تقرير: الضوابط الجديدة لصادرات أشباه الموصلات نقطة تحول في التنافس الصيني ـ الأمريكي

تقرير: الضوابط الجديدة لصادرات أشباه الموصلات نقطة تحول في التنافس الصيني ـ الأمريكيأمريكا

عرب وعالم31-10-2022 | 14:21

أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق من شهر أكتوبر الجاري ضوابط صارمة جديدة بشأن تصدير أشباه الموصلات المتطورة، والمعدات و البرمجيات اللازمة لتصنيعها إلى الصين، وبهذه الضوابط الجديدة تحرم واشنطن بكين من العناصر الأساسية ل تطوير التكنولوجيا المستقبلية وعلى وجه الخصوص تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وأجهزة الحوسبة العملاقة.

ويرى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية -في تقرير له- أن هذه الإجراءات الجديدة التي فرضتها واشنطن تبدو، بعد العقوبات المختلفة لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب المُطبقة منذ سنوات، مجرد خطوة أخرى ضمن قائمة تطول. وتمثل هذه الضوابط في واقع الأمر قطيعة حقيقية مع عقيدة الولايات المتحدة الأمريكية المتبعة منذ أكثر من 20 عاما فيما يخص التكنولوجيات التي تستهدفها وأيضا طبيعتها.

وأشار المعهد إلى أن الضوابط التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الجاري تمثل قطيعة مزدوجة، فهي تستهدف، أولا، دولة بعينها هي الصين، بينما كانت تميل أنظمة الرقابة على الصادرات منذ نهاية الحرب الباردة إلى استهداف التكنولوجيا المتعلقة بالأسلحة (لاسيما أسلحة الدمار الشامل)، كما تستهدف في المقام الثاني وبصورة أساسية التكنولوجيا التجارية.

وأوضح أن هذه الإجراءات تجسد تغييرا للمسار، وهو ما أعلنه جيك سوليفان، مستشار الرئيس الأمريكي بايدن للأمن القومي، في 16 سبتمبر الماضي، في تصريحات قال فيها: "لم يعد الهدف الأمريكي كما كان من ذي قبل وهو الحفاظ على فجوة تكنولوجية لجيلين مع الصين، وإنما الحفاظ على موقع الصدارة على أوسع نطاق ممكن، وبالتالي وقف التقدم التكنولوجي الصيني في القطاعات الرئيسية".

ومع هذه القيود، وفقا للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فإن واشنطن وإن كانت تشير إلى أن هذه التدابير لا تمثل برنامجا عاما لـ"فك الارتباط"، فإنها تعبر عن الرغبة الأمريكية في تجميد القدرات الصينية في مجال أشباه الموصلات من أجل الاحتفاظ بموقع الصدارة للتكنولوجيا الأمريكية وهي ضرورة حقيقية للأمن القومي الأمريكي.

ولفت إلى أن ما يثير قلق الأمريكيين، في حقيقة الأمر، هو "التأثير المضاعف" للتكنولوجيات المتقدمة ـ أشباه الموصلات المتطورة والحواسيب العملاقة والكمومية والذكاء الاصطناعي، والاستراتيجية الصينية للاندماج المدني ـ العسكري.

وبالنسبة لواشنطن، لم يعد من الممكن فصل سعي الصين للحصول على موقع مهيمن في هذه القطاعات الاقتصادية الرئيسية عن التهديدات الاستراتيجية والعسكرية التي تشكلها بكين. ووفقا للتقرير، من هنا جاءت التدابير الأمريكية الصارمة لمنع وصول الصين، ليس فقط إلى التقنيات المتعلقة بأشباه الموصلات المتقدمة – التي تقل دقتها عن 14 نانومتر – وتصنيعها، ولكن أيضا بالنسبة للأشخاص – بالمعنى الواسع – الذين يمكنهم المساهمة في تقدم الشركات الصينية في هذا القطاع.
وبالتالي فإن القيود الأمريكية الأخيرة تمنع أي مواطن في الولايات المتحدة أو أي شخص يحمل بطاقة الإقامة الدائمة "جرين كارد"، أو أي شركة أمريكية من دعم تطوير أو إنتاج رقائق متقدمة في الصين.
ويرى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن الإجراءات الأمريكية ستسفر عن عواقب وخيمة للغاية على الشركات الصينية المصنعة للرقائق المتطورة وستدفع الصين نحو مضاعفة جهودها في السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي.
كذلك فإن التداعيات الملموسة لهذه الإجراءات ستتجاوز ما هو أبعد من الصين. إذ تتجاوز الحدود الإقليمية (حدود الولايات المتحدة)؛ حيث تشمل المنتجات غير الأمريكية المُصنعة باستخدام تقنيات أمريكية، وبالتالي تسمح ل واشنطن بتقييد بعض صادرات الشركات الأجنبية، بما فيها الأوروبية، إلى الصين.
وبحسب التقرير، فإن الصين حرصا منها على تجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع القوة الرائدة في العالم (أمريكا)، يمكنها أن تسعى إلى توجيه جهودها نحو حلفاء الولايات المتحدة، في محاولة لشق صف المعسكر الغربي وممارسة ضغط غير مباشر على واشنطن.
وتابع أن تبني هذه التدابير بشكل أحادي الجانب وتطبيقها خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية يقوض مصداقية خطابات إدارة بايدن حول أهمية التعددية، وهو أمر أثار اعتراض الحلفاء الأوروبيين والآسيويين، ومع ذلك، هناك إجماع متزايد، في أوروبا نفسها، على الحاجة إلى نهج أكثر حزما حيال الصين.

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2