فنان شديد العذوبة والرهف حتى يكاد يخترق أعماقك ويكشف عن أسرارك ويخاطب فيك روحك من خلال عينيه، تلك العينان السمراوتان الصادقتان اللتان ذرفتا الدموع ببساطة لذكرى صدمة فقدانه للمادة الفيلمية لأحد أحب أعماله إليه وهو "همام في امستردام"، وبالرغم من أن تلك الصدمة سرعان ما انجلت آنذاك، لكنه استحضرها كاملة أمام الحضور خلال ندوة للاحتفاء به وتكريمه بمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط .
وكأن العمر عمل فني طويل يختزن فيه كل مشهد بمشاعر حية تنبض يشاهدها وحده كلما احتاج، وربما كان هذا المخزون هو مصدر إبداعه ورؤاه الإخراجية شديدة الخصوصية، إذ يكفي تعبير «السهل الممتنع» لتقييم تجربته السينمائية التي عبر خلالها عن الكثير من المعاني الإنسانية والإشكاليات الاجتماعية فى أبسط وأعذب صورة، بداية من نقطة الانطلاق فى صعيدي فى الجامعة الأمريكية، وحتى "على جنب يا اسطى".. الكثير من الذكريات والمفاجآت يكشفها سعيد حامد لنا من خلال هذا الحوار معه.
لماذا بكيت خلال ندوة تكريمك مؤخرًا بمهرجان الإسكندرية السينمائي؟!
بكيت لأنني تذكرت ضياع مادة فيلم "همام فى امستردام" إذ إنني استحضرت اللحظة كاملة بمشاعرها آنذاك فيلم استطاع المقاومة، فاستحضار لحظة الصدمة باختفاء الفيلم والحسرة على أنه لن يرى النور كانت كبيرة جدًا، خاصة أنني أعتبره أهم من فيلم "صعيدي فى الجامعة الأمريكية"، لأن الأول يقدم رسالة خطيرة للشباب عن المثابرة من خلال نموذج شبابي يعاني الإحباط والفقر وقلة الحيلة لكنه "من تحت الأرض" يتخطى عقبات خسارة حبيبته وعدم تمكنه من إيجاد ثمن تذكرة سفره ويتم النصب عليه فى الفيزا ويسافر لمواجهة الغربة حتى يصل لحلمه فى النهاية.
وما أحب أفلامك إلى قلبك؟!
كل أفلامي أولادي ولو اخترت بينها فلابد أن أذكر فيلم "الحب فى التلاجة" على رأسها، لأني وضعت طاقتي الكاملة فيه آنذاك وكنت أحلم بأن أكسر السينمات بفكر جديد واختلاف وعلى الرغم من فشله بسبب مشاكل فى تقنيات الصوت إلا أنني أدين له بالفضل لأنني تعلمت من أخطائي خلال تجربتي الثانية "صعيدي فى الجامعة الأمريكية".
هل أنت غاضب من الإعلام.. لذلك تعزف عن الظهور فى البرامج والحوارات الصحفية؟!
لست غاضبًا من الصحافة والإعلام لكني أفضل أن أكون قليل الظهور ولا أحب المشاركة بالبرامج أو الخروج عن نطاق عملي، لا بأس فى أن أتحدث عن تكريمي أو كواليس أعمالي إذا سنحت الفرصة، لكن لا أحب أن ينزعني أحد من أفكاري.
لماذا غبت طويلاً عن السينما؟!
أغيب عن السينما منذ إنتاج فيلم "على جنب يا اسطى" الذي وضعت فيه كل فلوسي إلى جانب مشاركة بطله أشرف عبد الباقي فى الإنتاج، ولم أستردهم كاملا إلا بعد 6 أو 7 سنوات بسبب التوزيع والعرض التليفزيوني، فلم أستطع أن أكمل فى طريقي وأصنع الأفلام التي أريد، بالإضافة إلى أن مشروعاتي السينمائية تقابل بالرفض من كثير من النجوم ويصعب توافر نجم يستطيع صناعة فيلم جيد ويتحمس له الموزعون، لأنهم لا يستوعبون الفكر الجديد فجميعهم يريد أشكالاً نمطية متشابهة لاعتقادهم أنها تضمن النجاح.
هل اختيار أشرف عبد الباقي لبطولة "على جنب يا اسطى" أثر على نجاحه؟!
أشرف عبد الباقي لم يكن محظوظًا فى بداية ظهوره كبطل بالسينما فى "أشيك واد فى روكسي"، وتعثر الفيلم بسبب صراعات إنتاجية بينه وبين حسين الإمام، وعندما لا يترك العمل الأول للفنان انطباعًا قويًا ومؤثرًا لا يحقق له صدارة يستمر فى تعثره.
على العكس تمامًا، نجد نجما آخر مثل أحمد السقا، واشترك معي فى "صعيدي فى الجامعة الأمريكية" فى دور صغير، وفى "همام فى امستردام" كذلك، لكن عندما حانت لحظته فى "شورت وفانلة وكاب"، وتبلورت نجوميته كانت صحيحة وناجحة.
ما رأيك فى تجربة أشرف عبد الباقي المسرحية؟!
أرى أنها أنجح كثيرًا من تجربته فى السينما، وكما أطلقت تجربة فيلم "صعيدي فى الجامعة الأمريكية" 12 ممثلاً ونجمًا ونجمة، كذلك فعل "مسرح مصر" الذي أطلق 12 ممثلاً كوميديًا موهوبًا، أما صدارتهم ونجاحهم فيتوقف على حب الجمهور الذي تقبلهم بنكهات مختلفة، فإذا كان علي ربيع بالنسبة لي هو الأقوى بالنسبة لغيري ربما حمدي المرغني.
في دورته الرابعة والأربعين .. ولماذا لم يستمر تعاونك مع الفنان محمد هنيدي بعد أن قدم معك ثلاثة من أهم أفلامه؟!
أعرف هنيدي منذ سنوات طويلة وقبل أن نعمل سويًا، حتى إنه شارك فى فيلم الحب فى التلاجة عام 1992 بدور صغير وخلال الكواليس كصديق، وعملنا فوازير أبيض وأسود، وعلاقتي به شديدة الخصوصية وأعتبره ابني، طول الوقت أراقبه، ربما تجربتي معه مميزة فى صعيدي فى الجامعة الأمريكية وهمام فى امستردام ويانا يا خالتي، لكني أعتز كذلك برشة جريئة و شورت وفانلة وكاب و طباخ الرئيس وعودة الندلة واوعى وشك وحمادة يلعب، ولازال لدي الكثير لعمله وإمتاع الجمهور به وانتظروا تعاونًا قادمًا بعمل جديد مع هنيدي.
ماذا عن مشاريعك السينمائية القادمة؟!
عندي مشاريع ما يصل لأكثر من 10 أفلام، وفى عقلي الكثير من الأفكار الجاهزة للخروج للنور، لكني حاليًا فى طور التحضير لفيلم بعنوان "برة الشباك" بطولة محمد عادل "ميدو" الذي أرى فيه نجم المستقبل ومتفائل به جدا لأني أتابعه منذ بدايته.