«فضل ونعمة» .. خطوة على الطريق الصحيح

«فضل ونعمة» .. خطوة على الطريق الصحيحمحمود عبد الشاكور

الرأى2-11-2022 | 10:03

الفيلم أيضا منح ماجد الكدواني و هند صبري الفرصة لتقديم ثنائي كوميدي مميز، يمكن أن يستمر فى أفلام قادمة، لو أحسن صناع الفيلم العمل على فكرة هذين الزوجين، وعلاقتهما مع ابنهما وبنتهما، ومشروعاتهما الفاشلة فىمجال إعداد الطعام فى المنزل، وتسويقه، كما أن من أفضل عناصر المعالجة، هذا الشكل الطفولي الساذج للشخصيتين، فى ملابسهما المنزلية، بل إننا منذ البداية أمام ألعاب وحكايات تنتمي أكثر إلى عالم حكايات الكوميكس، تستهدف الإضحاك، ولكن من دون أن تتجاهل فكرة اهتمام الأبوين بصورتهما أمام الأبناء، وهناك فىالفيلم مشهد جيد يمتليء بالشجن، لأن فضل ونعمة لا يحظيان باحترام ابنتهما ليلى وابنهما علي، والابنان ينتميان إلى جيل الصورة والموبايل والعالم الإفتراضى، وإلى جيل معجب جدا بالحياة والثقافة الغربية، وقد أتقن الفيلم رسم هذا الخط الإنساني فىإطار أحداثه الظريفة.
فضل ونعمة زوجان يعملان فى مجال تسويق الطعام المنزلى، ولكنهما يتورطان رغما عنهما مع عصابة قام أحد أفرادها بدس شحنة من المخدرات وسط منتجات شركة للأغذية، واستقرت الشحنة فى مخزن أطعمة فضل ونعمة، والآن على الثنائى، الذى يتميز بالحماقة والسذاجة، أن يخوضا منافسة لأفضل وجبة شكشوكة، للفوز بمكافأة تتيح لهما عمل مطعم كبير، ولكنهما يجدان نفسيهما تحت تهديد عصابة المخدرات، حيث تطلب العصابة من فضل ونعمة تصريف البضاعة، فيما يظهر من يمثل الشرطة، ويطالب فضل ونعمة بأن يساهما فى إثبات علاقة العصابة بشحنة المخدرات، والقبض على تجار الصنف من أجل الوطن، ومن ناحية ثالثة، تبدأ علاقة الزوجين فى التدهور مع ابنيهما ليلى وعلي، خاصة بعد فضائح الأبوين، وتصرفاتهما الحمقاء، التي تصور وتبث على الإنترنيت، ومع تعقد الحكاية، وزيادة المفارقات، وتحول المهمة السرية إلى بث مباشر، وبسبب ثرثرة نعمة التي لا تتوقف، تسوء الأمور، فيقرر الزوجان أن يكونا جديرين باحترام الابنين، وينجحان أخيرا فى الإفلات من مأزق المخدرات، والإيقاع بالعصابة التى تلاعبت بهما.
مع إيقاع سريع، وكتابة تخلو من الإستطراد، ومع هذه الكيمياء بين ماجد وهند، ومع حشد من ضيوف الشرف، الذين يظهرون فى أدوار قصيرة، مثل محمد شاهين ومحمد جمعة والشيف علاء الشربيني وبسنت شوقي ومحمد ممدوح وإسعاد يونس ومي كساب، يحقق الفيلم تسلية ظريفة، رغم أجواء تذكرنا بالحياة الغربية، مما قد يجعلنا نخمن بوجود أصل أجنبي للقصة، ولكن أيمن وتار نجح عموما فى سرد حكايته، مع رسم جيد لملامح فضل ونعمة: الأول زوج مصري بسيط، والثانية سيدة ثرثارة لا تكتم سرا، ولكن الاثنين يريدان الحفاظ على الأسرة، ويمتلكان حلما بالنجاح، مع كثير من السذاجة البادية فى تصرفاتهما، ومع وجود ومسافة كبيرة تفصلهما على جيل الابنين، والفيلم بأكمله يبدو كما لو كان محاولة لردم هذه المسافة.
ربما تكون الملاحظة الأهم على الكتابة عدم التأسيس الجيد لعلاقة العصابة مع فضل ونعمة، فالأقرب للمنطق هو أن يتم إجبار فضل ونعمة على إعادة شحنة المخدرات بأكملها، لا أن تستخدمهما العصابة فىالترويج للمخدرات، وهي الحكاية التي تقوم عليها الحبكة كلها، ومع زيادة حماقات فضل ونعمة ومشاكلهما، فإن المنطقي أن يغير موقف أبطال العصابة الثلاثة بيومي فؤاد وسما إبراهيم ومحمود حافظ من خطتهم السابقة بالتعاون مع فضل ونعمة، وفى المقابل، فإن تدخل رجل البوليس (محمد ممدوح) جاء متأخرا، بينما كان حضوره مبكرا كفيلا بزيادة الصراع والمفارقة، ولكن السيناريو استطاع عموما أن يصنع مواقف مرحة، والأجمل أن رامي إمام فرض إيقاعا ممتازا، لأنه مناسب تماما لهذه اللعبة التي لا تتوقف، فلم يخضع لإغراء نجاح مشهد كوميدي ليكون أطول من اللازم، ولم ينطلق المملثون بدورهم فىالإضافة، الكل كان يؤدي من خلال المشهد والحوار والإيقاع المطلوب للفيلم كله.
عناصر كثيرة جيدة كذلك حققت هذا التميز، مثل مونتاج محسن عبد الوهاب، وتصوير أحمد زيتون، وموسيقى تامر كروان المرحة ، والتي تواكب معظم مشاهد الفيلم، وتعلق عليها، وهناك أيضا ديكورات عمرو صالح، وملابس مروة عبد السميع، وهما من عناصر صناعة هذا الجو الملون والمبهج.
ماجد الكدواني و هند صبري قدما الإفيهات ببساطة ودون افتعال، وإن كانت هند تحتاج إلى سلاسة أكثر فى ضبط الإفيه، وربما كان محمود حافظ ومحمد ممدوح ومحمد رضوان هم الأكثر لمعانا وبريقا فى أدوارهم المساعدة، ورضوان تحديدا له حضور وقدرة جيدة على الأداء الضاحك، وسيحقق أشياء جيدة إذا اتيحت له أدوار كثيرة فى هذا المجال.
أما أيمن وتار فهو يستطيع أن يقدم الكثير، بشرط ألا يستسهل، أو يكرر، وبشرط أيضا أن يطور من قدراته على إتقان الحبكة، بجانب براعته فى خلق المواقف الكوميدية، وإدارة حوارات ذكية خفيفة الظل، ورسم نماذج وشخصيات طريفة، وما أكثر النماذج المصرية العجيبة فى كل مكان، والتي تستحق أن تستلهمها سيناروهات هذا الكاتب الموهوب.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2