صدق أو لا تصدق 25 مليار جنيه إنفاق مصريين على فك الأعمال السفلية وصرف عين الحسود، وذلك حسب دراسات المركز القومى للبحوث الاجتماعية، قد يكون الرقم مبالغًا فيه، ولكن هناك عدة دراسات اجتماعية، ومؤشرات كثيرة توضح صحته، وأبرزها أن ما يقرب من نصف نساء مصر لا يساورهن شك فى أعمال السحر والدجل، كما أن نسبة لا بأس بها من المثقفين وشخصيات من صفوة المجتمع، خلافا لمشاهير الفن والرياضة، جميعهم يريدون طرد السحر والحسد من أجسامهم.
ومن جهة أخرى، موجة دراما السحر والشعوذة تزيد من حالة الاعتقاد الكاذب بالدجل والدجالين، ولازالت الموجة تقتحم مواقع المشاهدة على الإنترنت وتنتظر بثها على الفضائيات، ويثير الدهشة أكثر تسجيلها نسب مشاهدة عالية.
ويرجع هذا الجنون إلى إصابة عاشقيها نجواء فكرى وروحى، وتذكر عدد من الدراسات النفسية أنها محاولة منهم للهروب من مواجهة واقعهم، وبمعنى آخر أن رغبتهم فى الذهاب إلى المشعوذين، تمثل وسيلة لهم للتفريغ النفسى، وبحثا عن علاجا لإزالة خوف يسيطر على عقولهم، لا يدركون مصدره، وفى المقابل اعترف بها أشخاص أمثالهم، سبق أن مروا بنفس الحالة، وكان لها الفضل فى ثباتهم الروحى.
والسؤال هل يعجز القائمون على الأعمال الدرامية عن طرح أفكارا أكثر واقعية، تحاكى مشاكل أسرية واجتماعية حقيقية، وليست دخيلة على عادات المجتمع، كما فى دراما العنف والبلطجة، التى تتبادل الدور مع مسلسلات الدجل، وتتنافس معها فى نسب المشاهدة.
ودراسات اجتماعية تعترف أن مجتمعنا العربى فيه نسبة كبيرة تلبسها ظنون سيطرة الجن على البشر، وأن الحسد هو السبب الرئيسى فى كل ما يعتريهم من أمراض وفشل، وهؤلاء لا يختلفون عن ثقافة وعادات قبائل إفريقية تسكن الكهوف.
ونطرح على محبى السحرة أن يوجهوا دعوة إليهم للقضاء على مرض السرطان وهزيمة جيش الاحتلال الإسرائيلى، نظرًا لما يمتلكون من قوة خارقة فولاذية، حسب اعتقاد المغرمين بهم، وأن يجعلوا الطلاب والموظفين الفاشلين متفوقين وعباقرة.
وإذا كانت دراما الشعوذة تحقق أرباحا ضخمة، فمن ناحية أخرى تصيب مشاهديها بالبلادة والذعر، وتزيد لدى المتخلفين منهم معدلات الجهل والفشل، ويصبحون عبئا على مجتمعاتهم، يفتقرون القدرة على الإنتاج الجيد أو الإبداع، ونناشد الظانين بقوة السحرة أن يصرفوا أموالهم التى تقدر بالمليارات على الفقراء المستحقين، وأجزم لهم أنها السبيل الأمثل لإزالة مخاوفهم.