدكتور مصطفى محمود في حياته على جوائز متعددة منها: جائزة الدولة التشجيعية سنة 1970 في الأدب عن رواية رجل تحت الصفر، وجائزة الدولة التشجيعية سنة 1975 في أدب الرحلات عن كتاب “مغامرة في الصحراء”، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة 1995.
عشق أم كلثوم
ورغم نجاحات مصطفى محمود وشهرته، إلا أنه احتجب عن الأنظار واتجه الى الزهد وأصيب باكتئاب شديد أعقبه رحلة مع المرض أفقدته الذاكرة فى أواخر حياته إلى أن رحل عن الدنيا.
تعرف مصطفى محمود على أم كلثوم وكانت تستعين به أحيانا في اختيار أغانيها وصادق عبد الحليم حافظ ورأى فيه فنانًا صنعته المعاناة والمرض وهو الخيط المشترك بينهما لذلك كان قريبا منه، أما رفيقه الحقيقى فكان الموسيقار محمد عبد الوهاب الذى عن طريقه تعرف على نجوم الفن والطرب في المجتمع.
انطواء وتأمل
وبخصوص حياته، قال الدكتور مصطفى محمود: فقد أهلى الأمل فى استكمال تعليمي وترك لي والدي حرية التصرف في حياتي ومستقبلي، وعشقت الوحدة وتأمل الحياة حولي، للأسف لم يكن لي أي أصدقاء في هذه الفترة بسبب طفولتي المليئة بالحزن والمرض، فكنت كثيرا ما أجلس في المستشفى مما جعلني أكثر انطوائية، إلى جانب أنني كنت أشعر بأنني أكبر من زملائي من هم في مثل سني.